للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَإِنَّهُمْ لَمْ يَعْتَبِرُوا نَجَاسَةَ السَّبِيلِ حَتَّى أُمِرُوا بِنَزْحِ بَعْضِ مَاءِ الْبِئْرِ بَعْدَ مَوْتِ الْفَأْرَةِ فِيهِ وَلَوْ اعْتَبَرُوا نَجَاسَةَ السَّبِيلِ لَأُمِرُوا بِنَزْحِ جَمِيعِ الْمَاءِ وَلَكِنْ مَعَ هَذَا) مَعَ عَدَمِ التَّنَجُّسِ وَعَدَمِ وُجُوبِ النَّزْحِ (إنْ كَانَ الْوَاقِعُ فَأْرَةً) وَأُخْرِجَتْ حَيَّةً (يُسْتَحَبُّ لَهُمْ أَنْ يَنْزَحُوا عِشْرِينَ دَلْوًا) وَسَطًا أَوْ دَلْوَ كُلِّ بِئْرٍ أَوْ دَلْوَ الْبِئْرِ عَلَى قَدْرِ الْبِئْرِ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّوَالِي فِي النَّزْحِ (وَإِنْ كَانَ) الْوَاقِعُ (سِنَّوْرًا أَوْ دَجَاجَةً مُخَلَّاةً) جَائِلَةً بَيْنَ عَذِرَاتِ النَّاسِ (يُسْتَحَبُّ لَهُمْ أَنْ يَنْزَحُوا أَرْبَعِينَ دَلْوًا؛ لِأَنَّ سُؤْرَ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ مَكْرُوهٌ) وَلَوْ تَنْزِيهًا (عَلَى مَا يَأْتِي) الظَّاهِرُ عِلَّةٌ عَلَى كَوْنِ النَّزْحِ أَرْبَعِينَ وَقَدْ كَانَ فِي الْأَوَّلِ عِشْرِينَ وَلَوْ جُعِلَ سُؤْرُ الْفَأْرَةِ مَكْرُوهًا وَلَوْ مَرْجُوحًا تَكُونُ الْإِشَارَةُ إلَى كِلَا النَّوْعَيْنِ فَيَكُونُ وَجْهُ التَّفَاوُتِ فِي النَّوْعَيْنِ بِالْعَظِيمَةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِلْكَثْرَةِ وَعَنْ الْأَصْلِ الْأَحْسَنُ أَنْ يُنْزَحَ دِلَاءٌ وَلَمْ يُقَدِّرْ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَنْزِحُ لَا يَنْزِحُ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دَلْوًا (وَالْحَالُ أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَاءَ يُصِيبُ فَمَ الْوَاقِعِ حَتَّى لَوْ تَيَقَّنَ أَنَّ الْمَاءَ لَمْ يُصِبْ فَمَ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ لَا يُنْزَحُ شَيْءٌ مِنْ الْمَاءِ) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَهُ كَوْنُ سَبَبِ النَّزَحِ هَذَا الْغَالِبَ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ قِيَاسَ النَّجَسِيَّةِ هُوَ السَّبِيلُ وَأَنَّ لِلْغَالِبِ حُكْمَ التَّيَقُّنِ فِي الْأَحْكَامِ كَمَا مَرَّ قَرِيبًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هُنَا قِيَاسَيْنِ أَشَارَ فِي مَوْضِعٍ بِأَحَدِهِمَا، وَفِي الْآخَرِ بِالْآخَرِ وَلَا يُتَوَجَّهُ عِنْدَنَا عَلَيْنَا بِأَنَّ الْقِيَاسَيْنِ رَاجِحَانِ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ؛ إذْ لَا تَرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ وَالْقِيَاسِ (وَإِنْ كَانَتْ الدَّجَاجَةُ غَيْرَ مُخَلَّاةٍ لَا يُنْزَحُ مِنْهَا شَيْءٌ) فِي الْحَاشِيَةِ؛ لِأَنَّ سُؤْرَهَا لَيْسَ لِذَاتِهِ بَلْ بِوَاسِطَةِ نَقْرِ النَّجَاسَةِ بِمِنْقَارِهَا، وَفِي الْمَحْبُوسَةِ لَا يُوجَدُ ذَلِكَ بِخِلَافِ السِّنَّوْرِ وَالْفَأْرَةِ انْتَهَى لَكِنْ يَشْكُلُ بِمَا سَبَقَ فِي نَجِسِ السَّبِيلِ فَتَدَبَّرْ

(وَفِيهِ إذَا غَمَسَ الرَّجُلُ يَدَهُ فِي سَمْنٍ نَجِسٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (ثُمَّ غَسَلَ الْيَدَ فِي الْمَاءِ الْجَارِي بِغَيْرِ حَوْضٍ) أَوْ نَحْوِهِ (وَأَثَرُ السَّمْنِ بَاقٍ عَلَى يَدِهِ طَهُرَتْ يَدُهُ) عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ بِخِلَافِ السَّمْنِ النَّجَسِ بِالْفَتْحِ كَسَمْنِ الْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ إذَا أَصَابَ شَيْئًا لَا يَطْهُرُ مَا لَمْ يَظْهَرْ عَدَمُ أَثَرِهِ؛ لِأَنَّ نَجَاسَتَهُ لِذَاتِهِ لَا بِاعْتِبَارِ الْمُجَاوَرَةِ (؛ لِأَنَّ نَجَاسَةَ السَّمْنِ بِاعْتِبَارِ الْمُجَاوَرَةِ، وَقَدْ زَالَتْ الْمُجَاوَرَةُ عَنْهُ) بِغَسْلِهِ بِالْمَاءِ وَيُقَرِّبُهُ مَا قَالُوا: إنَّ مَا فِي زَوَالِهِ مَشَقَّةٌ فَمَعْفُوٌّ (فَبَقِيَ عَلَى يَدِهِ سَمْنٌ طَاهِرٌ) ثُمَّ قَالَ فِيهِ: لِأَنَّ تَطْهِيرَ السَّمْنِ بِالْمَاءِ مُمْكِنٌ كَأَنْ يَجْعَلَ الدُّهْنَ فِي إنَاءٍ فَيَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَعْلُو الدُّهْنُ الْمَاءَ فَيُرْفَعُ بِشَيْءٍ فَيَطْهُرُ فِي الثَّالِثَةِ، وَإِنْ زَالَ الْأَثَرُ فِي الْأُولَى قِيلَ: يَطْهُرُ، وَقِيلَ: لَا اعْتِبَارَ بِغَيْرِ الْمَرْئِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ (وَفِيهِ ثُمَّ يُشْتَرَطُ الْعَصْرُ) فِيمَا يَنْعَصِرُ فِي غَيْرِ مَرْئِيَّةٍ (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) بِالْمُبَالَغَةِ، وَفِي الثَّالِثَةُ عَلَى طَاقَتِهِ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ: التَّقْدِيرُ لَيْسَ بِلَازِمٍ عِنْدَنَا بَلْ مُفَوَّضٌ إلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ فَيَطْهُرُ بِمَا دُونَ ثَلَاثٍ، وَعَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إلَى أَنْ يَسْكُنَ قَلْبُهُ إلَيْهِ وَتَقْدِيرُ الثَّلَاثِ مَذْهَبًا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَطْهُرُ بِالْوَاحِدَةِ إذَا خَرَجَ الْمَاءُ مُتَغَيِّرًا، وَاشْتِرَاطُ الثَّلَاثِ (فِي) ظَاهِرِ رِوَايَةِ الْأَصْلَ (أَنَّهُ أَحْوَطُ، وَفِي) غَيْرِ (رِوَايَةِ) الْأَصْلِ (يَكْتَفِي بِالْعَصْرِ مَرَّةً) وَاحِدَةً (وَهُوَ أَوْسَعُ وَأَرْفَقُ بِالنَّاسِ، وَفِي النَّوَازِلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) ثُمَّ قَالَ فِي عَقِبِهِ: يَكْفِي صَبُّ الْمَاءِ فِي الْبَوْلِ أَوْ النَّجَسِ، وَيَطْهُرُ الثَّوْبُ عَلَى قِيَاسِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْجُنُبَ إذَا اتَّزَرَ فِي الْحَمَّامِ وَصَبَّ الْمَاءَ عَلَى جَسَدِهِ مِنْ حَيْثُ الظَّهْرُ وَالْبَطْنُ حَتَّى يَخْرُجَ عَنْ الْجَنَابَةِ ثُمَّ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى الْإِزَارِ يُحْكَمُ بِطَهَارَةِ الْإِزَارِ، وَإِنْ لَمْ يَعْصِرْهُ: وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: إذَا صَبَّ الْمَاءَ عَلَى الْإِزَارِ وَأَمَرَّ الْمَاءَ يَكْفِيهِ فَوْقَ الْإِزَارِ، وَإِنْ لَمْ يَعْصِرْهُ وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ فَهُوَ أَحْسَنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>