للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ بَعْضٍ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ مَا لَمْ يُصَدِّقْ تَصْدِيقًا يَقِينِيًّا وَكَذَا السُّؤَالُ لِلِاسْتِهْزَاءِ أَوْ التَّكْذِيبِ، وَفِي قَاضِي خَانْ تَصْدِيقُ الْكَاهِنِ كُفْرٌ وَلَوْ قَالَ أَنَا أُخْبِرُ بِأَخْبَارِ الْجِنِّ، وَفِي النِّصَابِ مَا حَاصِلُهُ مَا يُرَادُ بِهِ الْإِصْلَاحُ وَالنَّفْعُ لَيْسَ بِمَنْهِيٍّ كَحَلِّ الْعُقَدِ فَالْمُبْتَلَى بِذَلِكَ يَأْخُذُ حُزْمَةَ قُضْبَانٍ وَيَطْلُبُ فَأْسًا ذَا فِقَارَيْنِ وَيَضَعُهُ فِي وَسَطِ تِلْكَ الْحُزْمَةِ وَيُؤَجِّجُ نَارًا فِي تِلْكَ الْحُزْمَةِ حَتَّى إذَا حَمِيَ الْفَأْسُ اسْتَخْرَجَهُ مِنْ النَّارِ وَبَالَ عَلَى حِدَّتِهِ، فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِإِذْنِهِ تَعَالَى. اهـ.

(وَمِنْهَا تَعْلِيقُ التَّمَائِمِ) خَرَزَةٌ تُعَلَّقُ لِدَفْعِ الْآفَاتِ (وَنَحْوِهِ د عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا «إنَّ الرُّقَى» مَا تُكْتَبُ لِدَفْعِ الْأَوْجَاعِ وَالْآلَامِ ( «وَالتَّمَائِمَ وَالتُّوَلَةَ» شَيْءٌ تَصْنَعُهُ النِّسَاءُ لِيَتَحَبَّبْنَ إلَى أَزْوَاجِهِنَّ «شِرْكٌ» إنْ اعْتَقَدَ التَّأْثِيرَ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الرُّقَى مَعْلُومَ الْمَعَانِي فَجَائِزٌ وَإِلَّا فَحَرَامٌ كَالْآخَرَيْنِ فَحِينَئِذٍ الْمُرَادُ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ تَرْهِيبًا وَتَهْدِيدًا، وَعَنْ الْخَانِيَّةِ صَنْعَةُ الْمَرْأَةِ التَّعْوِيذَ لِيُحِبَّهَا زَوْجُهَا الْبَاغِضُ لَهَا حَرَامٌ قَالَ الْعَبْدُ أَصْلَحَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيُسْتَدَلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَنْعِ النَّاسِ أَنْ يُعَلِّقُوا عَلَى أَوْلَادِهِمْ التَّمَائِمَ وَالْخُيُوطَ وَالْخَرَزَاتِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا تَخَلَّفَ أَنْوَاعُهُ وَيَظُنُّونَ أَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهُمْ أَوْ يَدْفَعُ عَنْهُمْ الْعَيْنَ وَمَسَّ الشَّيْطَانِ، وَفِيهِ نَوْعٌ مِنْ الشِّرْكِ أَعَاذَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ النَّفْعَ وَالضُّرَّ بِيَدِ اللَّهِ لَا بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الرَّتِيمَةِ وَهِيَ الْخَيْطُ الَّذِي يُرْبَطُ بِالْإِصْبَعِ أَوْ الْخَاتَمِ لِلتَّذَكُّرِ، فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ لِلْحَاجَةِ كَمَا فِي نِصَابِ الِاحْتِسَابِ انْتَهَى.

أَقُولُ الْأَشْبَهُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِنَحْوِ مَا كَانُوا يَرْقُونَ بِمَا فِيهِ أَسْمَاءُ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ وَالْأَصْنَامِ وَيُعَلِّقُونَ التَّمِيمَةَ وَهِيَ الْخَرَزَةَ وَكَذَا التُّوَلَةَ وَهِيَ الشَّيْءُ الَّذِي يُصْنَعُ لِلْمَحَبَّةِ وَيَعْتَقِدُونَ فِي ذَلِكَ دَفْعَ الْمَضَارِّ وَالتَّأْثِيرَ وَالِاضْطِرَارَ إلَى الْحُبِّ فَأَخْبَرَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهَا بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَكُونُ بِاعْتِقَادِ التَّأْثِيرِ مِنْ غَيْرِهِ تَعَالَى فَشِرْكٌ (حَدّ يعلى حك عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً» عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ طِفْلِهِ أَوْ دَابَّتِهِ «فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ» ، وَفِي الْجَامِعِ «فَلَا تَمَّمَ اللَّهُ لَهُ» مَا أَرَادَهُ مِنْ الْحِفْظِ «وَمَنْ عَلَّقَ وَدَعَةً» خَرَزَةً لِدَفْعِ الْعَيْنِ «فَلَا رَدَّ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ» أَيْ لَا تَرَكَ اللَّهُ لَهُ أَنْ يَحْصُلَ مُرَادُهُ. دُعَاءٌ أَوْ خَبَرٌ، وَفِي الْجَامِعِ «مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ» أَيْ فَعَلَ فِعْلَ أَهْلِ الشِّرْكِ وَهُمْ يَرَوْنَ بِهِ دَفْعَ الْمَقَادِيرِ الْمَكْتُوبَةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إذَا اعْتَقَدَ الَّذِي عَلَّقَهَا أَنَّهَا تَرُدُّ الْعَيْنَ فَقَدْ ظَنَّ أَنَّهَا تَرُدُّ الْقَدْرَ وَاعْتِقَادُ ذَلِكَ شِرْكٌ.

(تَنْبِيهٌ)

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ كَغَيْرِهِ مَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْخَبَرِ وَمَا قَبْلَهُ فِي تَعْلِيقِ مَا لَيْسَ فِيهِ قُرْآنٌ وَنَحْوُهُ أَمَّا مَا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ فَلَا نَهْيَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ لِلتَّبَرُّكِ وَالتَّعَوُّذِ بِأَسْمَائِهِ وَذِكْرِهِ، وَكَذَا لَا نَهْيَ عَمَّا يُعَلَّقُ لِأَجْلِ الزِّينَةِ مَا لَمْ يَبْلُغْ الْخُيَلَاءَ وَالسَّرَفَ كَذَا فِي الْفَيْضِ وَأَقُولُ أَيْضًا مَحْمَلُ مَا ذُكِرَ عَلَى اعْتِقَادِ التَّأْثِيرِ أَوْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ (حك عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -) وَعَنْ أَبَوَيْهَا (أَنَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>