(فَعَلَيْك بِهِ) رُجُوعًا وَعَمَلًا.
(وَ) مِنْهَا (تَرْكُ كُلِّ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ) وَتَرْكُ الْمُسْتَحَبَّةِ لَا سِيَّمَا الْمُدَاوَمَةُ عَلَى التَّرْكِ، وَإِنْ كَانَ آفَةً أَيْضًا لَكِنَّهُ لَيْسَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ (كَاعْتِكَافِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ) فَإِنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَيْنًا بِلَا عُذْرٍ لِعَدَمِ تَرْكِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً مُذْ دَخَلَ الْمَدِينَةَ، وَأَمَّا عَدَمُ الْوُجُوبِ بَعْدَ هَذِهِ الْمُوَاظَبَةِ فَلِدَلِيلِ عَدَمِ الْوُجُوبِ كَعَدَمِ إنْكَارِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يَفْعَلْهُ (وَكَالتَّرَاوِيحِ) فَإِنَّ نَفْسَهَا سُنَّةُ عَيْنٍ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ (وَالْجَمَاعَةِ فِيهَا، فَإِنَّهَا سُنَّةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ) فَبِإِقَامَةِ الْبَعْضِ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ سَقَطَتْ الْإِسَاءَةُ عَنْ الْبَاقِينَ وَإِلَّا فَلَا (وَالْخَتْمِ فِيهَا) مَرَّةً وَيَخْتِمُ فِي لَيْلَةِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ لِكَثْرَةِ الْأَخْبَارِ بِأَنَّهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَلَا يُتْرَكُ الْخَتْمُ لِكَسَلِ الْقَوْمِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ فَلَوْ كَانَ إمَامُ مَسْجِدِ حَيِّهِ لَا يَخْتِمُ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ إلَى غَيْرِهِ، وَعَنْ الظَّهِيرِيَّةِ الْخَتْمُ مَرَّةً فِي التَّرَاوِيحِ سُنَّةٌ وَمَرَّتَيْنِ فَضِيلَةٌ وَثَلَاثًا أَفْضَلُ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إحْدَى وَسِتِّينَ خَتْمَةً ثَلَاثِينَ فِي اللَّيَالِي وَثَلَاثِينَ فِي الْأَيَّامِ وَوَاحِدَةً فِي التَّرَاوِيحِ كَمَا نُقِلَ عَنْ قَاضِي خَانْ فَيُتَأَمَّلُ مِمَّا سَبَقَ. وَلَعَلَّ أَنَّ مَا نُقِلَ عَنْ الْمُحِيطِ وَالِاخْتِيَارِ الْأَفْضَلُ فِي زَمَانِنَا أَنْ لَا يَقْرَأَ بِمَا يُؤَدِّي إلَى تَنْفِيرِ الْقَوْمِ عَنْ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ تَكْثِيرَ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ وَأَنَّ دَفْعَ الْإِسَاءَةِ عَنْ الْإِمَامِ لِتِلْكَ الضَّرُورَةِ وَلَكِنْ لَا يَدْفَعُهَا عَنْ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ ثَقُلَ عَلَيْهِمْ الْخَتْمُ، وَقَدْ قِيلَ إنَّ أَصْلَ الْكُلِّ يَعْنِي السُّنَّةَ الْقَدِيمَةَ لَا يُغَيَّرُ بِالْعَوَارِضِ الْبِدْعِيَّةِ بَلْ يُؤَدَّبُ وَيُحْبَسُ الْفَارُّونَ وَالتَّحْقِيقُ مَا قَالَهُ بَعْضٌ بِأَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ مُرَاعَاةِ أَدْنَى السُّنَّةِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِقِرَاءَةِ عَشْرِ آيَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّ أَعْلَى السُّنَّةِ كَثَلَاثِينَ آيَةً وَكَذَا أَوْسَطُهَا كَعِشْرِينَ آيَةً يُتْرَكَانِ لِكَسَلِ الْقَوْمِ، وَأَمَّا أَدْنَى السُّنَّةِ فَعَشْرٌ لِقَوْمٍ كَسَالَى فَلَا يُتْرَكُ لِكَسَلِ الْقَوْمِ قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَلَا يُتْرَكُ الْخَتْمُ لِكَسَلِ الْقَوْمِ، وَعَنْ الْأَكْمَلِ يُقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَشْرُ آيَاتٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَخْفِيفًا لِلنَّاسِ وَيَحْصُلُ بِهِ أَدْنَى السُّنَّةِ، قِيلَ وَإِنَّمَا قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِرَدِّ مَنْ قَالَ يَقْرَأُ أَقَلَّ مِنْ عَشْرِ آيَاتٍ لِكَسَلِ الْقَوْمِ أَقُولُ ذَلِكَ مِثْلُ الْمَنْقُولِ عَنْ الِاخْتِيَارَاتِ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي التَّرَاوِيحِ مَا يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ وَهُوَ مَا بَعْدَ سُورَةِ " لَمْ يَكُنْ " وَلَعَلَّ التَّعْلِيلَ بِأَنَّ التَّرَاوِيحَ أَخَفُّ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ وَمِثْلُهُ عَنْ الْجَوْهَرَةِ، وَقَدْ سَمِعْت ظَاهِرَ قَوْلِ الْمُحِيطِ وَالِاخْتِيَارِ آنِفًا، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ بَعْدَمَا نَقَلَ مِثْلَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ قَالَ هَذِهِ الْأَقْوَالُ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ بِهَذَا الْقَدْرِ لَا يَحْصُلُ الْخَتْمُ وَالْخَتْمُ فِي التَّرَاوِيحِ سُنَّةٌ وَقِيلَ يَقْرَأُ فِي التَّرَاوِيحِ مَا يَقْرَأُ فِي الْعِشَاءِ مِنْ ثَلَاثِينَ أَوْ عِشْرِينَ؛ لِأَنَّ التَّرَاوِيحَ تَبَعٌ لِلْعِشَاءِ وَالصَّحِيحُ مَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ قِرَاءَةِ عَشْرِ آيَاتٍ وَهُوَ تَخْفِيفٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى عِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ وَلَا يَتْرُكُ الْإِمَامُ لِكَسَلِ الْقَوْمِ كَأَنْ يَقْرَأَ مَا بَعْدَ سُورَةِ " لَمْ يَكُنْ " أَوْ قَرَأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ بِلَا عُذْرٍ، وَقَدْ ذَكَرَ أَيْضًا فِي كَبِيرِ الْحَلَبِيِّ فَلَا يَتْرُكُ الْخَتْمَ لِكَسَلِ الْقَوْمِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ لَا يَتْرُكُ سُنَنَ الصَّلَاةِ لِأَجْلِ كَسَلِ الْجَمَاعَةِ كَالتَّسْبِيحَاتِ وَكَذَا عَنْ النَّوَازِلِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَشْرَ آيَاتٍ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ الْخَتْمُ وَبِهِ يَحْصُلُ الْخَتْمُ، وَأَيْضًا فِي الْكَنْزِ وَلَا يَتْرُكُ الْخَتْمَ لِكَسَلِ الْقَوْمِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْعَشْرُ تَخْفِيفٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى ثَلَاثِينَ أَوْ عِشْرِينَ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ سُنَّةٍ؛ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute