للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحابة ذلك منه على أنفسها، وجعل عمر الأمر بعده فى ستة. (١)

قال الماوردي:

وأما انعقاد الإمامة بعهد من قبله فهو مما انعقد الإجماع على جوازه، ووقع الاتفاق على صحته؛ لأمرين عمل المسلمون بهما ولم يتناكروهما:

أحدهما: إن أبا بكر -رضي الله عنه- عهد بها إلى عمر -رضي الله عنه- فأثبت المسلمون إمامته بعهده.

والثاني: أن عمر -رضي الله عنه- عهد بها إلى أهل الشورى، فقبلت الجماعة دخولهم فيها، وهم أعيان العصر اعتقادا لصحة العهد بها. (٢)

كذلك يقال أمران:

١ - الأول:

أنه لما صحت خلافة أبي بكر -رضى الله عنه- بالسنة والإجماع؛ دل ذلك على صحة خلافة عمر -رضى الله عنه- وأحقيتها، وذلك لأن الفرع يثبت إذا ما ثبت الأصل.

٢ - الثاني:

من أدلة جواز الاستخلاف قياسه على ما وقع يوم مؤته من استخلاف النبي -صلى الله عليه وسلم- لزيد بن حارثة، وقال صلى الله عليه وسلم:

«إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة». (٣)

٣ - الطريق الثالث لانعقاد الولاية: القهر والغلبة:

* ومعناها أن:

صاحب الشوكة و المنعة يعلو الناس بسيفه، ويصيِّر نفسه إماماً عليهم، سواء في ذلك بقهر الإمام المتولِّي وعزله، أو بسد مكان الإمامة الشاغر عن إمام قائم.

وهذه الطريقة من طرق انعقاد الإمامة وإن لم تكن من الطرق الشرعية التي يجوزها الشرع ابتداءً، ولكنه جوَّزها إذا وقعت؛ وذلك من باب درء المفاسد وحقن الدماء وجمع كلمة المسلمين.

والقاعدة التي قد نستأنس بها في هذا المعنى:

" يُغتفر في الاستدامة ما لا يغتفر في الابتداء "

فإذا غلب الناس بسيفه وقوته وسلطانه وجب السمع له والطاعة، لكن في


(١) شرح صحيح البخاري (٨/ ٢٨٤)
(٢) الأحكام السلطانية (ص/١١)
(٣) رواه البخاري (٤٢٦١)، وانظر "الإمامة العظمى عند أهل السنة" (ص/١٨٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>