للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ شَرِيكًا لَهُ تَعَالَى، وَفِي الْخَانِيَّةِ وَاَلَّذِي يَسْتَعْمِلُ السِّحْرَ فَهُوَ عَلَى وُجُوهٍ: إنْ كَانَ يَقُولُ أَنَا أَخْلُقُ وَأَفْعَلُ مَا أُرِيدُ ثُمَّ تَابَ وَتَبَرَّأَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ تَعَالَى - خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ - قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ وَلَا يُقْتَلُ، وَإِنْ كَانَ يَسْتَعْمِلُ السِّحْرَ وَيَجْحَدُ وَلَا يَدْرِي كَيْفَ يَفْعَلُ بِهِ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ إذَا أُخِذَ وَثَبَتَ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَسَاحِرٌ يَسْتَعْمِلُ السِّحْرَ لِلِامْتِحَانِ وَلَا يَعْتَقِدُهُ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ كَافِرًا، وَعَنْ الْخَانِيَّةِ إذَا تَابَ السَّاحِرُ قَبْلَ الْأَخْذِ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَبَعْدَ الْأَخْذِ كَالزِّنْدِيقِ.

وَتَعَلُّمُ السِّحْرِ كُفْرٌ وَقِيلَ إنْ لِلنَّجَاةِ أَوْ التَّوَقِّي فَلَا، وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ عَنْ الشَّافِعِيِّ إذَا اعْتَرَفَ السَّاحِرُ بِأَنَّهُ قَتَلَ الشَّخْصَ بِسِحْرِهِ وَجَبَ الْقَوَدُ (س عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ» نَفَخَ «فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ، وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ» إنْ اعْتَقَدَ التَّأْثِيرَ «وَمَنْ تَعَلَّقَ بِشَيْءٍ» اعْتَقَدَ قَلْبُهُ شَيْئًا دُونَهُ تَعَالَى «وُكِلَ إلَيْهِ» وَلَمْ يُعِنْهُ تَعَالَى وَلَمْ يَنْصُرْهُ، وَأَمَّا مَنْ تَعَلَّقَ بِاَللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ وَيَرْزُقُهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (ز عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ» وَهُوَ جَعْلُ الشَّيْءِ عَلَامَةً لِلشَّرِّ نَحْوَ فِعْلِ طَيْرٍ أَوْ سَمَاعِ كَلَامٍ كَصَوْتِ الْغُرَابِ وَالْعَقْعَقِ وَرُؤْيَةِ الْأَرْنَبِ وَالرَّجُلِ الْفَاسِقِ وَالرَّجُلِ الْعَرِيفِ بِالشُّؤْمِ «أَوْ تَكَهَّنَ» بِنَفْسِهِ وَالْكِهَانَةُ إخْبَارٌ عَنْ الْغَيْبِ «أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ أَوْ سَحَرَ» بِنَفْسِهِ «أَوْ سُحِرَ لَهُ» ، فَإِنْ اعْتَقَدَ التَّأْثِيرَ وَعِلْمَ الْغَيْبِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ لَيْسَ مِنَّا لَيْسَ مِنْ أُمَّتِنَا؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ وَإِلَّا فَمَعْنَاهُ لَيْسَ مِنْ عَامِلِ شَرِيعَتِنَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ حَرَامٌ لَيْسَ بِكُفْرٍ كَمَا مَرَّ لَكِنْ إنْ أُرِيدَ أَحَدُهُمَا يَبْقَى الْآخَرُ، وَإِنْ أُرِيدَا مَعًا فَيَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ أَوْ الْحَقِيقَتَيْنِ وَهُوَ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ عِنْدَنَا فَنَقُولُ الْمُرَادُ مُطْلَقُ الْحُرْمَةِ فِي ضِمْنِ أَيِّهِمَا وُجِدَ وَإِلَّا فَلَا «وَمَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلُ التَّصْدِيقُ بَلْ الشَّكُّ فَالظَّاهِرُ لَيْسَ بِكُفْرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>