ذَا رِيحٍ كَرِيهٍ.
(وَ) مِنْ آفَاتِ الرِّجْلِ (مَدُّ الرِّجْلِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَالْمُصْحَفِ وَكُتُبِ الشَّرِيعَةِ فِي النَّوْمِ وَالْيَقِظَةِ إذَا كَانَا) أَيْ الْمُصْحَفُ وَكُتُبُ الشَّرِيعَةِ (فِي حِذَائِهَا دُونَ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ أَوْ الْفَوْقِ) فِي التَّتَارْخَانِيَّة سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ فِي مَدِّ الرِّجْلِ إلَى الْقِبْلَةِ حَالَةَ النَّوْمِ فِي بَيْتِهِ هَلْ يَكُونُ مَعْذُورًا فَقَالَ لَا، وَعَنْ الْبَزْدَوِيِّ أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي النَّوْمِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا إلَى الْمُصْحَفِ وَالْكُتُبِ (وَوَضْعُهَا) أَيْ الرِّجْلِ؛ لِأَنَّهُ مُؤَنَّثٌ سَمَاعِيٌّ (عَلَيْهِمَا) عَلَى الْمُصْحَفِ وَكُتُبِ الشَّرِيعَةِ بِلَا ضَرُورَةٍ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَتَوَسُّدُ الْكِتَابِ وَالْجُلُوسُ عَلَى جُوَالِقٍ فِيهِ مُصْحَفٌ إنْ لِلْحِفْظِ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ (وَعَلَى الْخُبْزِ) الْمُكَرَّمِ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَكْرِمُوا الْخُبْزَ» .
(وَضَرْبُ أَحَدٍ) مِنْ ذِي رُوحٍ (بِهَا) أَيْ بِالرِّجْلِ (وَلَوْ) كَانَ ذَلِكَ الْأَحَدُ (حَيَوَانًا) فَفِي الضَّمِيرِ تَأْوِيلٌ كَالِاسْتِخْدَامِ أَوْ يُطْلَقُ الْأَحَدُ عَلَى الْحَيَوَانِ (بِغَيْرِ ذَنْبٍ وَحَقٍّ) ، فَإِنْ بِذَنْبٍ آدَمِيًّا مُكَلَّفًا فَتَضْرِبُهُ عَلَى قَدْرِ ذَنْبِهِ إنْ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْمَعْصِيَةِ وَإِلَّا فَيُحِيلُ عَلَى الْمُحْتَسِبِ عَلَى قَاعِدَةِ نَهْيِ الْمُنْكَرِ، وَإِنْ حَيَوَانًا فَيَضْرِبُهُ عَلَى قَدْرِ تَأْدِيبِهِ بِلَا مُبَالَغَةٍ (وَنِفَارُهُ) أَيْ فِرَارُهُ (ذَنْبٌ) فَيُضْرَبُ بِرِجْلِهِ كَمَا بِغَيْرِهَا (لِإِعْثَارِهِ) أَيْ زَلَّةٍ وَسُقُوطٍ (وَيَجْتَنِبُ كُلَّ الْجَهْدِ) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ؛ لِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْ الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَكُلٍّ مُضَافًا إلَيْهِ نَحْوُ - {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} [النساء: ١٢٩]- يَعْنِي يَجْتَهِدُ اجْتِهَادًا كَامِلًا وَيَحْتَرِزُ احْتِرَازًا مُبَالَغًا.
(مِنْ حَقِّ الْحَيَوَانِ) لِانْسِدَادِ طُرُقِ التَّحْلِيلِ وَالْإِرْضَاءِ فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ قَالُوا الْعَذَابُ فِيهِ مُتَعَيِّنٌ) وَأَمْكَنَ عَفْوُهُ تَعَالَى فِي نَفْسِهِ لَكِنْ حُكْمُ شَرِيعَتِهِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْعَفْوِ وَلِذَا حَكَمُوا بِتَعَيُّنِ الْعَذَابِ وَفِي قَاضِي خَانْ وَمِنْ هَذَا قَالُوا إنَّ خُصُومَةَ الدَّابَّةِ أَشَدُّ مِنْ خُصُومَةِ الْآدَمِيِّ عَلَى الْآدَمِيِّ انْتَهَى. فَيَلْزَمُ الِاهْتِمَامُ فَلَا يُقْتَلُ وَلَا يُضْرَبُ بِلَا عُذْرٍ وَمَعَ الْعُذْرِ لَا يُضْرَبُ وَجْهُهُ فَلَا يُحْمَلُ وَلَا يُرْكَبُ فَوْقَ طَاقَتِهِ وَلَا يُتْرَكُ عَلَفُهُ وَشُرْبُهُ وَلَا يُرْدَفُ بِلَا طَاقَتِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَيَوَانَ يَقْتَصُّ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ لِظَاهِرِ حَدِيثِ «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا مِنْ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ تَنْطَحُهَا» .
قَالَ الْمُنَاوِيُّ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ إجْرَائِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ عَقْلٌ وَلَا شَرْعٌ قَالُوا وَلَيْسَ شَرْطُ الْحَشْرِ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ، وَأَمَّا الْقِصَاصُ لِلْجَلْحَاءِ فَلَيْسَ مِنْ قِصَاصِ التَّكْلِيفِ بَلْ قِصَاصُ مُقَابَلَةٍ انْتَهَى. فَانْظُرْ إذَا اقْتَصَّ اللَّهُ تَعَالَى فِي حُقُوقِ بَعْضِ الْحَيَوَانِ لِبَعْضٍ مَعَ عَدَمِ التَّكْلِيفِ فِيهِ فَكَيْفَ يُهْمِلُ فِي حُقُوقِ الْحَيَوَانِ الَّذِي هُوَ إنْسَانٌ مَعَ كَوْنِهِ مُكَلَّفًا (وَكَذَا الذِّمِّيُّ) ، وَكَذَا الْمُسْتَأْمَنُ بَلْ الْحَرْبِيُّ عِنْدَ الصُّلْحِ (إنْ لَمْ يَسْتَحِلَّ) فَيَحِلُّ (فِي الدُّنْيَا) وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ الِاسْتِحْلَالِ لَيْسَ بِمُفِيدٍ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ عَلَى مَعْنَى أَصْلِ الْفِعْلِ أَيْ إنْ لَمْ يَحِلَّ الذِّمِّيُّ فِي التَّتَارْخَانِيَّة. عَلَاقَةُ الْكَافِرِ أَشَدُّ مِنْ عَلَاقَةِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ أَنْ يُعْطَى ثَوَابَ الْمُسْلِمِ وَلَا وَجْهَ أَنْ يُوضَعَ عَلَى الْمُسْلِمِ وَبَالُ كُفْرِهِ فَيُعَاقَبُ عُقُوبَتَهُ.
ثُمَّ ذَكَرَ مَا نُقِلَ عَنْ قَاضِي خَانْ آنِفًا وَنُقِلَ عَنْ الْحَاشِيَةِ هُنَا اعْلَمْ أَنَّ الطَّرِيقَ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ أَحَدُ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ: الْإِعْطَاءُ مِنْ حَسَنَاتِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ إنْ وُجِدَتْ وَإِلَّا أَوْ لَمْ تَفِ فَيُحْمَلُ إثْمُ مَنْ لَهُ الْحَقُّ عَلَيْهِ وَإِدْخَالُهُ فِي النَّارِ بَدَلَهُ أَوْ إعْطَاءُ الدَّرَجَاتِ الْعَالِيَةِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى تَفَضُّلًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِمَا لِعَدَمِ دُخُولِهِمَا الْجَنَّةَ فَلَا فَائِدَةَ لَهُمَا فِي إعْطَاءِ الْحَسَنَاتِ وَالدَّرَجَاتِ، وَعَدَمُ إمْكَانِ تَحَمُّلِ إثْمِهِمَا لِعَدَمِ الْإِثْمِ فِي الْحَيَوَانِ وَاقْتِضَاءِ إثْمِ الْكُفْرِ التَّأْبِيدَ فِي النَّارِ وَالْمُؤْمِنُ لَا يَتَأَبَّدُ فِيهَا وَلَيْسَ لِلْكَافِرِ سِوَى كُفْرِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute