للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَرِيحًا، وَالصَّرِيحُ فَوْقَ الدَّلَالَةِ؛ فَلِذَا كَانَ ذَلِكَ أَفْضَلَ مِنْ التَّوَضُّؤِ فِي النَّهْرِ وَلِأَنَّ فِيهِ نَوْعَ عُجْبٍ بِوَاسِطَةِ التَّنَزُّهِ عَنْ مُتَوَضَّأِ الْعَامَّةِ كَذَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي (وَفِيهِ) أَيْ الْخُلَاصَةِ (يَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْحَوْضِ الَّذِي يُخَافَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ قَذَرٌ وَلَا يَسْتَيْقِنُهُ) ظَاهِرٌ، وَإِنْ غَلَبَ ظَنُّهُ بِنَجَاسَتِهِ فَمَحَلُّ تَأَمُّلٍ إلَّا أَنْ يُرَادَ مِنْ الِاسْتِيقَانِ مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ مَجَازًا (وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ) ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِيهِ الِاعْتِمَادُ عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا اعْتَمَدَ عُمَرُ الْيَقِينَ فِيمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْيَقِينَ لَا يَزُولُ إلَّا بِمِثْلِهِ وَالْأَصْلُ فِي الْأَشْيَاءِ الطَّهَارَةُ وَالنَّجَاسَةُ عَارِضَةٌ (وَلَا يَدْعُ التَّوَضُّؤَ مِنْهُ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ أَنَّهُ قَذِرٌ) لَكِنْ يَشْكُلُ بِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ التَّوَضُّؤِ فِي الْحَوْضِ، وَلَا يَلْزَمُ السُّؤَالُ عَنْ طَهَارَتِهِ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ نَجَاسَتُهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ غَيْرُ الْيَقِينِ نَعَمْ إنَّ نَفْسَ الظَّنِّ عِنْدَهُمْ مُلْحَقٌ بِالشَّكِّ؛ وَلِذَا قَالَ فِيهِ أَيْضًا بُعَيْدَ هَذَا وَبِمُجَرَّدِ الظَّنِّ لَا يَمْنَعُ، وَلَا يَلْزَمُ السُّؤَالُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ، وَقَدْ عَرَفْت آنِفًا مَا يَصْلُحُ جَوَابًا لَهُ (وَعَلَى هَذَا الضَّيْفُ إذَا قُدِّمَ لَهُ الطَّعَامُ لَيْسَ لِلضَّيْفِ أَنْ يَسْأَلَهُ) أَيْ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَذًى لِلْمُسْلِمِ وَهُوَ حَرَامٌ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ الْحُرْمَةُ، وَإِنْ أَخْبَرَ وَاحِدٌ بِحِلِّهِ لَهُ الِاعْتِمَادُ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْوَاحِدِ فِيهِ مَقْبُولٌ كَذَا قِيلَ: لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَهُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْمَتْنِ، وَإِنْ وَافَقَ الشَّرْحَ وَلِأَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مِلْكُهُ فَيَبْقَى عَلَيْهِ حَتَّى يَتَيَقَّنَ خِلَافَهُ فَافْهَمْ كَذَلِكَ وَلِأَنَّهُ سُوءُ ظَنٍّ بِالْمُسْلِمِ (مِنْ أَيْنَ لَك؟) هَذَا الطَّعَامُ (أَمِنَ الْغَصْبِ أَمْ مِنْ السَّرِقَةِ) ؛ لِأَنَّ مَنْ ارْتَكَبَ الْغَصْبَ أَوْ السَّرِقَةَ لَا يَتَحَاشَى عَنْ الْكَذِبِ فَلَا يَحْصُلُ الِاطْمِئْنَانُ بِخَبَرِهِ بِأَنَّهُ مِنْ الْحَلَالِ (وَكَذَلِكَ لَا بَأْسَ بِالتَّوَضُّؤِ مِنْ جُبٍّ يُوضَعُ كُوزُهُ فِي نَوَاحِي الْبَيْتِ، وَيُشْرَبُ مِنْهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ قَذِرٌ) وَجْهُ اشْتِبَاهِهِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ كَمَا فِي سَائِرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (وَفِيهِ) أَيْ الْخُلَاصَةِ (أَيْضًا مَاءُ الثَّلْجِ) وَمَاءُ الْمَطَرِ (إذَا جَرَى عَلَى الطَّرِيقِ، وَفِي الطَّرِيقِ نَجَاسَاتٌ إنْ تَغَيَّبَتْ النَّجَاسَاتُ فِيهَا) أَيْ فِي الثُّلُوجِ؛ لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ فَيَكُونُ فِي قُوَّةِ قَضَايَا تَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِ مَوْضُوعَاتِهَا كَمَا قِيلَ (وَاخْتَلَطَتْ) بَعْدَ اضْمِحْلَالِهَا (بِحَيْثُ لَا يُرَى لَوْنُهَا وَلَا أَثَرُهَا يُتَوَضَّأُ مِنْهُ، وَفِيهِ إذَا تَنَجَّسَ طَرَفٌ مِنْ أَطْرَافِ الثَّوْبِ وَنَسِيَهُ فَغَسَلَ طَرَفًا مِنْ الثَّوْبِ) وَكَذَا الْحُكْمُ إذَا قَطَعَ طَرَفًا مِنْهُ (مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ حُكِمَ بِطَهَارَةِ الثَّوْبِ) نُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا غَسَلَ طَرَفًا مِنْهُ، أَوْ قَطَعَ زَالَ تَيَقُّنُ النَّجَاسَةِ، وَبَقِيَ تَيَقُّنُ الطَّهَارَةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَهُوَ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ وَالظَّنِّ بَلْ بِمِثْلِهِ، وَقَدْ زَالَ بِغَسْلِ ذَلِكَ الطَّرَفِ أَوْ قَطْعِهِ انْتَهَى يَعْنِي أَنَّ تَيَقُّنَ الطَّهَارَةِ الْأَصْلِيَّةِ قَدْ زَالَ بِتَيَقُّنِ تَنَجُّسِ الطَّرَفِ فَإِذَا قُطِعَ أَوْ غُسِلَ بَقِيَ الْبَوَاقِي مَظْنُونَ النَّجَاسَةِ، وَالظَّنُّ لَا يُزِيلُ الطَّهَارَةَ الْأَصْلِيَّةَ الْمُتَيَقَّنَةَ؛ إذْ عِنْدَ زَوَالِ تَيَقُّنِ النَّجَاسَةِ يَعُودُ تَيَقُّنُ الطَّهَارَةِ وَعِنْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ يَعُودُ الْمَمْنُوعُ لَكِنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ وَالظَّنِّ لَيْسَ بِكُلِّيٍّ إذَا اسْتَثْنَوْا مِنْ قَاعِدَةِ الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ صُوَرًا كَثِيرَةً كَمَنْ وَجَدَ بَلَلًا، وَلَا يَدْرِي أَمَذْيٌ أَمْ مَنِيٌّ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ مَعَ أَنَّهُ شَاكٌّ، وَكَمَنْ وَجَدَ فَارَةً مَيِّتَةً، وَلَمْ يَدْرِ مَتَى وَقَعَتْ وَقَدْ تَوَضَّأَ مِنْهَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ مَعَ الشَّكِّ وَكَمَنْ شَكَّ هَلْ كَبَّرَ لِلِافْتِتَاحِ أَوْ لَا أَوْ أَحْدَثَ أَوْ لَا أَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ أَوْ لَا وَكَانَ أَوَّلَ مَا عُرِضَ لَهُ اسْتَقْبَلَ وَتَفْصِيلُهُ فِي مَوْضِعِ الْأَشْبَاهِ (وَهُوَ الْمُخْتَارُ) إشَارَةً إلَى مَا فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يَغْسِلُ الثَّوْبَ كُلَّهُ ثُمَّ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَهُوَ الْأَحْوَطُ وَقَدْ نُقِلَ قُبَيْلَ ذَلِكَ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ إذَا خَفِيَ مَحَلُّ النَّجَاسَاتِ مِنْ الثَّوْبِ قِيلَ: الْوَاجِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>