زَالَتْ عَنْهُ بِمَا ذَكَرَهُ (يَعُودُ إلَى الِاقْتِصَادِ) ؛ لِأَنَّ ارْتِكَابَ ذَلِكَ الْمَرْجُوحِ إنَّمَا هُوَ لِمَانِعٍ فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ عَادَ الْمَمْنُوعُ كَمَا قِيلَ الضَّرُورَةُ تُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، وَفِي الْحَدِيثِ «وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إلَّا غَلَبَهُ» ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «فَإِنَّ الْمُنْبِتَ لَا أَرْضًا قَطَعَ وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا» (وَالْعَمَلِ بِالْأَقْوَى) مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْمَذَاهِبِ (إذْ الْأَمْرَاضُ تُدَاوَى بِالْأَضْدَادِ) ؛ لِأَنَّ الدِّقَّةَ فِيهَا جَانِبُ الْإِفْرَاطِ، وَالْأَقْوَالُ الْمَرْجُوحَةُ جَانِبُ التَّفْرِيطِ، وَالْأَقْوَالُ الْقَوِيَّةُ جَانِبُ الِاقْتِصَادِ كَمَا فِي حَدِيثِ: «خَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا» وَأَيَّدَ مَا ذَكَرَ بِقَوْلِهِ (رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الزُّهَّادِ أَنَّهُ قَالَ اعْتَرَانِي) أَيْ نَزَلَ بِي (وَسْوَسَةٌ وَكُنْت أَغْسِلُ) مُنْذُ زَمَانٍ كَثِيرٍ عَلَى أَيِّ حُكْمٍ كَانَ الِاسْتِمْرَارُ (مِنْ ثَوْبِي كُلَّ مَا أَصَابَ مِنْ طِينِ الشَّوَارِعِ فَخَرَجْت يَوْمًا إلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ فَأَصَابَ ثَوْبِي شَيْءٌ مِنْ طِينِ الطَّرِيقِ فَإِنْ ذَهَبَتْ إلَى غُسْلِهِ تَفُوتُ عَنِّي صَلَاةُ الْفَجْرِ بِالْجَمَاعَةِ) لِضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ لِعَدَمِ الْمَاءِ أَوْ لِاقْتِضَاءِ مُدَّةٍ كَثِيرَةٍ لِكَثْرَةِ الطِّينِ (فَلَمَّا هَمَمْتُ إلَى غَسْلِهِ هَدَانِي اللَّهُ - تَعَالَى، فَأَلْقَى فِي قَلْبِي أَنْ تَمَرَّغْ فِي الطِّينِ) لِلتَّلَطُّخِ الْكَثِيرِ لِتَذْهَبَ الْوَسْوَسَةُ (ثُمَّ صَلِّ مَعَ الْجَمَاعَةِ بِلَا غَسْلٍ فَفَعَلْت فَزَالَتْ عَنِّي الْوَسْوَسَةُ) وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُقَدِّمَاتِ الْمَأْخُوذَةَ مِمَّنْ يَحْسُنُ بِهِمْ الظَّنُّ مِنْ الْعِلْمِ وَالرَّغْبَةِ وَالثِّقَةِ مَقْبُولٌ فِي مَقَامِ الظَّنِّيَّاتِ فِي مَقَامِ التَّرْغِيبِ وَالتَّنْفِيرِ (وَمِنْ الْأَعْمَالِ الْمُزِيلَةِ لِبَعْضِ الْوَسْوَسَةِ نَضْحُ الْمَاءِ عَلَى فَرْجِهِ) أَيْ رَشُّهُ (بَعْدَ الْوُضُوءِ فَإِذَا أَحَسَّ بَلَلًا) فِي إزَارِهِ أَوْ ثَوْبِهِ (حَمَلَهُ عَلَيْهِ) إنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ كَوْنُهُ بَوْلًا يَعْنِي يُحْمَلُ مَا يَكُونُ فِي الشَّكِّ بَلْ الظَّنِّ الْمُجَرَّدِ كَمَا عَرَفْت قَرِيبًا (ت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ جَاءَنِي جَبْرَائِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ «إذَا تَوَضَّأْت فَانْضَحْ) الْمَاءَ عَلَى فَرْجِك حَتَّى تَزُولَ وَسْوَسَتُك» لَعَلَّ ذَلِكَ لِأَجْلِ تَعْلِيمِ أُمَّتِهِ، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ لَيْسَ فِيهِ شَيْطَانٌ بَلْ لَوْ فُرِضَ شَيْطَانٌ لَهُ فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ أَسْلَمَ، وَإِنْ ارْتَدَّ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُوَسْوِسُ بَلْ الْحِكْمَةُ مِنْ إسْلَامِهِ عَدَمُ تِلْكَ الْوَسْوَسَةِ هَذَا هُوَ الْكَلَامُ عَلَى قَاعِدَتِنَا لَكِنْ يَشْكُلُ بِقِصَّةِ مَنَامِ الْخَلِيلِ فِي ذَبْحِ ابْنِهِ إسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَلْ قَدْ تَسْمَعُ ذَلِكَ فِي حَقِّ نَبِيِّنَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَتَأَمَّلْ (وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ الْأَعْمَالِ الْمُزِيلَةِ لِلْوَسْوَسَةِ (أَنْ لَا يَبُولَ فِي الْمُغْتَسَلِ) مَكَانَ الِاغْتِسَالِ
(س ت. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute