للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ومثاله:

ما ورد من قول جابر رضي الله عنه: كانت اليهود تقول: من أتى امرأة من دبرها في قبلها جاء الولد أحول، فأنزل الله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: ٢٢٣]، الآية. (١)

وهذا بخلاف سائر تفاسير الصحابة -رضى الله عنهم- التى لا يضاف شيء منها إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو داخل فى حكم موقوف.

*الفائدة الثانية: قول الصحابة رضى الله عنهم: أيُّنا لا يظلم نفسه؟

فالصحابة - رضي الله عنهم - حملوا اللفظ على عمومه، فشق عليهم إلى أن أعلمهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه ليس كما ظننتم، بل كما قال لقمان عليه السلام. *فإن قلت: من أين حملوه على العموم؟

قلت: لأن قوله: (بظلم) نكرة في سياق النفي، فاقتضت التعميم، وفيه أن العام قد يطلق ويراد به الخاص، فقد حمل الصحابة - رضى الله عنهم- ذلك على جميع أنواع الظلم، فبيَّن الله - تعالى - أن المراد نوع منه. (٢)

قال ابن القيم:

لما أشكل علي الصحابة -رضى الله عنهم - المراد بالظلم، وظنوا أن من ظلم نفسه أي ظلم كان لا يكون آمناً، أجابهم بأن الظلم الرافع للأمن والهداية على الإطلاق هو الشرك، وهذا - والله - الجواب الذي يشفي العليل ويروي الغليل؛ فإن الظلم المطلق التام هو الشرك الذي هو وضع العبادة في غير موضعها، والأمن والهدى المطلق هو الأمن في الدنيا والآخرة، فالظلم المطلق التام مانع من الأمن والهدى المطلق، ولا يمنع ذلك أن يكون مطلق الظلم مانعاً من مطلق الأمن ومطلق الهدى فتأمله، فالمطلق للمطلق والحصة للحصة. (٣)

قال الخطابي:

إنما قال الصحابة هذا القول لأنهم اقتضوا من الظلم ظاهره الذي هو الافتيات بحقوق الناس، أو الظلم الذي ظلموا به أنفسهم، من ركوب معصية أو


(١) متفق عليه.
(٢) عمدة القاري شرح صحيح البخاري (١/ ٢١٦)
(٣) الصواعق المرسلة (٣/ ١٠٥٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>