للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظهيرهم، يتولاهم بعونه وتوفيقه. (١)

وقد سمّى اللَّه - تعالى- نفسه بهذا الاسم، فهو من الأسماء الحسنى، قال اللَّه تعالى {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} (الشورى/٢٨)

*وتأمل في هذه اللطيفة:

قوله (من عادى لي ولياً):

وإنما قال: «من عادى لي»، ولم يقل: «وليا لي»؛ تفخيماً لشأن العداوة؛ لأن في الأول إيذاناً بأن عداوة وليّ، كأنها عداوة الله تعالى، بخلاف الثاني. (٢)

قالَ عَبْدُ اللَّهِ بن الزبير رضى الله عنه:

لَمَّا وَقَفَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الجَمَلِ دَعَانِي، فَجَعَلَ يُوصِينِي بِدَيْنِهِ، وَيَقُولُ:

«يَا بُنَيِّ إِنْ عَجَزْتَ عَنْهُ فِي شَيْءٍ، فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ مَوْلَايَ»، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا دَرَيْتُ مَا أَرَادَ حَتَّى قُلْتُ: يَا أَبَةِ مَنْ مَوْلَاكَ؟ قَالَ: «اللَّهُ»، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا وَقَعْتُ فِي كُرْبَةٍ مِنْ دَيْنِهِ، إِلَّا قُلْتُ: يَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ، فَيَقْضِيهِ. (٣)

وكما أن الله -تعالى - يتولى أولياءه كذلك فإن اللَّه - عز وجل - يتولاه عباده الصالحون بعبادته وطاعته والتقرب إليه بالقُربات، وفعل الطاعات وترك المنكرات.

* وقد وقع فى زماننا لغلط وخلط في اصطلاح " أولياء الله "، فصار هذا اللفظ يطلق على أناس من رؤوس البدع والضلال، يترك الواحد منهم الصلاة بالكلية بدعوى أنه قد وصل إلى درجة اليقين، الوارد فى قوله تعالى (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩)) (الحجر/٩٩) (٤)

والتى هى - على زعمهم- منتهى وغاية تحقيق العبادة، وبذلك يصير ولياً من


(١) جامع البيان في تأويل القرآن (٥/ ٥٢٤)
(٢) فيض الباري على صحيح البخاري (٦/ ٢٧٠)
(٣) أخرجه البخاري (٣١٢٩)
(٤) ومما يذكر عنهم فى قضية سقوط التكاليف وسقوط التعبدات أنَّ الإنسان منهم يترقَّى فى درجات الوصول، حتى إذا جاءه اليقين فقد سقطتْ عنه الشريعة؛ لأنَّ الصوفي عندهم يبدأ مُريداً، ثمَّ سالكاً، ثم واصلاً، والواصل: أي: الذي وصل إلى الحقيقة، وسقطت عنه التكاليف، وسقطت عنه التعبدات.

<<  <  ج: ص:  >  >>