بِمَعْنَى أَكْبَرِ الظَّنِّ كَمَا مَرَّ فَيَشْتَمِلُ خَبَرَ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ لَا الْفَاسِقَ وَالْمَسْتُورَ (وَفِيهِ مَاءُ الْمَطَرِ الَّذِي يَجْرِي فِي السِّكَكِ، وَفِي السِّكَكِ نَجَاسَاتٌ ثُمَّ يَجْرِي الْمَاءُ فِي النَّهْرِ وَلَيْسَ فِي النَّهْرِ غَيْرُ هَذَا الْمَاءِ) ظَاهِرُهُ فَلَوْ كَانَ مَاءٌ غَيْرُ هَذَا الْمَاءِ يَجُوزُ مُطْلَقًا، وَإِلَّا فَلَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ، وَهُوَ لَيْسَ بِجَائِزٍ مَا دَامَ يُرَى لَوْنُ النَّجَاسَةِ فَالظَّاهِرُ لَيْسَ بِاحْتِرَازِيٍّ بَلْ وُقُوعِيٌّ لِلْأَعَمِّ وَالْأَغْلَبِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي النَّهْرِ مَاءٌ غَيْرُ ذَلِكَ الْمَاءِ تَتَلَاشَى النَّجَاسَةُ وَلَا يُرَى لَوْنُهَا (لَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَرَ لَوْنَ النَّجَاسَةِ) الظَّاهِرُ الْمُرَادُ مِنْ اللَّوْنِ مَا يَشْتَمِلُ الْأَوْصَافَ كُلَّهَا عَلَى طَرِيقِ عُمُومِ الْمَجَازِ وَإِلَّا فَلَوْ لَمْ يَرَ لَوْنَ النَّجَاسَةِ لَكِنْ فِي طَعْمِهِ أَوْ رِيحِهِ نَجَاسَةٌ فَلَا يَجُوزُ أَلْبَتَّةَ
وَفِيهِ مَاءُ الثَّلْجِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الطَّرِيقِ، وَفِي الطَّرِيقِ سِرْقِينٌ وَنَجَاسَاتٌ إنْ ذَهَبَ أَثَرُ النَّجَاسَةِ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ، وَفِيهِ مَاءُ الثَّلْجِ وَالْمَطَرِ يَجْرِي فِي الطَّرِيقِ إنْ بَعِيدًا مِنْ الْأَلْوَاثِ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ بِلَا كَرَاهَةٍ وَإِنْ جَارِيًا فِي طَرِيقٍ مُخْتَلِطَةٍ بِالْعَذِرَاتِ وَالْغَالِبُ هُوَ الْمَاءُ وَلَا أَثَرَ فِيهِ يَجُوزُ وَلَا يَخْلُو عَنْ الْكَرَاهَةِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: جَرَى مَاءٌ عَلَى جِيفَةٍ أَوْ سَطْحٍ نَجَسٍ إنْ كَانَ يُلَاقِي أَكْثَرُهُ النَّجِسَ أَوْ سَاوَاهُ فَنَجِسٌ، وَإِنْ أَقَلَّ فَلَا وَكَذَا بَطْنُ النَّهْرِ إنْ نَجِسًا لَكِنَّهُ جَرَى فِي النَّهْرِ مَاءٌ كَثِيرٌ لَا يُرَى مَا تَحْتَهُ فَهُوَ طَاهِرٌ وَإِنْ بَطْنُ النَّهْرِ نَجِسًا.
(وَفِيهِ سُئِلَ الْخُجَنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ رَكِيَّةٍ) أَيْ بِئْرٍ (وُجِدَ فِيهَا خُفٌّ لَا يَدْرِي مَتَى وَقَعَ فِيهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَثَرُ النَّجَاسَةِ هَلْ يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ قَالَ لَا) فَلَوْ فِيهِ أَثَرُ النَّجَاسَةِ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي التتارخانية أَيْضًا لَوْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ خِرْقَةٌ أَوْ خَشَبَةٌ نَجِسَةٌ يُنْزَحُ كُلُّ الْمَاءِ وَلَوْ وَقَعَتْ خَشَبَةٌ نَجِسَةٌ فَتَشَرَّبَتْهُ نُزِحَ مَاءُ الْبِئْرِ كُلُّهُ وَلَا تَطْهُرُ الْخَشَبَةُ وَتُخْرَجُ مِنْهَا، وَقِيلَ عَنْ الْقُنْيَةِ وَكَذَا الْخُذْرُوفُ الَّذِي يَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَانُ إذَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ (وَفِيهِ وَالْفَتْوَى فِي الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ بِالنِّيلِ وَدُهْنِ السِّرَاجِ أَنَّهُ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الطَّهَارَةُ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ نَجَاسَتُهُ) بِالرُّؤْيَةِ أَوْ ظُهُورِ الْأَثَرِ أَوْ خَبَرِ عَدْلٍ أَوْ خَبَرِ مَسْتُورَيْنِ مَثَلًا (وَفِيهِ) أَيْ التتارخانية (م) أَيْ فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ (وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّ الصَّابُونَ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ يُتَّخَذُ مِنْ دُهْنِ الْكَتَّانِ وَدُهْنُ الْكَتَّانِ نَجِسٌ؛ لِأَنَّ أَوْعِيَتَهُ تَكُونُ مَفْتُوحَةَ الرَّأْسِ عَادَةً، وَالْفَأْرَةُ تَقْصِدُ شُرْبَهَا وَتَقَعُ فِيهَا غَالِبًا) وَلِلْغَالِبِ حُكْمُ الْكُلِّ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الظَّنَّ الْغَالِبَ مُلْحَقٌ بِالتَّيَقُّنِ (وَلَكِنَّا لَا نُفْتِي بِنَجَاسَةِ الصَّابُونِ) أَيْ ذَلِكَ الصَّابُونِ الْمَوْصُوفِ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ فَضْلًا عَنْ الْمُطْلَقِ لَا سِيَّمَا مَا عُلِمَ عَدَمُ كَوْنِهِ كَذَلِكَ (؛ لِأَنَّا لَا نُفْتِي بِنَجَاسَةِ الدُّهْنِ) لِعَدَمِ تَيَقُّنِ وُقُوعِ الْفَأْرَةِ فَلَمَّا وَرَدَ لَوْ سُلِّمَ عَدَمُ تَيَقُّنِ ذَلِكَ بِالتَّيَقُّنِ الْحَقِيقِيِّ لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ الْحُكْمِيَّ لِمَا مَرَّ آنِفًا مِنْ غَلَبَةِ الظَّنِّ.
قَالَ: (وَمَعَ هَذَا لَوْ أَنَّا نُفْتِي بِنَجَاسَةِ الدُّهْنِ لَا نُفْتِي بِنَجَاسَةِ الصَّابُونِ؛ لِأَنَّ الدُّهْنَ قَدْ تَغَيَّرَ، وَصَارَ شَيْئًا آخَرَ) ؛ لِأَنَّ الْمَاهِيَّةَ تَبَدَّلَتْ بِمَاهِيَّةٍ أُخْرَى وَلِتَبَدُّلِ الْحَقِيقَةِ تَأْثِيرٌ فِي الطَّهَارَةِ مِثْلُ الْخَمْرِ إذَا تَخَلَّلَ وَالْكَلْبِ أَوْ الْحِمَارِ إذَا وَقَعَ فِي الْمَمْلَحَةِ، وَصَارَ مِلْحًا لَكِنْ إنْ ادَّعَى كُلِّيَّةَ ذَلِكَ فَلَا يُسَلَّمُ لِمَا فِي التتارخانية أَيْضًا خَشَبَةٌ أَصَابَتْهَا نَجَاسَةٌ فَاحْتَرَقَتْ فَوَقَعَ رَمَادُهَا فِي الْبِئْرِ يَفْسُدُ الْمَاءُ وَكَذَا رَمَادُ الْعَذِرَةِ الَّتِي احْتَرَقَتْ فَوَقَعَ رَمَادُهَا فِي الْبِئْرِ وَإِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ فِي خِلَافِهِ وَلَا شَكَّ فِي تَبَدُّلِ الْمَاهِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كُلِّيَّةً فَلَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ لِعَدَمِ مَعْلُومِيَّةِ دُخُولِ مَا نَحْنُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمَطْلَبُ ظَنِّيٌّ يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ الظَّنِّ وَادَّعَى وُجُودَ الظَّنِّ فَافْهَمْ.
(وَفِيهِ سُئِلَ أَبُو نَصْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَمَّنْ يَغْسِلُ الدَّابَّةَ يُصِيبُهُ) عِنْدَ الْغَسْلِ (مِنْ مَائِهَا) أَيْ مِنْ غُسَالَةِ الدَّابَّةِ وَلَوْ حِمَارًا (أَوْ مِنْ عَرَقِهَا) وَلَوْ غَيْرَ وَقْتِ الْغَسْلِ (قَالَ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ قِيلَ فَإِنْ كَانَتْ تَمَرَّغَتْ فِي بَوْلِهَا وَرَوْثِهَا قَالَ إذَا جَفَّ وَتَنَاثَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute