وقد تأول الطحاوى هذا الحديث بأن الرجل قد فعل ذلك ليس من باب قتل النفس، بل فعله للعلاج ليبقى بقية يديه وتسلم له نفسه، فلم يكن في ذلك مذموماً!! (مشكل الأثار (١/ ١٨٧)) قلت: ولا شك أن هذا التأويل خلاف ظاهر الحديث لفظاً ومعنى؛ فقد ورد فى الحديث: " أنه قد جَزِعَ، فَأَخَذَ مَشَاقِصَ، فَقَطَعَ بِهَا بَرَاجِمَهُ "، والجزع هو فقد الصبر مما ألم به من شدة الألم. أضف إلى ذلك أمور: ١ - الأول: ما ترجم به العلماء للحديث كما عند مسلم، باب: "الدليل على أن قاتل نفسه لا يكفر". ٢ - الثانى: أنه قد ورد في هذا الحديث أن الرسول -عليه الصلاة والسلام - قد دعا لهذا الرجل بالغفران، وذلك لا يكون إلا عن جناية كانت منه على يديه استحق بها العقوبة. ٣ - أن لو كان الأمر كما ذكر الطحاوى لكان هذا الرجل قد أخطأ في اجتهاده، فهو أولى بالعفو من الرجل الذى قد عفا الله -تعالى - عنه رغم شكه في قدرة الله -تعالى-على جمعه وإحياءه بعد حرقه وسحقه. (٢) مدارج السالكين (١/ ٣٩٨) *فائدة مهمة: قد توسَّط أهل السنة فى مسألة الفرق بين الكفر والكبيرة من حيث الحكم عليهما بالتكفير، فعند غلاة المرجئة أن من فعل كفراً -من غير عذر معتبر- لا يكفر إلا بالاستحلال، وأما عند الخوارج فقالوا بكفر فاعل الكبيرة، ولو وقعت منه من غير استحلال. وأما أهل السنة فقالوا بكفر من أتى ناقضاً من نواقض الإيمان، ولو لم يكن مستحلاً، وأما ما دون الكفر فلا يكفر فاعله إلا بالاستحلال. (٣) وانظرفتح الباري (١/ ١١٣) وأحاديث العقيدة التى ظاهرها التعارض (ص/٤٣١)