(وَفِي رِوَايَةِ د) أَبِي دَاوُد (قَالَ «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَوَجَدَ حَرَكَةً فِي دُبُرِهِ أَحْدَثَ أَوْ لَمْ يُحْدِثْ» أَيْ شَكَّ فِيهِمَا «فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ» بِعَدَمِ مَا يُرَجِّحُ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ «فَلَا يَنْصَرِفُ» مِنْ الصَّلَاةِ «حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» وَلِذَا قَالُوا الْحَرَكَةُ الَّتِي فِي الدُّبُرِ إذَا لَمْ تَنْبَعِثْ مِنْ الْبَطْنِ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ؛ لِأَنَّهَا اخْتِلَاجٌ نَاشِئٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْيَقِينَ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ لَكِنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ التَّقْيِيدُ بِالصَّلَاةِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَعِنْدَ فُقَهَائِنَا الْإِطْلَاقُ فَإِمَّا نَقُولُ لَا عِبْرَةَ بِالْمَفْهُومِ عِنْدَنَا فِي النَّصِّ أَوْ الْقَيْدُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِنَحْوِ وَاقِعَةٍ أَوْ سُؤَالٍ أَوْ يُفْهَمُ حُكْمُ الْخَارِجِ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ أَوْ الْمُقَايَسَةِ لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْعِلَّةِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي إرَادَةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ عَلَى وُضُوءٍ وَكَذَا قَوْلُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ؛ إذْ هُوَ بِمَعْنَى مُطْلَقِ الْمُصَلَّى لَا يَخْفَى مَا فِي الِاسْتِشْهَادِ مِنْ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الدَّلَالَةِ عَلَى كَوْنِ أَمْرِ الطَّهَارَةِ عَلَى السَّعَةِ وَتَرْكِ التَّدْقِيقِ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالشَّكِّ الَّذِي هُوَ فِي طَرِيقِ الْيَقِينِ
فَمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ فَهُوَ مُتَطَهِّرٌ كَمَنْ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الطَّهَارَةِ فَهُوَ مُحْدِثٌ لَكِنْ مَا ذُكِرَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ دَخَلَ بَيْتَ الْخَلَاءِ وَجَلَسَ لِلِاسْتِرَاحَةِ، وَشَكَّ هَلْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ لَا كَانَ مُحْدِثًا وَإِنْ جَلَسَ لِلْوُضُوءِ وَمَعَهُ مَاءٌ ثُمَّ شَكَّ هَلْ تَوَضَّأَ أَوْ لَا كَانَ مُتَوَضِّئًا فَلَعَلَّ الْغَالِبَ فِيهِمَا يَكُونُ قَرِينَةً مُرَجِّحَةً (ط عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَرَجَ) إلَى السَّفَرِ (مَعَ رَكْبٍ) أَيْ مَعَ رُكْبَانٍ مِنْ الْإِبِلِ (فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حَتَّى وَرَدَا) أَيْ عُمَرُ وَعَمْرٌو (حَوْضًا فَقَالَ عَمْرُو يَا صَاحِبَ الْحَوْضِ هَلْ يَرِدُ حَوْضَك السِّبَاعُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَا صَاحِبَ الْحَوْضِ لَا تُخْبِرْنَا) لِأَنَّا نَعْمَلُ بِأَصْلِ الطَّهَارَةِ، وَلَا نَلْتَفِتُ لِذَلِكَ الِاحْتِمَالِ؛ لِأَنَّهُ وَسْوَسَةٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا فَفِيهِ تَأْدِيبٌ لِعَمْرٍو حَيْثُ سَأَلَ عِنْدَ حُضُورِ الْأَفْضَلِ مِنْهُ بَلْ وَظِيفَتُهُ التَّسْلِيمُ لِلْأَفْضَلِ، وَفِيهِ أَيْضًا رَدٌّ وَتَعْرِيضٌ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ عَنْ نَجَاسَتِهِ مَا لَمْ يَسْتَيْقِنْ أَوْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ ثُمَّ الِاحْتِجَاجُ بِقَوْلِ عُمَرَ إمَّا لِسُكُوتِ بِوَاقِي الصَّحَابَةِ فَيَحِلُّ مَحَلَّ الْإِجْمَاعِ أَوْ لَا يُعْلَمُ خِلَافُهُمْ، وَلَا وِفَاقهُمْ فَيَكُونُ حُجَّةً عِنْدَنَا سِيَّمَا عِنْدَ مُوَافَقَةِ الْقِيَاسِ، وَالتَّفْصِيلُ فِي الْأُصُولِ (خ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ «كَانَتْ الْكِلَابُ تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ» لَا يَغْسِلُونَ تِلْكَ الْمَوَاضِعَ بَلْ يَعْتَمِدُونَ عَلَى الظَّاهِرِ وَأَصَالَةِ الطَّهَارَةِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ بَوْلِ الْكِلَابِ وَرَوْثِهَا قِيلَ وَمَا فِي نُسْخَةِ إبْرَاهِيمَ النَّسَفِيِّ مِنْ أَنَّهَا كَانَتْ تَبُولُ وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْكَرْمَانِيُّ فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّسْخِ أَوْ عَلَى أَنَّهُمْ يَقْلِبُونَ وَجْهَ الْأَرْضِ
(د عَنْ «دَاوُد بْنِ صَالِحٍ عَنْ أُمِّهِ أَنْ مَوْلَاتَهَا» سَيِّدَتَهَا «أَرْسَلَتْهَا بِهَرِيسَةٍ إلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قَالَتْ» أَيْ الْأَمَةُ «فَوَجَدْتهَا تُصَلِّي» أَيْ عَائِشَةُ «فَأَشَارَتْ إلَيَّ أَنْ أَضَعَهَا» قِيلَ الْإِشَارَةُ لَا تَضُرُّ الْمُصَلِّيَ وَتَمَامُهُ فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي انْتَهَى فَتَأَمَّلْ فَوَضَعَتْهَا فِيمَا أَشَارَتْ إلَيْهِ «فَجَاءَتْ هِرَّةٌ فَأَكَلَتْ مِنْهَا فَلَمَّا انْصَرَفَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مِنْ صَلَاتِهَا أَكَلَتْ مِنْ حَيْثُ أَكَلَتْ الْهِرَّةُ، وَقَالَتْ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute