للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو زرعة:

إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاعلم أنه زنديق؛ وإنما أدى إلينا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح أولى بهم، وهم زنادقة. (١)

وقد اختلفوا في حكم فاعل ذلك:

١ - القول الأول:

أن من سبَّ الصحابة -رضى الله عنهم- يُقتل، وهو رواية عن مالك.

٢ - القول الثاني:

وقال به جمهورأهل العلم أن فاعل ذلك يُحبس ويعزر، ولا يكفر.

قال النووي:

واعلم أن سب الصحابة - رضي الله عنهم - حرام من فواحش المحرمات، سواء من لابس الفتن منهم وغيره؛ لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون، ..

قال القاضي: وسب أحدهم من المعاصي الكبائر، ومذهبنا ومذهب الجمهور أنه يعزر، ولا يقتل. (٢)

* ومن أدلة الجمهور على ذلك:

١ - عَنْ أَبِي بَرْزَةَ -رضى الله عنه- قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،

فَتَغَيَّظَ عَلَى رَجُلٍ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ:

تَأْذَنُ لِي يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟

، قَالَ: «لَا وَاللَّهِ، مَا كَانَتْ لِبَشَرٍ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» (٣)

وقد روى ابن حزم بسنده عن أبي برزة -رضى الله عنه- قال:

أغلظ رجل لأبي بكر الصديق رضى الله عنه، قلت: ألا أقتله؟ فقال أبو بكررضى الله عنه: ليس هذا إلا لمن شتم النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم قال ابن حزم:

فبيِّن أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه لا يقتل من شتمه، لكن يقتل من


(١) تهذيب الكمال (١٩/ ٩٦)
(٢) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (٨/ ٣٣٤)
(٣) أخرجه أبو داود (٤٣٦٣) وأخرجه النسائي في "الكبرى" (٣٥٢٦) وقال النسائي: " هذا أحسن هذه الأحاديث وأجودها"، وأخرجه الحاكم (٨٠٤٥) وقال: " صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه "، ووافقه الذهبي.
وقد أخرجه أحمد (٥٤) والنسائي (٣٥٢٠) من طريق آخرعن أبي برزة الأسلمي قال:
أغلظ رجل لأبي بكر الصديق رضى الله عنه، فقلت: أقتُله؟ فانتهرني، وقال:
ليس هذا لأحد بعد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم. صححه الشيخ أحمد شاكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>