للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّارِ أَوْ الْوَالِدَيْنِ أَوْ الْفِطْرَةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَأَمَّا الْجَهْلُ سِيَّمَا لِذَاتِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ مَعَ وُجُودِ الْعَقْلِ فَكُفْرٌ وَلِذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: ١١] {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩]- خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ لَعَلَّ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى قَاعِدَتِهِمْ فِي الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ الْعَقْلِيَّيْنِ وَقِيلَ عَنْ الْعَيْنِيِّ بِأَنَّ الْعِلْمَ هُوَ الْعَقْلُ عِنْدَ بَعْضٍ، وَقِيلَ: الْعَقْلُ بَعْضُ الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ وَقِيلَ: هُوَ قُوَّةٌ يُمَيِّزُ بِهَا مِنْ حَقَائِقِ الْمَعْلُومَاتِ فَافْهَمْ.

(وَأَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ لَا يُدْرَى أَهُمْ فِي الْجَنَّةِ) لِتَبَعِيَّةِ الْفِطْرَةِ الْأَصْلِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ أَوْ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْأَشْعَرِيِّ (أَمْ فِي النَّارِ) لِتَبَعِيَّةِ الْوَالِدَيْنِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَعَدَمُ الدِّرَايَةِ مَذْهَبُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَهُوَ أَحَدُ الثَّمَانِيَةِ الَّتِي تَوَقَّفَ فِيهَا قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ: تَوَقَّفَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي ثَمَانٍ

أَوَّلُهَا سُؤْرُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ ثَانِيهَا الْكَلْبُ مَتَى يَكُونُ مُعَلَّمًا ثَالِثُهَا الْمَلَائِكَةُ أَفْضَلُ أَمْ الْأَنْبِيَاءُ رَابِعُهَا أَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ فِي الْجَنَّةِ أَمْ فِي النَّارِ خَامِسُهَا فِي الْإِبِلِ الْجَلَّالَةِ وَالْبَقَرِ الْجَلَّالَةِ وَالْغَنَمِ مَتَى يَطِيبُ لَحْمُهُمْ سَادِسُهَا مَتَى وَقْتُ الْخِتَانِ سَابِعُهَا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى ثَامِنُهَا تَفْسِيرُ الدَّهْرِ وَقَدْ يُزَادُ عَلَى هَذِهِ وَقَدْ يَنْقُصُ وَنُقِلَ عَنْ التَّوْشِيحِ لِلسُّيُوطِيِّ فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ أَيْضًا

أَوَّلُهَا فِي الْجَنَّةِ ثَانِيهَا خُدَّامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ ثَالِثُهَا فِي بَرْزَخٍ بَيْنَ النَّارِ وَالْجَنَّةِ رَابِعُهَا فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى خَامِسُهَا يُمْتَحَنُونَ فِي الْآخِرَةِ سَادِسُهَا يَصِيرُونَ تُرَابًا سَابِعُهَا فِي النَّارِ ثَامِنُهَا الْوَقْفُ لَكِنَّ الدَّوَانِيَّ نَقَلَ عَنْ النَّوَوِيِّ الصَّحِيحُ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ،

وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ إنِّي أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا بِلَا ذَنْبٍ لَعَلَّ لِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ فِي النَّارِ بِلَا عَذَابٍ، لَعَلَّ الصَّحِيحَ هُوَ التَّوَقُّفُ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ الَّتِي تَمَسَّكَ بِهَا أَهْلُ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ مِنْ جُمْلَتِهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُمْ فِي النَّارِ حِينَ سَأَلَتْهُ خَدِيجَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - عَنْ أَطْفَالِهَا الَّذِينَ مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَقَدْ سَمِعَتْ عَدَمَ الْعَذَابِ بِلَا ذَنْبٍ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] .

(وَلِلْكَفَرَةِ حَفَظَةٌ) جَمْعُ حَافِظٍ لِحِفْظِهِمْ وَضَبْطِهِمْ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى - {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ} [الانفطار: ١٠]- وَقَوْلِهِ - {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: ١٨]- وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُمْ حَفَظَةٌ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ قُلْنَا: مِنْ جُمْلَةِ الْفَائِدَةِ إظْهَارُ كَمَالِ الْعَدَالَةِ وَالتَّسْجِيلُ عَلَيْهِمْ وَإِكْمَالُ السَّآمَةِ وَالْمَلَامَةِ وَإِنَّ ذَلِكَ رَأْيٌ فِي مُقَابَلَةِ نَصٍّ وَاحْتِجَاجٌ فِي الْمَطْلَبِ النَّقْلِيِّ بِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ وَحَمْلُ النُّصُوصِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَاجِبٌ إنْ وَقَعَتْ فِي أَمْرٍ مُمْكِنٍ وَلَا شَكَّ فِي إمْكَانِ ذَلِكَ (وَالْمَعْدُومُ لَيْسَ بِشَيْءٍ) لِأَنَّ الشَّيْءَ ثَابِتٌ وَالْمَعْدُومَ لَيْسَ بِثَابِتٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>