رُخْصَةَ رَبِّهِ» وَلَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَهُ هُوَ الِاسْتِمْرَارُ قُلْنَا نَعَمْ لَكِنْ قَالَ شَارِحُهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ سِيَّمَا الْعَالِمُ يُقْتَدَى بِهِ
وَتَرْكُ التَّيَمُّمِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لَيْسَ بِحَسَنٍ لِإِفْضَائِهِ إلَى الضَّرَرِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَحْمَدَ وَالْبَيْهَقِيِّ وَالطَّبَرَانِيِّ «إنَّ اللَّه يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ» إذْ الْكُلُّ فِي مَحَلِّهِ؛ إذْ الْوُضُوءُ لَيْسَ أَوْلَى مِنْ التَّيَمُّمِ فِي مَحَلِّهِ، وَلَا الْإِتْمَامُ أَوْلَى مِنْ الْقَصْرِ فَيُطْلَبُ فِعْلُ الرُّخَصِ فِي مَوَاضِعِهَا وَالْعَزَائِمِ كَذَلِكَ فَإِنْ تَعَارَضَا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ رَاعَى الْأَفْضَلَ كَذَا فِي الْفَيْضِ أَيْضًا (بَلْ) كَانُوا (عَلَى مَنْعِ التَّوَغُّلِ فِيهِ) فِي أَمْرِ الطَّهَارَةِ (وَهُوَ) أَيْ النَّوْعُ الْأَوَّلُ (صِنْفَانِ الصِّنْفُ الْأَوَّلُ فِيمَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فِي أَمْرِ الطَّهَارَةِ مِنْ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصِّنْفَ الْأَوَّلَ فِي إثْبَاتِ التَّحْقِيقِيِّ بِالْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ لِكَوْنِ الدِّقَّةِ فِي أَمْرِ الطَّهَارَةِ مَذْمُومَةً، وَالثَّانِي فِي الْإِثْبَاتِ التَّقْلِيدِيِّ لَهُ بِفَتْوَى مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي (وَخَيْرُ الْقُرُونِ) وَهُمْ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ
(د عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) الْخُدْرِيِّ (- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «بَيْنَا» أَيْ بَيْنَ وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ «رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ فِي نَعْلَيْهِ؛ إذْ خَلَعَهُمَا» مِنْ رِجْلَيْهِ «فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَصْحَابُهُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ» قِيلَ مَحْمُولٌ عَلَى الْخَلْعِ بِعَمَلٍ يَسِيرٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلصَّلَاةِ أَوْ عَلَى كَوْنِ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ غَيْرَ مُفْسِدٍ لِلصَّلَاةِ فِي أَوَائِلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ «فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاتَهُ قَالَ: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى خَلْعِ نِعَالِكُمْ» لَعَلَّ أَنَّهُ يَعْلَمُ وَجْهَ الْخَلْعِ لَكِنَّهُ سَأَلَ تَمْهِيدًا لِمَنْ يُجِيبُهُ «قَالُوا رَأَيْنَاك خَلَعْت فَخَلَعْنَا» ؛ لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِالتَّبَعِيَّةِ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.
وَأَمَّا احْتِمَالُ الْخَوَاصِّ وَالزَّلَّةِ فَبَعِيدٌ وَخِلَافُ سِيرَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَإِنَّمَا لَمْ يَحْمِلُوا عَلَى إصَابَةِ النَّجَسِ لِعِلْمِهِمْ اهْتِمَامَهُ فِي الِاحْتِرَازِ عَنْ مِثْلِهِ وَسِيَّمَا عِنْدَ تَتَالِي نَسْخِ الْأَحْكَامِ، وَأَمَّا وُقُوعُ هَذَا الْقَدْرِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِحِكْمَةٍ مِنْ اللَّهِ - تَعَالَى، وَمَصْلَحَةِ إعْلَامِ حُكْمِ الشَّرِيعَةِ لِلْأُمَّةِ ( «فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ جَبْرَائِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا» بِفَتْحِ الذَّالِ مَصْدَرٌ وَبِكَسْرِهَا صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ ضِدُّ الطَّاهِرِ أَوْ الطَّهَارَةِ «وَقَالَ إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ» مِنْ قَبِيلِ الْإِخْرَاجِ مَخْرَجَ الْعَادَةِ أَوْ بِمَعْنًى لُغَوِيٍّ يَعْنِي مَحَلَّ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا أَوْ عُمُومَ مَجَازٍ «فَلْيَنْظُرْ» بِعَيْنِهِ «فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ» فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ بِالنَّعْلَيْنِ.
وَكَذَا فِي جَمِيعِ مَا يُلْبَسُ بِالرِّجْلِ، وَجْهُ التَّخْصِيصِ لِكَوْنِهِمَا مَظَانَّ الْإِصَابَةِ فَيَكُونُ نَزْعُ غَيْرِهِمَا مُقَايَسَةً «قَذَرًا أَوْ أَذًى» قِيلَ شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي فَفِيهِ نَظَرٌ فَمِنْ قَبِيلِ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ «فَلْيَمْسَحْهُ» إنْ مِنْ قَبِيلِ مَا يَزُولُ بِمُجَرَّدِ الْمَسْحِ «وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا» ، وَفِي رِوَايَةٍ «خَبَثًا» بَدَلَ قَذَرًا (فِي الْمَوْضِعَيْنِ) نُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ هُنَا فَيَجُوزُ الشُّرُوعُ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ الْبَعْضِ مَعَ النَّجَاسَةِ بِلَا عِلْمٍ إذَا لَمْ يُؤَدِّ مَعَهَا رُكْنٌ، وَالْحَدِيثُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْ الْحَدِيثِ قَدْرُ عَدَمِ أَدَاءِ رُكْنٍ، وَكَوْنُ النَّجَاسَةِ قَدْرَ مَا يَمْنَعُ مِنْ الصَّلَاةِ بَلْ مَفْهُومِيَّةُ الْبِنَاءِ بِلَا اسْتِئْنَافٍ لَيْسَ بِمَفْهُومٍ صَرِيحًا إلَّا أَنْ يُدَّعَى مِنْ قَوْلِهِ: فَلَمَّا قَضَى الدَّلَالَةَ عَلَى الْبِنَاءِ، وَيُدَّعَى أَنَّ الْبِنَاءَ مَعَ النَّجَاسَةِ يَقْتَضِي عَدَمَ قَدْرِ أَدَاءِ رُكْنٍ وَيُدَّعَى أَيْضًا أَنَّ خَبَرَ جَبْرَائِيلَ يَقْتَضِي كَوْنَ النَّجَاسَةِ قَدْرَ مَنْعِ الصَّلَاةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute