للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَجَمْعُهُ أَرْهُطٌ وَأَرَاهِطُ وَأَرَاهِيطُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ.

وَفِي ابْنِ مَالِكٍ هُمْ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَعَنْ ثَعْلَبٍ الرَّهْطُ وَالْقَوْمُ وَالنَّفَرُ وَالْمَعْشَرُ وَالْعِتْرَةُ بِمَعْنًى إلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي زَوْجَاتِهِ فَالزَّوْجُ يُطْلَقُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ.

قَالَ فِي الْقَامُوسِ الزَّوْجُ الْبَعْلُ وَالزَّوْجَةُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْبُيُوتَ جَمْعُ كَثْرَةٍ وَالْأَزْوَاجُ جَمْعُ قِلَّةٍ فَيَتَنَافَيَانِ وَيُشِيرُ أَيْضًا إلَى أَنَّ الْبُيُوتَ بِمَعْنَى أَبْيَاتٍ جَمْعُ قِلَّةٍ اسْتِعَارَةٌ وَلَمْ يَعْكِسْ؛ لِأَنَّ أَزْوَاجَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ مَوْتِهِ تِسْعٌ وَلَمْ يُجَاوِزْ هَذَا الْعَدَدَ قَبْلَ مَوْتِهِ إلَّا إنْ غَلَبَ عَلَى السَّرَارِيِّ وَفِيهِ بُعْدٌ انْتَهَى نَقْلًا عَنْ الْمَوَاهِبِ وَأَنْتَ تَعْلَمُ مَا فِيهِ مِنْ الْبُعْدِ أَيْضًا وَالْوَجْهَ الصَّحِيحُ فِي ذَلِكَ «يَسْأَلُونَ عَنْ» كَيْفِيَّةِ «عِبَادَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» إذْ لَا يَطَّلِعُ عَلَى سِرِّ الرَّجُلِ فِي الْغَالِبِ إلَّا زَوْجَتُهُ اسْتِئْنَافٌ أَوْ حَالٌ أَوْ صِفَةٌ

وَجْهُ سُؤَالِهِمْ هُوَ اقْتِدَاؤُهُمْ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَوَاهِبِ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنْ مَا يُشْرَعُ لَهُمْ فِيهِ اقْتِدَاؤُهُمْ بِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَا جَرَمَ يُنَبِّئُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَا يُرِيدُ إخْفَاءَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُنَّ إظْهَارُهُ بَلْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ الْخَوَاصِّ إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَلَزِمَ إظْهَارُهُ لَهُمْ.

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى - {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١]- وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سُؤَالُهُمْ لِلِاسْتِفْصَالِ وَلِنَحْوِ التَّثْبِيتِ وَالتَّأْكِيدِ وَيَجُوزُ أَنَّهُ يُشْتَبَهُ عَلَيْهِمْ بَعْضُ عَمَلِهِ فَيُرِيدُونَ بِهِ دَفْعَ اشْتِبَاهِهِمْ «فَلَمَّا أُخْبِرُوا» بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجَاتِ هَذَا إمَّا مَحْمُولٌ عَلَى كَوْنِهِ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الْحِجَابِ أَوْ كَوْنِ أَزْوَاجِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَحَارِمَ لِلْمُؤْمِنِينَ إذْ الْمَحْرَمُ مَنْ يَكُونُ نِكَاحُهَا حَرَامًا عَلَى التَّأْبِيدِ وَأَزْوَاجُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَحْرَمٌ مُؤَبَّدٌ لِلْكُلِّ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ «كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا» أَيْ عَدُّوهَا قَلِيلَةً لِظَنِّهِمْ الْكَثْرَةَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَرَائِنِ آثَارِهِ وَسَائِرِ أَوْضَاعِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ وَجَّهُوا قِلَّتَهَا مِنْهُ «قَالُوا» فِيمَا بَيْنَهُمْ قِيلَ عَنْ ابْنِ مَالِكٍ وَإِنَّمَا قَلَّلَهَا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَحْمَةً وَشَفَقَةً عَلَى أُمَّتِهِ لِئَلَّا يَلْحَقَهُمْ ضَرَرٌ وَمَشَقَّةٌ بِالِاقْتِدَاءِ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُلَائِمٍ لِآخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ بَلْ لِأَوَّلِهِ هَذَا أَيْضًا عَلَى أَنَّ إيجَابَ الِاقْتِدَاءِ الْمَشَقَّةَ فِيمَا يَكُونُ الِاقْتِدَاءُ فِيهِ وَاجِبًا لَا فِي مُطْلَقِ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَلْ فِعْلُهُ الْمُطْلَقُ مُبَاحٌ لَهُ وَلَنَا اتِّبَاعُهُ كَمَا عِنْدَ الْجَصَّاصِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَاجِبٌ لَهُ وَعَلَيْنَا اتِّبَاعُهُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ بَلْ عِنْدَ الْكَرْخِيِّ مُبَاحٌ لَهُ وَلَيْسَ لَنَا اتِّبَاعُهُ وَالْكُلُّ عِنْدَ عَدَمِ دَلِيلِ كَوْنِهِ مِنْ الْخَوَاصِّ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا عِنْدَ بَعْضٍ.

«فَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» أَيْ لَا تُقَاسُ نُفُوسُنَا الْمُتَعَلِّقَةُ بِالظُّلُمَاتِ الهيولانية، الْمُنْطَبِعَةُ بِالْأَهْوَاءِ الْمَادِّيَّةِ عَلَى نَفْسِهِ الشَّرِيفَةِ الْمَعْصُومَةِ بِالْأَنْوَارِ اللَّاهُوتِيَّةِ الْقُدْسِيَّةِ فَإِنَّهُ «قَدْ غُفِرَ لَهُ» بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ «مَا» أَيْ الْجَمِيعُ الَّذِي «تَقَدَّمَ» فِي ابْتِدَاءِ عُمْرِهِ «مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ» .

فَإِنْ قِيلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعْصُومٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ عِصْيَانٌ وَالْمَغْفِرَةُ تُوجِبُ وُجُودَ الْعِصْيَانِ إذْ الْمَعْدُومُ لَا تُتَصَوَّرُ فِيهِ الْمَغْفِرَةُ. قُلْنَا ذَلِكَ عَنْ الْكَبِيرَةِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا عِنْدَ بَعْضٍ وَإِنْ خَصَّ بَعْضٌ الْعَمْدَ، وَأَمَّا عَنْ الصَّغَائِرِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِهِ عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهِ فِي السَّهْوِ نَعَمْ نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْمَقَاصِدِ نَفْيُ عَمْدِ الصَّغَائِرِ أَيْضًا وَالْإِجْمَاعُ عَلَى امْتِنَاعِ صَغِيرَةٍ دَالَّةٍ عَلَى الْخِسَّةِ مُنَافِيَةٍ لِلْفَطَانَةِ فَظَهَرَ جَوَازُ صُدُورِ الصَّغِيرَةِ مُطْلَقًا عِنْدَ بَعْضٍ أَوْ فِي السَّهْوِ عِنْدَ آخَرَ بَلْ الْكَبِيرَةُ فِي السَّهْوِ عِنْدَ بَعْضٍ آخَرَ لَعَلَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ جِنْسَ هَذَا الْكَلَامِ مَحْمُولٌ عَلَى الذُّهُولِ مِنْ مَوَاجِبِ رِفْعَةِ مَقَامِهِ وَانْكِشَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>