وَأَحْوَطُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يُجْزِهِ ثُمَّ قَالَ (وَفِي الْمُنْتَقَى: شَرَطَ الْعَصْرَ مَرَّةً عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (فَقَدْ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْهُ فِي الثَّوْبِ يُصِيبُهُ مِثْلُ قَدْرِ الدِّرْهَمِ مِنْ الْبَوْلِ فَصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ صَبَّةً وَاحِدَةً وَعَصَرَهُ طَهُرَ وَكَذَلِكَ إذَا غَمَسَهُ غَمْسَةً وَاحِدَةً فِي إنَاءٍ وَنَهْرٍ جَارٍ وَعَصَرَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَطْهُرُ، وَإِنْ غَمَسَهُ غَمْسَةً وَاحِدَةً سَابِغَةً) أَيْ كَامِلَةً (لَمْ يَطْهُرْ قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُرِيدُ بِهِ إذَا لَمْ يَعْصِرْهُ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ رَطْبَةً لَا يُشْتَرَطُ الْعَصْرُ) لِاضْمِحْلَالِهَا حِينَئِذٍ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ إذَا أَصَابَ ثَوْبَهُ بَوْلُ صَبِيٍّ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَلَا يَعْصِرُهُ» ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ (وَإِنْ كَانَتْ يَابِسَةً يُشْتَرَطُ) الْعَصْرُ لِقُوَّةِ لُصُوقِهَا بِالْمَحَلِّ بِجَفَافِهَا (انْتَهَى) مَا فِي التتارخانية لَا مَا فِي النَّوَازِلِ كَمَا تُوُهِّمَ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُشْتَرَطُ الْعَصْرُ يَنْبَغِي أَنْ يُبَالِغَ فِي الْعَصْرِ فِي الثَّالِثَةِ حَتَّى يَصِيرَ الثَّوْبُ بِحَالٍ لَوْ عَصَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَسِيلُ مِنْهُ الْمَاءُ وَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّ كُلِّ شَخْصٍ قُوَّتُهُ وَطَاقَتُهُ.
(وَفِي التَّجْنِيسِ: قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ) تَنْزِيهًا (فِي ثِيَابِ الْفَسَقَةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَتَوَقَّوْنَ الْخُمُورَ إلَّا أَنَّ الْأَصَحَّ لَا تُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تُكْرَهُ فِي ثِيَابِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إلَّا السَّرَاوِيلَ مَعَ أَنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ الْخَمْرَ) وَالْفَسَقَةُ لَا يَسْتَحِلُّونَهُ لَعَلَّ مَبْنَاهُ أَصَالَةُ الطَّهَارَةِ وَالظَّنُّ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ تَوَقِّي الْخَمْرِ لَا يُفِيدُ غَلَبَةَ ظَنٍّ بَلْ غَايَتُهُ إيرَاثُ ظَنٍّ وَذَا لَا يُفِيدُ لَكِنَّ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ تَجَنُّبُ الْوَرَعِ؛ لِأَنَّ أَدْنَى دَرَجَةِ الْخِلَافِ إيرَاثُ شُبْهَةٍ وَقَدْ مَرَّ مِرَارَ تَأْثِيرِ الشُّبْهَةِ فِي الْحُرْمَةِ (وَفِيهِ رَجُلٌ أَصَابَهُ طِينٌ أَوْ مَشَى فِي طِينٍ، وَلَمْ يَغْسِلْ قَدَمَيْهِ) وَبَدَنَهُ (وَصَلَّى) مَعَهُ (تُجْزِئُهُ) الصَّلَاةُ (مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَثَرُ النَّجَاسَةِ انْتَهَى) كَلَامُ التَّجْنِيسِ.
وَفِي التتارخانية: إذَا جَعَلَ الطِّينَ النَّجِسَ كُوزًا يَطْهُرُ بِالطَّبْخِ، وَفِيهِ إذَا لِينَ بِالْمَاءِ النَّجَسُ أَوْ التُّرَابُ النَّجِسُ وَأُحْرِقَ بِالنَّارِ طَهُرَ وَلَوْ جَفَّ بِلَا نَارٍ فَكَذَا إلَّا أَنَّهُ تَعُودُ النَّجَاسَةُ بِإِعَادَةِ الْمَاءِ، وَفِيهِ الْمَحْلُوجُ النَّجِسُ إذَا نُدِفَ إنْ النَّجِسُ قَلِيلًا مِنْ النِّصْفِ طَهُرَ بِهَذَا الْفِعْلِ وَإِلَّا فَلَا، وَفِيهِ إذَا أَصَابَ نَعْلَهُ بَوْلٌ أَوْ خَمْرٌ ثُمَّ مَشَى عَلَى التُّرَابِ فَلَزِقَ بَعْضُ التُّرَابِ وَجَفَّ وَمَسَحَهُ بِالْأَرْضِ يَطْهُرُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَفِي رَاوِيَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَمْ يُشْتَرَطْ الْجَفَافُ وَعَنْ بَعْضٍ يُفْتَى بِهِ تَوْسِعَةً وَدَفْعًا لِلْحَرَجِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا الْتَقَى تُرَابًا أَوْ رَمَادًا عَلَى خُفٍّ أَصَابَهُ بَوْلٌ وَمَسَحَهُ مُبَالَغَةً إلَى أَنْ لَا يَبْقَى أَثَرُ النَّجَاسَةِ يَطْهُرُ وَكَذَا فِيمَا لَهَا جُرْمٌ وَكَانَتْ رَطْبَةً وَعِنْدَهُمَا لَا يَطْهُرُ مَا لَمْ يُغْسَلْ (وَفِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ كَانَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: إذَا تَرَشَّشَ الْبَوْلُ عَلَى ظَاهِرِ الْخُفِّ) أَكْبَرَ مِنْ رُءُوسِ الْإِبَرِ وَإِلَّا فَمَعْفُوٌّ (فَحَثَى عَلَيْهِ التُّرَابَ وَتَرَاكَهُ حَتَّى جَفَّ ثُمَّ حَكَّهُ أَجْزَأَهُ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ صَارَ ذَا جُرْمٍ فَيَكْفِيهِ الْحَكُّ إذَا جَفَّ بِالِاتِّفَاقِ وَكَذَا الرَّطْبُ فِي غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى (انْتَهَى) .
كَذَا فِي الْبَدَائِعِ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَنْظُرْ فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ أَذًى أَوْ قَذَرًا فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute