للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ الْكُتُبِ الَّتِي صُرِّحَ فِيهَا بِكَرَاهَةِ الْأَحْمَرِ مُلْتَقَى الْأَبْحُرِ، وَالْخُلَاصَةُ لَكِنْ بِعِبَارَةِ كَرَاهَةِ الثِّيَابِ الْمَصْبُوغَةِ بِالْعُصْفُرِ أَوْ الزَّعْفَرَانِ، والْأُسْرُوشَنِيّ والتتارخانية وَفَوَائِدُ الْفُقَهَاءِ وَشِرْعَةُ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ سُمِعَتْ الْكَرَاهَةُ أَيْضًا عَنْ الْمُجْتَبَى وَالزَّاهِدِيِّ وَشَرْحِ النُّقَايَةِ وَقَاضِي خَانْ وَغَيْرِهَا، وَفِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ عَنْ الْبَيْهَقِيّ حُرْمَتُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَكَرَاهَتُهُ عِنْدَ النَّوَوِيِّ، وَقَدْ سُمِعَتْ الْحُرْمَةُ أَيْضًا عَنْ تُحْفَةِ الْمُلُوكِ فَالْمَنْقُولُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ مِنْ التَّجْوِيزِ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّوْفِيقِ أَوْ التَّرْجِيحِ فَالسَّابِقُ إلَى الْخَاطِرِ أَنَّ الْحُرْمَةَ إفْرَاطٌ وَالْإِبَاحَةَ تَفْرِيطٌ وَالْكَرَاهَةَ اقْتِصَادٌ فَتُحْمَلُ الْحُرْمَةُ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَالْإِبَاحَةُ عَلَى أَصْلِ الْجَوَازِ مَعَ الْكَرَاهَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَقْوَالِ، فَبَقِيَ التَّوْفِيقُ بَيْنَ التَّحْرِيمِيَّةِ وَالتَّنْزِيهِيَّة أَوْ يُرَجَّحُ جَانِبُ الْكَرَاهَةِ بِقَاعِدَةِ جَمْعِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عِنْدَ تَعَارُضِ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ يُقَدَّمُ الْأَعْلَمُ وَالْأَوْرَعُ، وَقَدْ سَبَقَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِقَوْلِ كُلِّ كِتَابٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ كِتَابٍ مُعْتَبَرٍ وَمُعْتَمَدٍ، وَفِي رِسَالَةِ أَبِي السُّعُودِ لَا يُعْمَلُ بِكُلِّ قَوْلِ كِتَابٍ مُعْتَمَدٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَلَقِّي الْكُلِّ بِالْقَبُولِ؛ إذْ رُبَّ كِتَابٍ مُعْتَبَرٍ قَلِيلًا مَا يُوجَدُ فِيهِ السَّهْوُ وَالْخَطَأُ كَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ مَعَ قُوَّةِ وَثَاقَتِهِ قَدْ خَطِئَ فِي مَوَاضِعَ بَلْ قَدْ يُوجَدُ فِي مَوْضِعِ كِتَابٍ صَحِيحٍ خِلَافُ مَا فِي مَوْضِعِهِ الْآخَرِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَتَانَةَ وَالْوَثَاقَةَ وَالْكَثْرَةَ وَالشُّهْرَةَ فِي جَانِبِ الْكَرَاهَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ السَّابِقَةُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَإِمَّا تَجْتَمِعُ وَيُوَفَّقُ بِمَا أُشِيرَ أَوْ يُقَالُ بِتَرْجِيحِ الْقَوْلِيَّةِ عَلَى الْفِعْلِيَّةِ أَوْ بِتَرْجِيحِ مَا تَكُونُ دَلَالَتُهُ آكَدَ وَبِتَرْجِيحِ مَا تُذْكَرُ عِلَّتُهُ عَلَى مَا لَمْ تُذْكَرْ، وَقَدْ عَرَفْت تَقَدُّمَ الْحَظْرِ عَلَى الْإِبَاحَةِ فَتَعَيَّنَ مِنْ إتْقَانِ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ تَوْفِيقًا أَوْ تَرْجِيحًا أَنَّ الْحَقَّ هُوَ الْكَرَاهَةُ بِلَا ارْتِيَابٍ بَلْ الْأَشْبَهُ أَنْ تَكُونَ تَحْرِيمِيَّةً، وَقَدْ قُرِّرَ أَنَّ الصَّغِيرَةَ تَنْقَلِبُ كَبِيرَةً بِالْإِصْرَارِ وَأَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي الِاتِّفَاقِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَفِي الشِّرْعَةِ وَأَحَبُّ الْأَلْوَانِ الْبَيَاضُ وَلُبْسُ الْأَخْضَرِ سُنَّةٌ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلُبْسُ الْأَسْوَدِ مُسْتَحَبٌّ (وَلَا بَأْسَ بِتَحْلِيَةُ الْمِنْطَقَةِ وَحَمَائِلِ السَّيْفِ بِالْفِضَّةِ وَيُكْرَهُ بِالذَّهَبِ) ، وَكَذَا اللُّؤْلُؤُ كَمَا نُقِلَ عَنْ السِّرَاجِ لَكِنْ فِي جَامِعِ الْجَوَامِعِ، وَكَذَا بِالْفِضَّةِ (وَ) تُكْرَهُ (الْخِرْقَةُ لِمَسْحِ الْعَرَقِ وَالِامْتِخَاطِ إنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً) قِيلَ بِأَنْ كَانَتْ ذَاتَ نُقُوشٍ مِنْ الْحَرِيرِ (لِأَنَّهُ دَلِيلُ الْكِبْرِ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَصْدِهِ وَقِيلَ مُقَيَّدٌ ذَلِكَ بِالنِّيَّةِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ كُلُّ مَا فُعِلَ عَلَى وَجْهِ التَّكَبُّرِ يُكْرَهُ، وَمَا لِلْحَاجَةِ لَا (وَيُكْرَهُ سَتْرُ الْحِيطَانِ بِاللُّبُودِ وَنَحْوِهَا لِلزِّينَةِ لَا لِلْحَرِّ أَوْ الْبَرْدِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِ الرَّجُلِ ثِيَابُ دِيبَاجٍ لَا تُلْبَسُ وَأَوَانٍ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِلتَّجَمُّلِ) لِإِظْهَارِ الْجَمَالِ (لَا لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَأَمَّا تَطْوِيلُ الثَّوْبِ إلَى مَا تَحْتَ الْكَعْبِ، فَإِنْ كَانَ كِبْرًا فَمَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا) وَعَلَامَتُهُ أَنْ لَا يُلْبَسَ إذَا كَانَ قَصِيرًا (وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا، وَأَمَّا لُبْسُ الثِّيَابِ الرَّفِيعَةِ) ثَمَنًا أَوْ نَسْجًا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْكِبْرِ وَالرِّيَاءِ فَجَائِزٌ بَلْ مُسْتَحَبٌّ فِي الْأَعْيَادِ وَالْجُمَعِ وَنَحْوِهِمَا) قِيلَ كَمَجَامِعِ الدَّرْسِ، وَقَدْ سَمِعْت سَابِقًا «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ارْتَدَى بِرِدَاءٍ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ بَلْ أَرْبَعَةُ آلَافٍ» وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِرِدَاءٍ قِيمَتُهُ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ (وَأَمَّا) الثِّيَابُ (الْخَشِنَةُ) أَيْ الْغَلِيظَةُ (وَالْمُرَقَّعَةُ فَمُسْتَحَبَّةٌ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ) بِلُبْسِهَا (الرِّيَاءَ) وَإِلَّا حَرُمَ (وَلُبْسُ الْمَخِيطِ وَسَتْرُ الرَّأْسِ بِاللِّبَاسِ الْمُتَّصِلِ) بَعْضُهُ بِبَعْضٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>