للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(طب عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَرْفُوعًا «حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنْ لَا تَصُومَ تَطَوُّعًا» لَعَلَّ ذَلِكَ لِإِزَالَةِ سِمَنِهَا التَّابِعِ لَهُ جَمَالُهَا أَوْ لِاقْتِضَاءِ الْقُرْبَانِ فِي النَّهَارِ أَوْ لِإِيرَاثِ ضَعْفٍ مَانِعٍ مِنْ الْخِدْمَةِ اللَّائِقَةِ بِهَا «إلَّا بِإِذْنِهِ» ؛ لِأَنَّ إطَاعَةَ الزَّوْجِ وَاجِبَةٌ وَالتَّطَوُّعَ نَفْلٌ وَالْوُجُوبَ مُرَجَّحٌ عَلَى النَّفْلِ «فَإِنْ فَعَلَتْ جَاعَتْ وَعَطِشَتْ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا» وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ نَفْلًا بِلَا إذْنِ الزَّوْجِ وَأَمَّا قَضَاءٌ أَوْ كَفَّارَةٌ فَجَائِزٌ «وَلَا تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا إلَّا بِإِذْنِهِ» سِوَى الْمُسْتَثْنَيَاتِ السَّابِقَةِ «فَإِنْ فَعَلَتْ لَعَنَتْهَا مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ وَمَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ» مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، أَوْ هُمْ فِي غَيْرِ السَّمَاءِ، وَكَذَا قَوْلُهُ «وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ حَتَّى تَرْجِعَ.» اعْلَمْ أَنَّ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُطِيعَ زَوْجَهَا فِي الِاسْتِمْتَاعِ) لِأَنَّهَا سَلَّمَتْ بُضْعَهَا بِمُقَابَلَةِ الْمَهْرِ مِنْ قِبَلِهِ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ (مَتَى شَاءَ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ فَلَا تُمَكِّنْهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ تَحْتَ الْإِزَارِ) أَيْ قُرْبَانَ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ، وَأَمَّا الِاسْتِمْتَاعُ بِدُونِ وَطْءٍ فِيمَا يُدَانِيهِ وَرُبَّمَا يُوقِعُ فِيهِ فَيَحْرُمُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إنَّمَا يَجْتَنِبُ مَوْضِعَ الدَّمِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالنَّصِّ حُرْمَتُهُ دُونَ حُرْمَةِ مَا سِوَاهُ وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَا فِي الْجَامِعِ عَنْ بَعْضِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ كَانَ إذَا أَرَادَ مِنْ الْحَائِضِ شَيْئًا يَعْنِي مُبَاشَرَةً فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ كَالْمُفَاخَذَةِ أَلْقَى عَلَى فَرْجِهَا ثَوْبًا ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ الْفَرْجُ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَجَّحَهُ النَّوَوِيّ وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ وَحَمَلُوا مَا فِي الْجَامِعِ أَيْضًا " كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَهِيَ حَائِضٌ أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ " عَلَى النَّدْبِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ.

قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ لَيْسَ فِي الثَّانِي مَا يَقْتَضِي مَنْعَ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُجَرَّدٌ كَذَا فِي الْفَيْضِ (وَ) يَجِبُ (عَلَيْهَا خِدْمَةُ دَاخِلِ الْبَيْتِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ مِنْ بَنَاتِ الْأَشْرَافِ، وَقَدْ يَخُصُّ (دِيَانَةً) لَا قَضَاءً فَإِنَّهَا تُؤْجَرُ بِالْفِعْلِ (مِنْ الطَّبْخِ وَالْكَنْسِ وَالْغَسْلِ) لِلْأَوَانِي وَالثِّيَابِ (وَالْخَبْزِ، وَلَوْ لَمْ تَفْعَلْ أَثِمَتْ) ؛ لِأَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ فَاطِمَةَ هَكَذَا» (وَلَكِنْ لَا تُجْبَرُ عَلَيْهَا قَضَاءً) لَكِنْ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ الْمَنْكُوحَةُ أَوْ الْمُعْتَدَّةُ أَبَتْ الْخَبْزَ وَالطَّبْخَ إنْ بِهَا عِلَّةٌ أَوْ مِنْ بَنَاتِ الْأَشْرَافِ يَأْتِ الزَّوْجُ بِمَنْ يَطْبُخُ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَخْدُمُ بِنَفْسِهَا تُجْبَرُ عَلَيْهَا وَبِالْجُمْلَةِ أَنَّ النِّكَاحَ نَوْعُ رِقٍّ فَعَلَيْهَا طَاعَةُ الزَّوْجِ مُطْلَقًا وَتَخْدُمُهُ فِيمَا تُعُورِفَ فِي دَاخِلِ الْبَيْتِ وَلَا تُعْطِي شَيْئًا مِنْ بَيْتِهِ بِدُونِ إذْنِهِ وَأَهَمُّ الْحُقُوقِ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا السِّرُّ وَالصِّيَانَةُ، وَالْآخَرُ تَرْكُ الْمُطَالَبَةِ بِمَا وَرَاءَ الْحَاجَةِ وَالتَّعَفُّفُ عَنْ كَسْبِهِ إذَا كَانَ حَرَامًا وَكَانَتْ امْرَأَةُ السَّلَفِ أَوْ ابْنَتُهُ تَقُولُ لِزَوْجِهَا إيَّاكَ وَكَسْبَ الْحَرَامِ فَإِنَّا نَصْبِرُ عَلَى الْجُوعِ وَلَا نَصْبِرُ عَلَى النَّارِ وَلَا تُفَرِّطْ فِي بَذْلِ مَالِهِ، فَإِنْ أَطْعَمَتْ عَنْ رِضًا كَانَ لَهَا مِثْلُ أَجْرِهِ وَإِلَّا كَانَ لَهُ الْأَجْرُ وَعَلَيْهَا الْوِزْرُ.

رُوِيَ أَنَّ السَّمَاءَ بِنْتَ خَارِجَةَ قَالَتْ لِابْنَتِهَا عِنْدَ التَّزْوِيجِ إنَّك خَرَجْت مِنْ الْعُشِّ الَّذِي مِنْهُ دَرَجْت وَصِرْت إلَى فِرَاشٍ لَا تَعْرِفِيهِ وَقَرِينٍ لَمْ تَأْلَفِيهِ فَكُونِي لَهُ أَرْضًا يَكُنْ لَكِ سَمَاءً، وَكُونِي لَهُ مِهَادًا يَكُنْ لَك عِمَادًا، وَكُونِي لَهُ أَمَةً يَكُنْ لَك عَبْدًا، لَا تُلْحِفِي بِهِ فَيَقْلَاكِ وَلَا تُبَاعِدِي عَنْهُ فَيَنْسَاك، إنْ دَنَا فَاقْرُبِي مِنْهُ، وَإِنْ نَأَى فَابْعُدِي عَنْهُ، وَاحْفَظِي أَنْفَهُ وَسَمْعَهُ وَعَيْنَهُ لَا يَشُمُّ مِنْك إلَّا طَيِّبًا وَلَا يَسْمَعُ إلَّا حَسَنًا وَلَا يَنْظُرُ إلَّا جَمِيلًا، وَالْقَوْلُ الْجَامِعُ أَنْ تَكُونَ قَاعِدَةً فِي بَيْتِهَا لَازِمَةً لِمِغْزَلِهَا قَلِيلَةَ الْكَلَامِ لِجِيرَانِهَا هِمَّتُهَا صَلَاحُ شَأْنِهَا وَتَدْبِيرُ بَيْتِهَا مُقْبِلَةً عَلَى صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَتَكُونَ قَانِعَةً مِنْ زَوْجِهَا بِمَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى وَمُقَدِّمَةً حَقَّهُ عَلَى حَقِّ نَفْسِهَا وَحَقِّ سَائِرِ أَقَارِبِهَا مُتَنَظِّفَةً فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهَا لِيَسْتَمْتِعَ بِهَا إنْ شَاءَ كَذَا فِي مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ.

(وَمِنْهَا الْعَكْسُ) أَيْ إيذَاءُ الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا (د عَنْ «حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>