للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهى - وللأسف- عقول أنهكها داء عضال وهو أن:

" لازم إثبات الصفات مشابهة الخالق للذوات "، فراحت تتبع نصوص الصفات الواضحة للي أعناقها حسب ما جرهم إليه منهج التنزيه القائم على تعطيل ما وصف الله - تعالى- به نفسه.

وكم يمتطون مراكب التأويل قاصدين سراب التنزيه، حتى تحط رحالهم فى ظلمات التعطيل (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)

* ثم يقال:

كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يغضب لنفسه قط، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله، فينتقم لله عز وجل، فأنَّى له - على ما زعمتم - أن يسمع الباطل ولا يغضب لله عزوجل، وينكر هذا المنكر؟!!

* ومن عجيب تأويلهم:

ما نص عليه الرازى تأويلاً لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

... «إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ... " قال:

ويدل على تأويله وجوه: أنه يلزم أن يكون أصبعاه فى أجوافنا مع أنه على العرش عند المجسمة!! (١)

* والرد عليه أن يقال:

أولاً:

أن أهل السنة فى حلٍ من هذه الإلزامات الباطلة، لأنهم أحسنوا فهم المراد من دلالات النصوص الشرعية، وإنما العيب فيمن كان معطوباً فى فهمه ثم يأتى ليلزم الناس بإلزامات لم يقل بها أنس قبله ولا جآن.

قال شارح الطحاوية:

ويجب أن يعلم أن المعنى الفاسد الكفري ليس هو ظاهر النص ولا مقتضاه، وأن من فهم ذلك منه فهو لقصور فهمه ونقص علمه. (٢)

وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً... وآفتهُ مِنْ الفهم السّقيم.

٢ - ثانياً: أن قوله صلى الله عليه وسلم: " بين أصبعين " لا يلزم من البينية المماسة، فنظير ذلك قوله تعالى عن السحاب {وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} [البقرة: ١٦٤]، إذاً


(١) وانظرأساس التقديس (ص/١٣٦) وجناية التأويل على الفاسد العقيدة الإسلامية (ص/٥٢)
(٢) شرح العقيدة الطحاوية (ص/٢٥٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>