للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن طريق نَافِعٍ أَنَّ الْأَنْصَارَ سَأَلُوا ابْنَ عُمَرَ -رضى الله عنهما- عَنِ الزَّكَاةِ، فَقَالَ:

" ادْفَعُوهَا إِلَى الْعُمَّالِ، فَقَالَوا: إِنَّ الشَّامَ يَظْهَرُونَ مَرَّةً، وَهَؤُلَاءِ مَرَّةً، قَالَ:

ادْفَعُوهَا إِلَى مَنْ غَلَبَ ". (١)

وهذا الذي ورد عن ابن عمر-رضى الله عنهما- فيه اعتبار إمامة المتغلِّب؛ لأنه من المعلوم أن وليَّ الأمر هو الذي كان يتعهد إمامة المسلمين في الجمع من الجماعات، وهو القائم على جمع الزكاة.

*الإجماع:

قال ابن بطال:

وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلّب والجهاد معه، وأن طاعته خير من الخروج عليه؛ لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدَّهماء. (٢)

*وقد مثَّل العلماء لهذه الطريقة بما وقع في خلافة عبد الملك بن مروان، فقد نصَّب ملكه بالقهر، وغلب الناس بسيفه، حتى أذعنوا له، وذلك لما خرج على ابن الزبير فقتله، واستولى على البلاد وأهلها، وبايعه الناس طوعًا وكرهاً، ودعوه إماماً.

قال أحمد:

ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة، وسُمِّي أمير المؤمنين لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماماً عليه، براً كان أو فاجراً، فهو أمير المؤمنين. (٣) - وقد سئل الإمام أحمد في الإمام يخرج عليه من يطلب الملك فيكون مع هذا قوم،


(١) الأموال لابن زنجويه (٢٣٠٢)
(٢) فتح الباري (١٣/ ١١) وممن نقل مثل هذا الإجماع:
والشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن في " مجموعة الرسائل والمسائل النجدية " (٣/ ١٦٨)
*تنبيه:
ولا يشوِّش على هذا الإجماع ما ينقل من مخالفة الخوارج والمعتزلة ومتأخري الشافعية؛ فإن ما يُجمع عليه أهل السنة لا يضره مخالفة أهل البدع، وأما ما ورد عن متأخري الشافعية فهو مردود بما نقله المزني من حكاية الإجماع على ولاية المتغلب.
وانظر مآثر الإنافة (١/ ٥٩) والإمامة عند أهل السنة (ص/٢٢٢)
(٣) الأحكام السلطانية للفراء (١/ ٢٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>