للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَشَكَّ الرَّجُلُ) فِيهِ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (قَدْ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ صَلَوَاتٍ) لَعَلَّ الْجَمْعَ اتِّفَاقِيٌّ فَالْوَاحِدَةُ مِثْلُهَا (فَقَالَ) مُحَمَّدٌ فِي جَوَابِهِ (إذَا شَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ قَضَاهَا) ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْعَدْلَيْنِ حُجَّةٌ تَامَّةٌ تُفِيدُ الْيَقِينَ (وَإِنْ شَهِدَ عَدْلٌ وَاحِدٌ لَمْ يَقْضِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ، وَالْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِهِ، وَالْإِعَادَةُ أَفْضَلُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُفِدْ خَبَرُ الْوَاحِدِ هُنَا الْيَقِينَ لِمُعَارَضَةِ عَدَمِ التَّذْكِيرِ إيَّاهُ ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي لَكِنْ لَعَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ كَوْنِ وَثَاقَتِهِ، وَإِلَّا فَمَنْ لَيْسَ لَهُ وَثَاقَةٌ عَلَى ظَنِّهِ فَلَهُ الْعَمَلُ بِمُوجِبِهِ (وَفِي الْأَمَالِي عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا وَقَعَ فِي قَلْبِ الْمُتَوَضِّئِ أَنَّهُ أَحْدَثَ وَكَانَ عَلَى ذَلِكَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ أَكْبَرَ الرَّأْيِ بَلْ الشَّكُّ فَالْأَفْضَلُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِيَقِينٍ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِالْيَقِينِ لَكِنْ يَشْكُلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَكْبَرِ الرَّأْيِ هُوَ الظَّنُّ الْمُطْلَقُ فَقَوْلُهُ: فَالْأَفْضَلُ إعَادَةُ الْوُضُوءِ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي؛ إذْ الظَّنُّ الْمُطْلَقُ بِمَعْنَى مُطْلَقِ الطَّرَفِ الرَّاجِحِ مُلْحَقٌ بِالشَّكِّ كَمَا مَرَّ مِرَارًا.

وَقَالَ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ: إنَّ الظَّنَّ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مِنْ قَبِيلِ الشَّكِّ؛ لِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ التَّرَدُّدَ بَيْنَ وُجُودِ الشَّيْءِ وَعَدَمِهِ سَوَاءٌ اسْتَوَيَا أَوْ تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا فَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا عَلَى ظَنِّي لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لِلشَّكِّ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَالِبُ الظَّنِّ، وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ يَعْنِي الظَّنَّ الْقَوِيَّ فَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْيَقِينِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ، وَفِي مَحَلٍّ آخَرَ مِنْهُ أَيْضًا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ مَا ثَبَتَ بِيَقِينٍ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِالْيَقِينِ غَالِبُ الظَّنِّ وَلِذَا قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ: وَلَوْ لَمْ يَفُتْهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ شَيْءٌ وَأَحَبَّ أَنْ يَقْضِيَ صَلَاةَ عُمْرِهِ مُنْذُ أَدْرَكَ لَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ أَكْبَرُ ظَنِّهِ فَسَادَهَا بِسَبَبِ الطَّهَارَةِ أَوْ تَرْكِ شَرْطٍ فَحِينَئِذٍ يَقْضِي مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ يُكْرَهُ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُ فَلَا يَنْبَغِي قَوْلُهُ (وَإِنْ صَلَّى بِوُضُوئِهِ الْأَوَّلِ كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَنَا) ؛ لِأَنَّ اللَّازِمَ حِينَئِذٍ عَدَمُ السَّعَةِ بَلْ وُجُوبُ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا الظَّنَّ مُلْحَقٌ بِالْيَقِينِ فَكَمَا يَجِبُ الْقَضَاءُ عِنْدَ حَقِيقَةِ التَّيَقُّنِ فِي الْفَوْتِ فَكَذَا فِي حُكْمِهِ وَبِمَا ذُكِرَ يَضْمَحِلُّ مَا قِيلَ فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْيَقِينَ، وَلَكِنَّهُ يُورِثُ شُبْهَةً يَحْصُلُ بِهَا الْكَرَاهَةُ تَنْزِيهًا وَلِأَنَّ الشُّبْهَةَ كَيْفَ تُقَابِلُ الْيَقِينَ بَلْ حَقُّهَا السُّقُوطُ أَصْلًا عَلَى مُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ هَذَا لَيْسَ مُؤَاخَذَةً عَلَى صَاحِبِ الْمُؤَاخَذَةِ بَلْ إشْكَالٌ عَلَى مُقْتَضَى قَاعِدَتِهِ وَقِيَاسِهِ فَافْهَمْ

(وَفِيهِ) أَيْ فِي التتارخانية (مَنْ شَكَّ فِي إنَائِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ أَمْ لَا فَهُوَ طَاهِرٌ مَا لَمْ يَسْتَيْقِنْ) أَيْ مَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ يَقِينٌ بِإِصَابَةِ النَّجَاسَةِ بِخَبَرِ الْعَدْلِ وَظُهُورِهَا وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الظَّنَّ الْغَالِبَ يُفِيدُ الْيَقِينَ الْمُرَادَ هُنَا، فَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْحَاصِلَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لَيْسَ إلَّا الظَّنَّ لَعَلَّ أَصْلَ الظَّنِّ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْوَاحِدِ وَغَلَبَتِهِ بِالْعَدَالَةِ (وَكَذَلِكَ الْآبَارُ وَالْحِيَاضُ الَّتِي يَسْتَقِي مِنْهَا الصِّغَارُ وَالْكِبَارُ وَالْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ) فَطَاهِرَةٌ مَا لَمْ يَسْتَيْقِنْ النَّجَاسَةَ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا لَزِمَ هُوَ الشَّكُّ وَالِاحْتِمَالُ وَهُوَ لَا يَرْفَعُ الْأَصْلَ الْمُتَيَقَّنَ (وَكَذَلِكَ السَّمْنُ وَالْجُبْنُ وَالْأَطْعِمَةُ الَّتِي يَتَّخِذُهَا أَهْلُ الشِّرْكِ وَ) أَهْلُ (الْبَطَالَةِ كَذَلِكَ الثِّيَابُ الَّتِي تَنْسِجُهَا أَهْلُ الشِّرْكِ، وَالْجَهَلَةُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَكَذَلِكَ الْجِبَابُ) جَمْعُ جُبٍّ (الْمَوْضُوعَةُ أَوْ الرَّكِيَّةُ فِي الطُّرُقَاتِ وَالسِّقَايَاتِ الَّتِي يُتَوَهَّمُ فِيهَا إصَابَةُ النَّجَاسَةِ كُلُّ ذَلِكَ مَحْكُومٌ عَلَيْهَا بِطَهَارَتِهَا حَتَّى يُتَيَقَّنَ نَجَاسَتُهَا)

<<  <  ج: ص:  >  >>