خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ إذْ الْمُمْكِنُ الْمَعْدُومُ ثَابِتٌ فِي الْخَارِجِ عِنْدَهُمْ فَالْمُمْتَنِعُ لَيْسَ بِشَيْءٍ اتِّفَاقًا لَعَلَّ عِنْدَ الْحُكَمَاءِ يَصْدُقُ عَلَى الْمُمْتَنِعِ أَيْضًا لِأَنَّهُمْ يَجْعَلُونَهُ مُسَاوِيًا لِلْإِمْكَانِ الْعَامِّ وَيَقْسِمُونَ الشَّيْءَ إلَى وَاجِبٍ وَمُمْكِنٍ وَمُمْتَنِعٍ فَمَعْنَى الشَّيْءِ عِنْدَهُمْ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْلَمَ وَيُخْبَرَ بِهِ.
وَعَلَى مَا نُقِلَ عَنْ مُفْرَدَاتِ الرَّاغِبِ شُمُولُهُ عَلَى الْمَوْجُودِ وَمُطْلَقِ الْمَعْدُومِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَيُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَعْنَى الشَّائِي فَيَنْدَفِعُ مَا أُورِدَ عَلَيْهِ بِعَدَمِ كَوْنِهِ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى الَّتِي يَجُوزُ إطْلَاقُهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَجْهُ الدَّفْعِ التَّرَادُفُ بِالْمُرِيدِ وَالْجَوَابُ بِمُجَرَّدِ وُقُوعِهِ فِي الْقُرْآنِ يُرَدُّ بِنَحْوِ {وَأَكِيدُ كَيْدًا} [الطارق: ١٦] {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ} [البقرة: ١٥] بِهِمْ لِعَدَمِ إطْلَاقِ نَحْوِ الْمُسْتَهْزِئِ عَلَيْهِ تَعَالَى فَتَأَمَّلْ اعْلَمْ أَنَّ النِّزَاعَ فِي كَوْنِهِ مَعْنًى حَقِيقِيًّا وَإِلَّا فَنَحْنُ قَائِلُونَ بِإِطْلَاقِهِ عَلَى الْمَعْدُومِ مَجَازًا.
وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْله تَعَالَى - {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: ١]- {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ} [النحل: ٤٠] بِالْمَجَازِ الْأَوْلَى مَثَلًا فَيَضْمَحِلُّ احْتِجَاجُ الْمُعْتَزِلَةِ لَعَلَّ هَذَا حَاصِلُ مَا أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يَكُونُ مَوْجُودًا حِينَ حُصُولِهِ أَوْ لِغَايَةِ تَحَقُّقِهِ كَالْمُحَقَّقِ فِي الْحَالِ أَوْ أَنَّهُ مُحَقَّقٌ فِي الْحَالِ فِي عِلْمِهِ تَعَالَى لَكِنْ يَرِدُ أَنَّ الْأَصْلَ كَوْنُهُ مَعْنًى حَقِيقِيًّا وَالْمَجَازُ خِلَافُهُ.
فَإِنْ أُرِيدَ الْحَقِيقَةُ اللُّغَوِيَّةُ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى النَّقْلِ عَنْ أَئِمَّتِهِمْ أَوْ كُتُبِهِمْ وَأَنَّ الِاصْطِلَاحِيَّةَ فَيُعْلَمُ بِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى بِحَيْثُ يَتَبَادَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِلَا قَرِينَةٍ فَافْهَمْ قِيلَ: فَائِدَةُ الْخِلَافِ لُزُومُ قِدَمِ الْأَشْيَاءِ وَتَعْطِيلُ الصَّانِعِ عِنْدَ كَوْنِ الْمَعْدُومِ شَيْئًا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الدَّهْرِيَّةِ والأفلاكية.
(وَالسِّحْرُ) عَنْ الْمُنَاوِيِّ هُوَ إتْيَانُ نَفْسٍ شِرِّيرَةٍ بِخَارِقٍ عَنْ مُزَاوَلَةِ مُحَرَّمٍ إمَّا كُفْرٌ أَوْ كَبِيرَةٌ قِيلَ هُوَ خَمْسَةٌ فِي الْمَشْهُورِ: النِّيرِنْجُ، لِرُقْيَةِ الحلقطيرات الشَّعْبَذَةُ، الطَّلْسَمُ (وَاقِعٌ) كَوُقُوعِهِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قِيلَ إنَّهُ اسْتَمَرَّ إلَى سَبْعَةِ أَشْهُرٍ حَتَّى نَزَلَ الْمُعَوِّذَتَانِ كَمَا سَبَقَ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَالرَّوَافِضِ فِي حَمْلِهِمْ عَلَى الْأَوْهَامِ، وَالْخَيَالَاتِ بِلَا حَقِيقَةٍ لَهُ وَلَنَا الْكِتَابُ النَّاطِقُ بِأَنَّهُ مِمَّا يُتَعَلَّمُ وَمِمَّا يُكَفِّرُ، وَأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ، وَالسُّنَّةُ كَسِحْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْإِجْمَاعُ قَبْلَ الْمُخَالِفِ.
(وَإِصَابَةُ الْعَيْنِ جَائِزَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُمْكِنٌ فِي نَفْسِهِ وَأَخْبَرَ بِهِ الصَّادِقُ نَحْوَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْعَيْنُ حَقٌّ تَسْتَنْزِلُ الْحَالِقَ» أَيْ الْجَبَلَ الْعَالِيَ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «الْعَيْنُ حَقٌّ وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقٌ الْقَدَرَ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ» يَعْنِي لَوْ أَمْكَنَ زَوَالُ شَيْءٍ وَفَنَاؤُهُ قَبْلَ أَوَانِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute