للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَيْهِ اجْتِهَادُ كُلِّ مُجْتَهِدٍ كَالْمُعْتَزِلَةِ وَإِنْ كَانَ مَيْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ إلَيْهِ حَتَّى يَلْزَمَ إصَابَةُ كُلِّ مُجْتَهِدٍ وَيَتَعَدَّدُ الْحَقُّ هَذَا فِي الْفُرُوعِ، وَأَمَّا فِي الِاعْتِقَادِيَّةِ فَالْحَقُّ وَاحِدٌ إجْمَاعًا فَيُعَاتَبُ الْمُخْطِئُ بَلْ يُكَفَّرُ أَوْ يُضَلَّلُ.

وَفِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْمُصَفَّى إذَا سُئِلْنَا مَذْهَبُنَا مَعَ مُخَالِفِينَا فَنُجِيبُ أَنَّ مَذْهَبَنَا صَوَابٌ يَحْتَمِلُ الْخَطَأَ وَمَذْهَبُ مُخَالِفِينَا خَطَأٌ يَحْتَمِلُ الصَّوَابَ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ مُنَافٍ لِاحْتِمَالِ الْخَطَأِ وَأَمَّا إذَا سُئِلْنَا فِي الِاعْتِقَادِيَّةِ فَيَجِبُ أَنَّ نَقُولَ: الْحَقُّ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ، وَالْبَاطِلُ مَا عَلَيْهِ خُصُومُنَا كَمَا قَرَّرَ الْمُصَنِّفُ فِي وَصَايَاهُ التُّرْكِيَّةِ لَعَلَّك عَرَفْتَ حُكْمَ الِانْتِقَالِ مِنْ تَقْلِيدِ مُجْتَهِدٍ إلَى مُجْتَهِدٍ آخَرَ.

(وَالنُّصُوصُ) كِتَابًا أَوْ سَنَةً (تُحْمَلُ) بِالضَّرُورَةِ (عَلَى ظَوَاهِرِهَا) الْمَفْهُومَةِ لُغَةً أَوْ اصْطِلَاحًا حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا إذَا لَمْ يَصْرِفْ عَنْهَا دَلِيلٌ قَطْعِيٌّ وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ (إنْ أَمْكَنَتْ) كَاَلَّتِي تُشْعِرُ ظَوَاهِرُهَا بِالْجِسْمِيَّةِ، وَالْجِهَةِ كَمَسْلَكِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْمُتَشَابِهِ (وَالْعُدُولُ عَنْهَا) عَنْ الظَّوَاهِرِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ (إلَى مَعَانٍ يَدَّعِيهَا أَهْلُ الْبَاطِنِ) الْمُسَمَّاةِ بِالْبَاطِنِيَّةِ، وَالْمَلَاحِدَةِ كُفْرٌ كَمَا سَيَأْتِي خَبَرُ الْكُلِّ.

قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ: لِكَوْنِهِ تَكْذِيبًا لِلنَّبِيِّ فِيمَا عُلِمَ مَجِيئُهُ بِالضَّرُورَةِ وَأَمَّا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَنَّ النُّصُوصَ مَحْمُولَةٌ عَلَى ظَوَاهِرِهَا وَمَعَ ذَلِكَ فِيهَا إشَارَةٌ خَفِيَّةٌ إلَى دَقَائِقَ تَنْكَشِفُ عَلَى أَرْبَابِ السُّلُوكِ يُمْكِنُ التَّطْبِيقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الظَّوَاهِرِ الْمُرَادَةِ فَهُوَ مِنْ كَمَالِ الْإِيمَانِ، وَمَحْضِ الْعِرْفَانِ انْتَهَى.

(وَرَدُّ النُّصُوصِ) لَعَلَّ إظْهَارَهُ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ لِمُغَايَرَةِ مَا سَبَقَ إذْ هُوَ بِمَعْنَى مُطْلَقِ النَّظْمِ الشَّامِلِ لِلْكُلِّ، وَالظَّاهِرُ هُنَا بِمَعْنَى الْمُتَّضِحِ الْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْمُحْكَمِ، وَالْمُفَسَّرِ، وَالظَّاهِرِ، وَالنَّصِّ الْمُقَابِلِ لِلْمَذْكُورَةِ فَالْمُرَادُ مِنْهَا الْقَطْعِيَّةُ ثُبُوتًا كَعَامَّةِ الْقُرْآنِ وَمُتَوَاتَرِ الْأَحَادِيثِ وَلَوْ مَعْنًى وَدَلَالَةً كَمَا ذُكِرَ آنِفًا فَتَأَمَّلْ فِيهِ.

(وَاسْتِحْلَالُ الْمَعْصِيَةِ) صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً ظَاهِرَةُ الْإِطْلَاقِ لَكِنَّ الدَّوَانِيَّ قَالَ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ تَحْرِيمِهَا مُجْمَعًا عَلَيْهِ، وَالْحُرْمَةُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الدِّينِ وَكَذَا لَوْ مُسْتَنِدًا إلَى دَلِيلٍ قَطْعِيٍّ وَلَمْ يَشْتَهِرْ إلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الدِّينِ فَجَعَلَ مَدَارَ الْكُفْرِ هُوَ الضَّرُورِيَّاتُ الدِّينِيَّةُ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ بَعْضِ الْفَتَاوَى مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ حَرَامًا لَعَيْنِهِ ثَابِتًا بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَعَيْنِهِ وَإِنْ ثَابِتًا بِقَطْعِيٍّ أَوْ ثَبَتَ بِقَطْعِيٍّ لَكِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ فَلَيْسَ بِكُفْرٍ.

وَعِنْدَ الْبَعْضِ إنْ عُلِمَتْ حُرْمَتُهُ بِقَطْعِيٍّ وَلَوْ حَرَامًا لِغَيْرِهِ فَكُفْرٌ، وَعَلَى هَذَا يَتَفَرَّعُ مَا رُوِيَ عَنْ السَّرَخْسِيِّ وَوَقَعَ فِي التتارخانية مُشِيرًا إلَى عِلَّتِهِ بِإِنْكَارِ النَّصِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اسْتَحَلَّ وَطْءَ امْرَأَتِهِ الْحَائِضِ يَكْفُرُ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْأَوَّلِ مَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ عَدَمِ الْكُفْرِ لِكَوْنِ حُرْمَتِهِ مِنْ الْغَيْرِ وَهُوَ الْأَذَى وَإِلَى الثَّانِي يَمِيلُ كَلَامُ الْعَلَّامَةِ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ حَيْثُ قَالَ: كَوْنُ الِاسْتِحْلَالِ كُفْرًا بِاسْتِلْزَامِهِ التَّكْذِيبَ الْمُنَافِيَ لِلتَّصْدِيقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>