للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيهم قال الله تبارك وتعالى:

{وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ}، فهؤلاء هم الذين يختلجون دونه.

فلم يرتد من الصحابة -رضى الله عنهم- أحد، وإنما ارتد قوم من جفاة الأعراب ممن لا نصرة له في الدين.

وأما جميع أصحابه، إلا الستة الذين ذكروا فكيف يختلجون، وقد تقدَّم قول الله-تعالى- فيهم {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}؟!

كما أنه لو كان أراد جميع أصحابه -إلا من ذكروا- لقال:

" لَتَرِدُنَّ عَلَيَّ الْحَوْضَ، ثُمَّ لَتَخْتَلِجُنَّ دُونِي ". (١)

قال الخطابي:

لم يرتد من الصحابة -رضى الله عنهم- أحد، وإنما ارتد قوم من جفاة الأعراب ممن لا نصرة له في الدين، وذلك لا يوجب قدحاً في الصحابة -رضى الله عنهم- المشهورين، ويدل قوله " أصيحابي " بالتصغير. (٢)

٥ - الوجه الخامس:

أما استدلالهم بما ورد من ألفاظ في الحديث مثل: "أصحابي ":

فنقول:

كلمة "أصحابي" قد تُحمل على المعنى الشرعي:

" وهو كل من لقي النبي مؤمناً به، ومات على الإيمان "

وقد تُحمل على المعنى اللغوي: فأصحاب الرجل هم أتباعه، وكل من تبع الرجل أو لازمه في أمر فهو صاحب له، وأصحاب الأيكة هم قوم شعيب، وهو اسم لكل من عبد شجرة الأيكة منهم ولازمها، ومنه قوله: " اللهم أنت الصاحب في السفر" أي ملازم لنا في سفرنا لا يغيب عنا، وقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة ورضى الله عنها:

" فإنكنَّ صواحبُ يوسفَ "، وقوله لعمر بن الخطاب عندما أراد أن يقطع عنق عبد الله بن أبيّ بن سلول: " دعه؛ لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه "

فسمَّاه صحابياً، ومعلوم أن عبد الله بن سلول كان من المنافقين.

فحمل معنى "أصحابي" في حديث الباب على المعنى اللغوي هو الأقرب؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم - عن عبد الله


(١) وانظر تأويل مختلف الحديث (ص/٣٤٢) والوعد الأخروي (١/ ١٢٠)
(٢) فتح الباري (١١/ ٥٣٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>