للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْسَ بِفَقِيهٍ». (١)

قال الشافعي:

فلما ندب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى استماع مقالته وحفظها، وأدائها امرأً يؤديها، والامرؤ واحد، دل على أنه لا يأمر أن يُؤدَّى عنه إلا ما تقوم به الحجة على من أدى إليه. (٢)

٣ - عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ -رضى الله عنه- قَالَ:

أَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَحِيمًا رَقِيقًا، فَظَنَّ أَنَّا قَدِ اشْتَقْنَا أَهْلَنَا، فَسَأَلَنَا عَنْ مَنْ تَرَكْنَا مِنْ أَهْلِنَا، فَأَخْبَرْنَاهُ، فَقَالَ:

«ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ، فَأَقِيمُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ، وَمُرُوهُمْ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» (٣)

فقد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - كل واحد من هؤلاء الشببة أن يعلم كل واحد منهم أهله، والتعليم يعم العقيدة، بل هي أول ما يدخل في العموم فلو لم يكن خبر الآحاد تقوم به الحجة لم يكن لهذا الأمر معنى.

*الإجماع:

قال ابن عبد البر:

وكلهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات، ويعادي ويوالي عليها، ويجعلها شرعاً وديناً في معتقده، على ذلك جميع أهل السنة. (٤)

وقد علَّق أبو العباس ابن تيمية تعليقاً لطيفاً على تقرير ابن عبد البر بما يشبه هذا السؤال فقال:

هذا الإجماع الذي ذكره - أي في قبول خبر الواحد العدل في الاعتقادات - يؤيد قول من يقول:

إنه يوجب العلم، وإلا فما لا يفيد علماً ولا عملاً كيف يجعل شرعاً وديناً، يوالى عليه ويعادى؟! (٥)

قال أبو المظفر السمعاني:

إن الخبر إذا صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورواه الثقات والأئمة، وأسندوه خلفهم عن سلفهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتلقته الأمة بالقبول، فإنه


(١) أخرجه الترمذىي (٢٦٥٦) وقال: حديث حسن.
(٢) الرسالة (ص/٣٢٦)
(٣) متفق عليه.
(٤) التمهيد (١/ ١٥)
(٥) المسودة (١/ ٤٩٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>