للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمْعُ مَنْدِيلٍ خِرْقَةٌ تُمْسَحُ بِهَا الْيَدُ لِلْوَسَخِ (بَوَاطِنُ أَرْجُلِنَا) فَنَمْسَحُ مَا بَقِيَ فِي أَيْدِينَا مِنْ أَثَرِ الطَّعَامِ فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى بِدَعِيَّةِ الْمِنْدِيلِ لِلْوُضُوءِ فَلَا يُنَافِيهِ كَوْنُ الْمَسْحِ بِالْمِنْدِيلِ بَعْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ بَعْدَ الطَّعَامِ أَدَبًا (حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ) مِنْ الْحَنَفِيَّةِ (الصَّلَاةُ فِي النَّعْلَيْنِ أَفْضَلُ) قَالَ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ قَرِيبًا مِنْ خِتَامِهِ، وَفِي الْحُجَّةِ الصَّلَاةُ فِي النَّعْلَيْنِ تَفْضُلُ عَلَى صَلَاةِ الْحَافِي أَضْعَافًا مُخَالَفَةً لِلْيَهُودِ (لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَإِنْكَارِهِ خَلْعَهَا) كَمَا مَرَّ لَا يَخْفَى أَنَّ فَهْمَ الْفَضِيلَةِ مِنْ ذَلِكَ إنْ تَمَّ لَيْسَ إلَّا بِالِالْتِزَامِ، وَفَهْمُ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ آنِفًا مُطَابَقَةٌ وَصَرِيحٌ لَعَلَّ الْحَقَّ هُنَا مَا قِيلَ إنَّ نَهْيَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَكُنْ عَنْ خَلْعِهِمَا لِلصَّلَاةِ بَلْ عَنْ خَلْعِهِمَا فِي الصَّلَاةِ.

وَكَذَا الْأَمْرُ بِلُبْسِهِمَا مِنْ قَبِيلِ تَعْلِيمِ الْجَوَازِ وَأَنَّ مُخَالَفَةَ الْيَهُودِ تَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الرَّأْيِ وَالتَّجْوِيزِ فَإِنَّهُمْ لَا يُجَوِّزُونَهُ (وَقَالَ النَّخَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الَّذِينَ يَخْلَعُونَ نِعَالَهُمْ: وَدِدْت) أَيْ أَحْبَبْت (لَوْ أَنَّ مُحْتَاجًا جَاءَ وَأَخَذَهَا) حَالَ كَوْنِهِ (مُنْكِرًا لِخَلْعِ النِّعَالِ) قِيلَ: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يُنْكِرُ الصَّلَاةَ بِالنَّعْلِ أَقُولُ فَحِينَئِذٍ لَا يَتِمُّ اسْتِشْهَادُ الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ كَانَ ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ الْإِطْلَاقَ فِي الْحَقِيقَةِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ (وَكَانُوا) أَيْ السَّلَفُ (يَمْشُونَ فِي طِينِ الشَّوَارِعِ) جَمْعُ شَارِعٍ بِمَعْنَى الطَّرِيقِ (حُفَاةً) بِلَا خُفٍّ وَلَا نَعْلٍ فَبِمَعْنَى عُرَاةٍ وَقَدْ عُلِمَ فِي مَحَلِّهِ سُنِّيَّةُ الْمَشْيِ حُفَاةً (وَيَجْلِسُونَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الطِّينِ فِي الشَّوَارِعِ أَقُولُ: مَشْيُهُمْ عَلَى الطِّينِ، وَلَوْ طَاهِرًا خَالِصًا وَكَذَا جُلُوسُهُمْ عَلَيْهَا بَعِيدٌ عَنْ التَّلْوِيثِ وَالتَّلْطِيخِ الْمُنَافِي لِلنَّظَافَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَصْحِيحِ النَّقْلِ أَوْ تَأْوِيلِ الطِّينِ بِالْيَابِسِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ بَعِيدًا مِنْ مُرَادِ الْمَقَامِ قِيلَ عَنْ الْخُلَاصَةِ: وَطِينُ بُخَارَى طَاهِرٌ، وَلَا يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ مَمْلُوءًا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِطًا بِالْعَذِرَاتِ وَالْحَلْوَانِيُّ لَا يَقْبَلُ هَذَا (وَ) كَانُوا (يُصَلُّونَ فِي الْمَسَاجِدِ عَلَى الْأَرْضِ) مَعَ احْتِمَالِ تَنَجُّسِهَا بَلْ مَعَ قَرَائِنِ النَّجَاسَةِ كَمَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي عَرَفَاتٍ وَمَسْجِدِ الْخَيْفِ فِي مِنًى قِيلَ: حَتَّى قَالَ مَالِكٌ: الصَّلَاةُ عَلَى الْأَرْضِ أَفْضَلُ ثُمَّ عَلَى الْحَصِيرِ وَكَرِهَهَا عَلَى الْبِسَاطِ غَيْرُهُ (وَيَأْكُلُونَ مِنْ دَقِيقِ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَهُوَ يُدَاسُ بِالدَّوَابِّ وَتَبُولُ عَلَيْهِ) .

قَالَ فِي الدُّرَرِ: وَكَمَا لَوْ بَالَ حِمَارٌ عَلَى مَا يَدُوسُهُ مِنْ الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا فَقُسِمَ أَوْ غُسِلَ بَعْضٌ مِنْهَا حَيْثُ يَطْهُرُ الْبَاقِي، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ التَّحَرِّي، وَعَنْ الْمِنَحِ وَكَذَا لَوْ أُكِلَ أَوْ بِيعَ بَعْضُهُ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِ النَّجِسِ فِي كُلِّ طَرَفٍ كَمَا فِي الثَّوْبِ (وَلَا يَحْتَرِزُونَ عَنْ عَرَقِ الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ مَعَ كَثْرَةِ تَمَرُّغِهَا فِي النَّجَاسَاتِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ، وَلَوْ كَانَ السُّؤَالُ مَمْدُوحًا لَفَعَلُوا، وَلَوْ فَعَلُوا لَنَقَلُوا، وَإِلَّا فَأَثِمُوا، وَهُمْ بُرَآءُ فَإِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثْمٌ (وَلَمْ يُنْقَلْ قَطُّ) كَمَا نُقِلَ مِنْ سُؤَالِهِمْ عَنْ دَقَائِقِ خَبَائِثِ الْقَلْبِ (عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سُؤَالٌ عَنْ دَقَائِقِ النَّجَاسَاتِ) بَلْ تَسَامَحُوا جَرْيًا عَلَى أَصْلِ الطَّهَارَةِ

لَا يَخْفَى أَنَّ حَاصِلَ مَا ذُكِرَ بَقَاءُ أَصْلِ الطَّهَارَةِ الثَّابِتَةِ فِي الزَّمَانِ السَّابِقِ فِي هَذَا الزَّمَانِ الْحَالِّ عِنْدَ عَدَمِ صَرِيحٍ يُنَافِيهِ، وَهُوَ الْمَعْنِيُّ بِإِبْقَاءِ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ، وَهُوَ مَعْنَى الِاسْتِصْحَابِ الْمُفَسَّرُ بِالْحُكْمِ بِبَقَاءِ أَمْرٍ مُحَقَّقٍ لَمْ يُظَنَّ عَدَمُهُ، وَهُوَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَنَا سِيَّمَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَطَالِبِ؛ إذْ تَفْصِيلُهُ أَنَّهُ حُجَّةٌ مُطْلَقًا عِنْدَ بَعْضٍ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ مُطْلَقًا عَنْ بَعْضٍ كَأَبِي زَيْدٍ وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ حُجَّةٌ فِي الدَّفْعِ لَا فِي الْإِثْبَاتِ.

قَالَ صَاحِبُ الْأَشْبَاهِ: وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ أَصْلًا لِأَنَّ الدَّفْعَ اسْتِمْرَارُ عَدَمِهِ الْأَصْلِيِّ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْوُجُودِ لَيْسَ مُوجِبَ بَقَائِهِ فَالْحُكْمُ بِبَقَائِهِ بِلَا دَلِيلٍ كَذَا فِي التَّحْرِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ (وَقَدْ انْتَهَتْ النَّوْبَةُ الْآنَ إلَى طَائِفَةٍ يُسَمُّونَ الرُّعُونَةَ) أَيْ الْحَمَاقَةَ وَالْجَهَالَةَ فَالتَّسْمِيَةُ مِنْ غَيْرِ تَطَابُقٍ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْمُسَمَّى (نَظَافَةً) مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>