للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِلْإِجْمَاعِ وَقَالَ بَعْضُ الْإِبَاحِيِّينَ إذَا بَلَغَ الْعَبْدُ غَايَةَ الْحُبِّ سَقَطَ عَنْهُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَلَا تُدْخِلُهُ الْكَبِيرَةُ النَّارَ.

وَبَعْضُهُمْ ذَهَبَ إلَى سُقُوطِ الْعِبَادَاتِ الظَّاهِرَةِ عَلَى أَنْ تَكُونَ عِبَادَتُهُ هِيَ التَّفَكُّرُ فَهَذَا كُفْرٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ وَبَعْضُهُمْ ذَهَبَ إلَى إبَاحَةِ نَحْوِ مَالِ الْغَيْرِ وَكُلِّ النِّسَاءِ فَعِنْدَ الِاحْتِيَاجِ يُبَاحُ لَهُ تَنَاوُلُ مَالِ الْغَيْرِ وَنِسَائِهِ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ الْإِبَاحَةَ بِنِسْوَةِ الْغَيْرِ، وَبَعْضُهُمْ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الْغَايَةَ إذَا فَعَلَ الْكَبَائِرَ لَا يَدْخُلُ النَّارَ وَبَعْضُهُمْ عَمَّ إلَى كُلِّ مَا اشْتَهَى وَالتَّفْصِيلُ فِي بَحْرِ الْكَلَامِ.

(وَأَفْضَلُهُمْ) أَيْ الْأَوْلِيَاءِ بِمَعْنَى الْأَكْثَرِ ثَوَابًا بِمَا كَسَبَ مِنْ الْخَيْرِ لَا أَنَّهُ أَعْلَمُ وَأَشْرَفُ نَسَبًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي رُجْحَانَ الْغَيْرِ فِي آحَادِ الْفَضَائِلِ الْأُخَرِ وَلَا فِي مَجْمُوعِ الْفَضَائِلِ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ (أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ أَبِي قُحَافَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَاسْمُ أُمِّهِ أُمُّ الْخَيْرِ سَلْمَى بِنْتُ صَخْرٍ مَاتَتْ مُسْلِمَةً وَاسْتُدِلَّ عَلَى فَضْلِهِ فِي الْمَوَاقِفِ بِوُجُوهٍ.

أَوَّلُهَا: قَوْله تَعَالَى {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى - الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} [الليل: ١٧ - ١٨] وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ فَهُوَ أَتْقَى فَهُوَ أَكْرَمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى - {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣]

ثَانِيهَا: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» وَالْمُقْتَدَى بِهِ أَفْضَلُ مِنْ الْمُقْتَدِي.

وَثَالِثُهَا: «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاَللَّهِ مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ وَلَا غَرَبَتْ بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ عَلَى رَجُلٍ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ» .

رَابِعُهَا: «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ هُمَا سَيِّدَا كُهُولِ الْجَنَّةِ مَا خَلَا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ» .

خَامِسُهَا: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا يَنْبَغِي لِقَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ» .

سَادِسُهَا: تَقْدِيمُهُ فِي الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهَا أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ وَقَوْلُهُ «يَأْبَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ إلَّا أَبَا بَكْرٍ» حِينَ تَقَدَّمَ عُمَرُ فِي الصَّلَاةِ فِي آخِرِ عُمُرِهِ.

سَابِعُهَا: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيْرُ أُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ» .

ثَامِنُهَا: قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَوْ كُنْت مُتَّخِذًا خَلِيلًا دُونَ رَبِّي لَاتَّخَذْت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا وَلَكِنْ هُوَ شَرِيكِي فِي دِينِي وَصَاحِبِي الَّذِي أَوْجَبْت لَهُ صُحْبَتِي فِي الْغَارِ وَخَلِيفَتِي فِي أُمَّتِي» .

تَاسِعُهَا: «قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَقَدْ ذُكِرَ عِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَيْنَ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ كَذَّبَنِي النَّاسُ وَصَدَّقَنِي وَآمَنَ وَزَوَّجَنِي ابْنَتَهُ وَجَهَّزَنِي بِمَالِهِ وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَجَاهَدَ مَعِي سَاعَةَ الْحُزْنِ» .

عَاشِرُهَا قَوْلُ عَلِيٍّ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ اللَّهُ أَعْلَمُ وَذُكِرَ عِنْدَ عُمَرَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فَبَكَى وَقَالَ وَدِدْت أَنَّ عَمَلِي كُلَّهُ مِثْلُ عَمَلِهِ يَوْمًا وَاحِدًا مِنْ أَيَّامِهِ وَلَيْلَةً وَاحِدَةً مِنْ لَيَالِيِهِ أَمَّا اللَّيْلَةُ فَلَيْلَةُ الْغَارِ فَدَخَلَ قَبْلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>