مَا سَبَقَ.
(وَأَمَّا) (مَنْ لَمْ يَرَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ) مِنْ الرَّوَافِضِ، وَالشِّيعَةِ وَيَرَوْنَ الْمَسْحَ عَلَى أَرْجُلِهِمْ عُرْيَانَةً (فَقَدْ رَغِبَ) أَعْرَضَ (عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ عِنْدَنَا مُبْتَدِعٌ) إنْ مُتَأَوِّلًا وَيُخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرُ إنْ مُنْكِرًا لِكَوْنِ ثُبُوتِهِ قَرِيبًا إلَى التَّوَاتُرِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ يُنْكِرُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَيَكْفُرُ إنْ كَرَاهَةً لَهَا، وَقِيلَ إنْ كَسَلًا أَيْضًا (فَلَا تَتَّخِذْهُ إمَامًا فِي صَلَاتِك) فَإِنْ قِيلَ الْمُبْتَدِعُ لَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فَاسِقًا وَقَدْ قَرَّرَ جَوَازَ إمَامَةِ الْفَاسِقِ قُلْنَا النَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ لَا لِلتَّحْرِيمِ فَإِنَّ إمَامَتَهُ وَإِنْ جَائِزَةً فِي نَفْسِهَا لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ وَقَدْ أُشِيرَ آنِفًا أَنَّهُمْ يُجَوِّزُونَ الْمَسْحَ عَلَى الرِّجْلِ عُرْيَانَةً فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ أَوْ لِاحْتِمَالِ مَا يُوجِبُ تَكْفِيرَهُ وَحَمْلُ الْبِدْعَةِ عَلَى الْكُفْرِ بِهَذِهِ الْقَرِينَةِ بَعِيدٌ عَنْ حَلَاوَةِ السَّوْقِ (وَلَا تُوَقِّرْهُ) التَّوْقِيرُ التَّعْظِيمُ (وَلَا تَخْتَلِفْ إلَيْهِ) لَا تَرَدُّدٌ وَلَا تَخْتَلِطُ إلَيْهِ (فَإِنَّهُ صَاحِبُ بِدْعَتِهِ) وَصَاحِبُ الْبِدْعَةِ مِمَّنْ يَجِبُ إهَانَتُهُ وَبُغْضُهُ.
قَالَ فِي الشِّرْعَةِ وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ مُفَاتَحَةِ الْقَدَرِيَّةِ بِالسَّلَامِ أَيْ أَنْ يَبْدَأَ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ وَنَهَى عَنْ عِيَادَةِ مَرْضَاهُمْ وَشُهُودِ مَوْتَاهُمْ وَنَهَى عَنْ اسْتِمَاعِ كَلَامِ أَهْلِ الْبِدْعَةِ أَجْمَعِينَ فَإِنْ قَدَرْت عَلَى زَجْرِهِمْ بِأَشَدِّ الْقَوْلِ وَإِهَانَتِهِمْ بِأَبْلَغِ الْإِذْلَالِ فَافْعَلْ فَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ انْتَهَرَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ مَلَأَ اللَّهُ قَلْبَهُ أَمْنًا وَإِيمَانًا، وَمَنْ أَهَانَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ آمَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ» (انْتَهَى) كَلَامُ التتارخانية.
ثُمَّ لَمَّا بَيَّنَ جُمْلَةَ مُعْتَقَدَاتِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَمَوَاضِعَ لُزُومِ الْكُفْرِ، وَالْإِكْفَارِ مِنْ فِرَقِ الْمُخَالِفِينَ نَبَّهَ عَلَى أَهَمِّيَّةِ مَرْتَبَةِ الْيَقِينِ فِي مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَعَظَّمَ الْخَطَرَ فِي عَدَمِ الِاسْتِيقَانِ مُحْتَجًّا بِشَوَاهِدَ تَصْلُحُ لِلِاعْتِبَارِ وَتَدْعُو لِلِانْزِجَارِ فَقَالَ (فَعَلَيْك أَيُّهَا السَّالِكُ) إلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فِي طَرِيقِ اللَّهِ تَعَالَى (بِالْجِدِّ) أَيْ الِاجْتِهَادِ وَكَثْرَةِ السَّعْيِ (وَالتَّشْمِيرِ) عَنْ الْمِصْبَاحِ فِي الْأَصْلِ الِاجْتِهَادُ مَعَ السُّرْعَةِ (فِي تَحْصِيلِ الْيَقِينِ) بِالنَّظَرِ الصَّحِيحِ دُونَ التَّقْلِيدِ أَوْ بِالنَّظَرِ الْفَاسِدِ صُورَةً أَوْ مَادَّةً (بِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَالْجَمَاعَةِ، وَالْإِذْعَانِ لَهُ) لِلْمَذْهَبِ الْمَذْكُورِ (وَغَايَةِ التَّيَقُّظِ) مِنْ غَبَاوَةِ الذُّهُولِ (وَالتَّنَبُّهِ) مِنْ نَوْمِ الْغَفْلَةِ (، وَالتَّضَرُّعِ) أَيْ التَّوَسُّلِ كَمَا قِيلَ.
(وَالِاسْتِعَانَةِ بِاَللَّهِ تَعَالَى) فَإِنَّ الْأَمْرَ صَعْبٌ، وَالْخَطَرَ عَظِيمٌ، وَالنَّفْعَ جَسِيمٌ مَعَ عَدَمِ طَاقَةِ الْقُوَى الْإِنْسَانِيَّةِ وَعَدَمِ اسْتِقْلَالِهَا فِيهِ (حَتَّى لَا تَزِلَّ) مِنْ الزَّلَلِ هُوَ الْخَطَأُ (قَدَمُك) الْمَعْنَوِيَّةُ (وَلَا يَزُولَ اعْتِقَادُك) الْحَقَّ (بِإِضْلَالِ مُضِلٍّ) مِنْ شَيَاطِينِ الْجِنِّ، وَالْإِنْسِ (وَتَشْكِيكِ مُشَكِّكٍ) بِإِرَادَةِ شُبَهٍ فِي صُوَرِ أَدِلَّةٍ فَإِنَّ الْأَقْوَامَ بَعْدَمَا اهْتَدَوْا فِي حَقِّ الْمَقَامِ أَزَلُّوا فِي هَذَا الْبَابِ الْأَقْدَامَ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا وَمِنْ جُمْلَتِهِمْ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَإِنِّي قَدْ سَمِعْت) بِالذَّاتِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ بِقَدْرِ التَّحْقِيقِيَّةِ أَوْ بِوَاسِطَةٍ وَهِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute