للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«لَأَمَرْت الزَّوْجَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا» لِأَنَّهُ غَايَةُ التَّعْظِيمِ وَنِهَايَةُ التَّكْرِيمِ؛ لِأَنَّ فِيهِ وَضْعَ أَشْرَفِ الْأَعْضَاءِ عَلَى أَخَسِّ الْأَشْيَاءِ وَهُوَ التُّرَابُ، وَفِيهِ بَيَانُ امْتِنَاعِ السَّجْدَةِ لِغَيْرِهِ تَعَالَى، وَتَأْكِيدُ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ، وَعَنْ التَّنْبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَقَالَ أَرِنِي شَيْئًا أَزْدَدْ بِهِ يَقِينًا قَالَ مَا تُرِيدُ قَالَ اُدْعُ تِلْكَ الشَّجَرَةَ فَلْتَأْتِك قَالَ فَاذْهَبْ فَادْعُهَا فَذَهَبَ فَقَالَ أَجِيبِي إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَالَتْ عَلَى جَانِبٍ مِنْ جَانِبَيْهَا فَقُطِعَتْ عُرُوقُهَا حَتَّى انْتَهَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ حَسْبِي حَسْبِي فَأَمَرَهَا فَرَجَعَتْ فَدَلَّتْ عُرُوقُهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ثُمَّ اسْتَوَتْ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ ائْذَنْ لِي أُقَبِّلْ رَأْسَك وَرِجْلَيْك فَأَذِنَ لَهُ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ فَقَالَ ائْذَنْ لِي أَسْجُدْ لَك قَالَ لَا يَسْجُدُ أَحَدٌ لِأَحَدٍ مِنْ الْخَلْقِ وَلَوْ كُنْت آمِرًا لِأَحَدٍ بِذَلِكَ لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا» وَالْحَدِيثُ فِي الْجَامِعِ «لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْت النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ لِمَا جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْهِنَّ مِنْ الْحَقِّ» قَالَ شَارِحُهُ وَتَتِمَّتُهُ عِنْدَ أَحْمَدَ «لَوْ كَانَ مِنْ قَدَمِهِ إلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ قُرْحَةٌ تَنْبَجِسُ مِنْ الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْهُ فَلَحَسَتْهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ» ، ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ قِصَّةٌ «كَانَ لِأَهْلِ الْبَيْتِ جَمَلٌ اُسْتُصْعِبَ عَلَيْهِمْ فَمَنَعَهُمْ ظَهْرَهُ فَأَخْبَرُوهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِأَنَّ الزَّرْعَ وَالنَّخْلَ عَطِشَ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قُومُوا فَدَخَلَ الْحَائِطَ وَالْجَمَلُ فِي نَاحِيَتِهِ فَقَالُوا قَدْ صَارَ كَالْكَلْبِ الْكَلْبُ يَخَافُ عَلَيْك صَوْلَتَهُ قَالَ لَيْسَ عَلَيَّ مِنْهُ بَأْسٌ فَلَمَّا نَظَرَ الْجَمَلُ إلَيْهِ أَقْبَلَ نَحْوَهُ حَتَّى خَرَّ سَاجِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَخَذَ نَاصِيَتَهُ حَتَّى أَدْخَلَهُ فِي الْعَمَلِ فَقَالُوا هَذَا بَهِيمَةٌ لَا يَعْقِلُ يَسْجُدُ لَك وَنَحْنُ نَعْقِلُ فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَك قَالَ لَا يَصِحُّ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ لَوْ صَحَّ لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا لِعِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا حَتَّى لَوْ كَانَ مِنْ قَدَمِهِ إلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ قُرْحَةً تَنْبَجِسُ بِالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْهُ فَلَحَسَتْهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ الْمُنْذِرِيُّ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ مَشْهُورُونَ انْتَهَى (خ م عَنْهُ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (مَرْفُوعًا «إذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ أَنْ تَجِيءَ إلَيْهِ» إلَى فِرَاشِهِ بِلَا عُذْرٍ كَالْحَيْضِ وَالْمَرَضِ وَالصَّوْمِ «فَبَاتَ غَضْبَانَ لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ» ؛ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِطَاعَةِ زَوْجِهَا، وَعَنْ النَّوَوِيِّ لَيْسَ الْحَيْضُ عُذْرًا فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ الْفِرَاشِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فَوْقَ الْإِزَارِ، وَفِيهِ أَنَّ سُخْطَ الزَّوْجِ يُوجِبُ سُخْطَ الرَّبِّ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فِي قَضَاءِ الشَّهْوَةِ فَكَيْفَ إذَا كَانَ فِي أَمْرِ الدِّينِ وَإِنَّمَا غَيَّا بِالصَّبَاحِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَغْنِي عَنْهَا بَعْدَ الصَّبَاحِ لِحُدُوثِ الْمَانِعِ عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ فِيهِ غَالِبًا (زحك عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا) الْأَقْيَسُ إلَى مَا قَبْلَهُ أَنْ يَقُولَ عَنْهُ بِالضَّمِيرِ «مِنْ حَقِّهِ» أَيْ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ «أَنْ لَوْ سَالَ مَنْخَرَاهُ» ثُقْبَا أَنْفِ الزَّوْجِ «دَمًا وَقَيْحًا» تَمْيِيزَانِ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ «فَلَحَسَتْهُ بِلِسَانِهَا» اللَّحْسُ اللَّعْقُ «مَا أَدَّتْ حَقَّهُ» ، وَفِي الْحَدِيثِ أَوَّلُ مَا تُسْأَلُ عَنْهُ الْمَرْأَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ صَلَاتِهَا، ثُمَّ عَنْ حَقِّ زَوْجِهَا، وَفِي الْخَبَرِ أَنَّ «الْمَرْأَةَ إذَا صَلَّتْ وَلَمْ تَدْعُ لِزَوْجِهَا رُدَّتْ صَلَاتُهَا حَتَّى تَدْعُوَ لَهُ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>