للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا النَّافِيَةِ «أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَك» بِأَنْ أَعْطِفَ وَأُحْسِنَ فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ عَظِيمِ إحْسَانِهِ «وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَك» كِنَايَةٌ عَنْ حِرْمَانِ إنْعَامِهِ «قَالَتْ بَلَى قَالَ» تَعَالَى «فَذَلِكَ» أَيْ الْحُكْمُ السَّابِقُ حَصَلَ «لَكِ»

بِكَسْرِ الْكَافِ فِيهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ بِالْمَالِ وَنَحْوِ عَوْنٍ عَلَى حَاجَةٍ وَدَفْعِ ضُرٍّ وَطَلَاقَةِ وَجْهٍ وَدُعَاءٍ وَالْمَعْنَى الْجَامِعُ إيصَالُ الْمُمْكِنِ مِنْ خَيْرٍ وَدَفْعُ الْمُمْكِنِ مِنْ شَرٍّ وَهَذَا إنَّمَا يَطَّرِدُ إنْ اسْتَقَامُوا وَإِلَّا، فَإِنْ فَجَرُوا فَقَطِيعَتُهُمْ فِي اللَّهِ صِلَتُهُمْ بِشَرْطِ بَذْلِ الْجَهْدِ فِي وَعْظِهِمْ وَمِنْ ثَمَّةَ قَتَلَ أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبَاهُ كَافِرًا غَضَبًا لِلَّهِ وَنُصْرَةً لِدِينِهِ « (ثُمَّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْرَءُوا إنْ شِئْتُمْ {فَهَلْ عَسَيْتُمْ} [محمد: ٢٢] فَهَلْ يُتَوَقَّعُ مِنْكُمْ {إِنْ تَوَلَّيْتُمْ} [محمد: ٢٢] أُمُورَ النَّاسِ وَتَأَمَّرْتُمْ عَلَيْهِمْ أَوْ أَعْرَضْتُمْ وَتَوَلَّيْتُمْ عَنْ الْإِسْلَامِ {أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: ٢٢] » وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ لِضَعْفِهِمْ فِي الدِّينِ وَحِرْصِهِمْ عَلَى الدُّنْيَا أَحِقَّاءٌ بِأَنْ يَتَوَقَّعَ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَنْ عَرَفَ حَالَهُمْ وَيَقُولَ لَهُمْ هَلْ عَسَيْتُمْ {أُولَئِكَ} [محمد: ٢٣] إشَارَةٌ إلَى الْمَذْكُورِينَ {الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ} [محمد: ٢٣] لِإِفْسَادِهِمْ وَقَطْعِهِمْ الْأَرْحَامَ {فَأَصَمَّهُمْ} [محمد: ٢٣] عَنْ اسْتِمَاعِ الْحَقِّ {وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: ٢٣] فَلَا يَهْتَدُونَ إلَى سَبِيلِهِ {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} [محمد: ٢٤] يَتَفَحَّصُونَهُ وَمَا فِيهِ مِنْ الْمَوَاعِظِ وَالزَّوَاجِرِ حَتَّى لَا يَجْتَرِئُوا عَلَى الْمَعَاصِي {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: ٢٤] لَا يَصِلُ إلَيْهَا ذِكْرٌ وَلَا يَنْكَشِفُ لَهَا أَمْرٌ أَوْ بِمَعْنَى بَلْ عَلَى قُلُوبٍ أَغْطِيَتُهَا بِشُؤْمِ أَعْمَالِهِمْ أَيْ الْقَبِيحَةِ فَلِذَلِكَ لَا يَتَدَبَّرُونَهُ وَلَا يَعْتَنُونَهُ (صب عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «أَنَّ الرَّحْمَةَ لَا تَنْزِلُ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ قَاطِعُ رَحِمٍ»

بِنَحْوِ إيذَاءٍ وَهَجْرٍ، أَرَادَ بِالْقَوْمِ الَّذِينَ يُسَاعِدُونَ عَلَى قَطِيعَتِهَا وَلَا يُنْكِرُونَ عَلَيْهِ أَوْ هُوَ عَلَى الْعُمُومِ لِقُوَّةِ جُرْمِهِ يَعُودُ عَلَى جُلَسَائِهِ بِالْحِرْمَانِ، وَالْمُرَادُ بِالرَّحْمَةِ الْمَطَرُ فَيَحْبِسُ عَنْهُمْ الْمَطَرَ بِشُؤْمِ الْمَعَاصِي، وَهَذَا وَعِيدٌ عَظِيمٌ وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُ هَذَا بِمَا إذَا عَلِمُوا فَلَمْ يَمْنَعُوهُ وَلَمْ يُخْرِجُوهُ مِنْ بَيْنِهِمْ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْعِلْمِ بِحَالِهِ أَنْ لَا يَكُونَ عُذْرًا بَلْ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ اعْتِنَاءِ أُولَئِكَ الْقَوْمِ بِالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَأَنَّهُمْ لَا يَفْتَقِدُونَ بَعْضَهُمْ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى طَلَبِ هَجْرِ الْقَاطِعِ فِي الْمَجْلِسِ وَيَنْبَغِي تَرْكُ مُجَاوَرَتِهِ لِمَنْ تَيَسَّرَ لَهُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يُرَافِقُ فِي سَفَرِهِ وَنَحْوِهِ قِيلَ ضَعَّفَهُ الْمُنْذِرِيُّ، وَعَنْ الْبَيْهَقِيّ فِيهِ أَبُو آدَمَ الْمُحَارِبِيُّ وَهُوَ كَذَّابٌ كَذَا فِي الْفَيْضِ (طب عَنْ الْأَعْمَشِ أَنَّهُ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ جَالِسًا بَعْدَ الصُّبْحِ فِي حَلْقَةٍ) مِنْ النَّاسِ (فَقَالَ أُنْشِدُ اللَّهَ) تَعَالَى أَيْ سَأَلْت بِاَللَّهِ تَعَالَى (قَاطِعَ رَحِمٍ) مَفْعُولٌ ثَانٍ (لَمَّا قَامَ عَنَّا) أَيْ إلَّا قَامَ عَنْ مَجْلِسِنَا وَلَمْ يَجْلِسْ مَعَنَا (فَإِنَّا نُرِيدُ أَنْ نَدْعُوَ رَبَّنَا) بِحَوَائِجِنَا الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ (وَإِنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ مُرْتَجَّةٌ) أَيْ مُغْلَقَةٌ (دُونَ قَاطِعِ رَحِمٍ) فَإِذَا دَعَا مَعَنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>