للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبين *الحديث القدسى والحديث النبوى أوجه تشابه وأوجه اختلاف. (١)

فهما يتفقان ويفترقان:

١ - أولاً: أوجه الاتفاق: كلاهما كلام الله -تعالى- لفظاً ومعنى.

٢ - ثانياً: أوجه الافتراق:

أ) أن القرآن قد تكفَّل الله -تعالى-بحفظه، كما قال عزوجل (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)) (الحجر/٩)، ولذا فالقرآن كله قطعي الثبوت و متواتر النقل. وأما الحديث القدسي فليس كذلك؛ فإن فيه الصحيح وفيه الضعيف.

ب) أن القرآن قد تحدّى الله -تعالى- به مشركى العرب أن يأتوا بمثله، فهو مُعجِز بلفظه ومعناه، قال تعالى (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٨)) (يونس/٣٨)، وقال تعالى (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٣) (هود/١٣)، ومثل هذا لم يقع مع الأحاديث القدسية، فليست الأحاديث القدسية محلّ تحدٍّ.

ج - أن القرآن قد تعبَّد الله -تعالى- الناس بتلاوته، وتلاوته لا تكون بالمعنى. قال عزوجل (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (٢٧)) (الكهف/٢٧)

وعن أَبى أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ- رضى الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ:

«اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ، وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطلة». (٢)


(١) انظرقواعد التحديث (ص/٦٥) وتيسير مصطلح الحديث (ص/١٥٨)
(٢) أخرجه مسلم (٨٠٤) باب فضل قراءة القرآن، وسورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>