للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد خاطبنا الله - تعالى - بلسان عربي مبين وبما نفهمه ونعقل معناه.

والأصل في الكلام أن يجري على ظاهره، فنحن نعلم معاني صفات الرب سبحانه، ولا نعلم كيفيتها ونقطع بأنها لا تماثل صفات المخلوقين، ولم يزل الأئمة يذكرون كلمة الإمام مالك، والتى تقال فى كل صفة من صفات الله عزوجل:

فمعانيها غير مجهولة، وكيفيتها غير معقولة، والإيمان بها واجب، والسؤال عنها بدعة. فهذا هو منهج أهل السنة في صفات الباري تعالى. والله أعلم.

*وكذا يقال هنا:

أن القول بحمل الأيات التى أثبتت صفة اليدين لله - تعالى- على المجاز، فهذا وإن استقام مع ظاهر الأدلة التى أثبتت اليد، فكيف يستقيم ذلك مع الأدلة الأخرى التى ذكرت متعلقات هذه اليد من ذكر البسط بها والقبض و الهز، كما هو وارد فى حديث الباب، وكذلك ذكر الأصابع والأنامل والكف واليمين والشمال؟!!

فكل ذلك لا يكون إلا ليد حقيقية لله -عزوجل- على ما يليق بجلاله وعظمته.

* وأما تأويلهم صفة الأصابع: أنها " النعمة "؛ استناداً إلى قول الرَّاعِي يَصِفُ رَاعِيًا:

ضَعِيفُ العَصَا بادِي العُرُوقِ تَرَى لَه... عَلَيْهَا إِذا مَا أجْدَبَ الناسُ إصْبَعاً

والاصبع الأثر الحسن، يقال للراعي الحسن الرعية للإبل الجميل الأثر فيها:

إن له عليها إصبعاً. (١)

* فجوابه:

قد روى أَنَس -رضى الله عنه - أن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: "يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟ قَالَ:

"نَعَمْ، إِنَّ القُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ ". (٢)

فلو كانت الأصابع هى النعمة، لكان قلب المؤمن بين نعمتين من نعم الله، ولكان


(١) البيت فى اللآلئ (٥٠، ٧٦٤)، وانظر لسان العرب (٨/ ١٩٣) ومجمل اللغة (٥٤٩)
(٢) رواه الترمذى (٢١٤٠) وقال: هذا حديث حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>