للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنْ يَخْرُجَ عَنْ الِاعْتِدَالِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ النُّطْقُ فِي دَرَجَةِ الِاعْتِدَالِ يَكُونُ مَقْهُورًا تَحْتَ الْغَضَبِ وَالشَّهْوَةِ فَمَا دَامَ الْحُكْمُ وَالتَّصَرُّفُ فِي أَيْدِيهِمَا تَفُوتُ الْأَوْسَاطُ الشَّرِيفَةُ وَتَحْصُلُ الْأَطْرَافُ الرَّذِيلَةُ وَيَتْبَعُهَا سَائِرُ الْمَذْمُومَةِ (وَالْأَطْرَافُ) السِّتَّةُ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ مَعَ شَوْبِ غَرَضٍ فَاسِدٍ أَوْ لَا (وَالْأَوْسَاطُ الْمَشُوبُ بِهَا غَرَضٌ فَاسِدٌ رَذَائِلُ) كَالرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ وَالْحَسَدِ أَمَّا الْمَشُوبُ بِالْحِكْمَةِ فَكَمَنْ يَتَعَلَّمُهَا لِمُجَارَاةِ الْعُلَمَاءِ وَمُمَارَاةِ السُّفَهَاءِ، وَأَمَّا فِي الشَّجَاعَةِ فَكَمَنْ يُرِيهَا لِلْجِهَادِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهِمَا، وَأَمَّا فِي الْعِفَّةِ فَكَمَنْ يَتْرُكُ اللَّذَّةَ وَيَقْصِدُ اعْتِيَاضًا عَنْهَا جَاهًا فِي الدُّنْيَا فَهَذِهِ رَذَائِلُ لِمَا فِيهَا مِنْ شَائِبَةِ الْغَرَضِ الْفَاسِدِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ لِكُلِّ فَضِيلَةٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ آثَارًا كَثِيرَةً.

(فَلِلْحِكْمَةِ سَبْعُ شُعَبٍ) الْأَوَّلُ صَفَاءُ الذِّهْنِ هُوَ اسْتِعْدَادُ النَّفْسِ لِاسْتِخْرَاجِ الْمَطْلُوبِ بِلَا وِجْدَانِ اضْطِرَابٍ يَمْنَعُ الْوُصُولَ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ إلَيْهِ الثَّانِي جَوْدَةُ الْفَهْمِ هِيَ صِحَّةُ انْتِقَالِ الذِّهْنِ مِنْ تَصَوُّرِ الْمَلْزُومِ إلَى تَصَوُّرِ اللَّازِمِ الثَّالِثُ الذَّكَاءُ هُوَ سُرْعَةُ انْتِقَالِ الذِّهْنِ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ إلَى النَّتِيجَةِ هَذَا أَخَصُّ مِنْ الثَّانِي، وَهُوَ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ: يَعْنِي الِاسْتِعْدَادَ مَرْتَبَةُ الْعَقْلِ الْهَيُولَانِيِّ.

وَالثَّانِي: يَعْنِي الِانْتِقَالَ مَرْتَبَةُ الْعَقْلِ بِالْمَلَكَةِ

وَالثَّالِثُ: يَعْنِي سُرْعَةَ الِانْتِقَالِ قَرِيبٌ لِمَرْتَبَةِ الْعَقْلِ بِالْفِعْلِ.

الرَّابِعُ: حُسْنُ التَّصَوُّرِ هُوَ الْبَحْثُ عَنْ حَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ بِقَدْرِ مَا هِيَ عَلَيْهِ بِلَا إدْخَالٍ زَائِدٍ بِلَا إهْمَالٍ دَاخِلٍ.

الْخَامِسُ: سُهُولَةُ التَّعَلُّمِ هِيَ قُوَّةٌ لِلنَّفْسِ عَلَى دَرْكِ الْمَطْلُوبِ بِلَا زِيَادَةِ سَعْيٍ وَمَئُونَةِ كُلْفَةٍ.

السَّادِسُ: الْحِفْظُ هُوَ ضَبْطُ الصُّوَرِ الْمُدْرَكَةِ الْحَاصِلِ بِالِاكْتِسَابِ.

السَّابِعُ: الذِّكْرُ بِالضَّمِّ اسْتِحْضَارُ الْأُمُورِ الْمَضْبُوطَةِ وَالنِّسَبُ غَيْرُ خَافِيَةٍ (وَلِلشُّجَاعَةِ إحْدَى عَشَرَةَ)

الْأَوَّلُ: كِبْرُ النَّفْسِ هُوَ اسْتِحْقَارُ الْيَسَارِ وَالْفَقْرُ وَالْكِبْرُ وَالصِّغَرُ.

الثَّانِي: عِظَمُ التُّهْمَةِ هُوَ عَدَمُ الْمُبَالَاةِ بِسَعَادَةِ الدُّنْيَا وَشَقَاوَتِهَا.

الثَّالِثُ: الصَّبْرُ هُوَ قُوَّةُ مُقَاوَمَةٍ لِلْآلَامِ وَالْأَهْوَالِ.

الرَّابِعُ: النَّجْدَةُ عَدَمُ الْجَزَعِ مِنْ الْمَخَاوِفِ مَعَ مَلَكَةِ الثَّبَاتِ لِلنَّفْسِ.

الْخَامِسُ: الْحِلْمُ هُوَ الطُّمَأْنِينَةُ عِنْدَ ثَوْرَةِ الْغَضَبِ.

السَّادِسُ: السُّكُونُ هُوَ التَّأَنِّي فِي الْخُصُومَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ.

السَّابِعُ: التَّوَاضُعُ هُوَ اسْتِعْظَامُ ذَوِي الْفَضَائِلِ، وَمَنْ دُونَهُ فِي الْمَالِ وَالْجَاهِ بَعْدَ نَفْسِهِ دُونَ مَرَاتِبِهِمْ.

الثَّامِنُ: الشَّهَامَةُ هِيَ الْحِرْصُ عَلَى مُبَاشَرَةِ أُمُورٍ عَظِيمَةٍ.

التَّاسِعُ: الِاحْتِمَالُ هُوَ إتْعَابُ النَّفْسِ فِي الْحَسَنَاتِ.

الْعَاشِرُ: الْحَمِيَّةُ هِيَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْحَرَامِ وَالدِّينِ.

الْحَادِيَ عَشَرَ: الرِّقَّةُ هِيَ التَّأَذِّي مِنْ أَذًى يَلْحَقُ الْغَيْرَ.

(وَلِلْعِفَّةِ إحْدَى عَشَرَةَ أَيْضًا الْأَوَّلُ) الْحَيَاءُ انْحِصَارُ النَّفْسِ عَنْ ارْتِكَابِ الْقَبَائِحِ شَرْعِيَّةً أَوْ عَقْلِيَّةً أَوْ عُرْفِيَّةً.

الثَّانِي: الصَّبْرُ هُوَ حَبْسُ النَّفْسِ عَنْ مُتَابَعَةِ الْهَوَى.

الثَّالِثُ: الدَّعَةُ هِيَ السُّكُونُ عِنْدَ هَيَجَانِ الشَّهْوَةِ.

الرَّابِعُ: النَّزَاهَةُ هِيَ اكْتِسَابُ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ مَهَانَةٍ وَلَا ظُلْمٍ، وَإِنْفَاقُهُ فِي الْمَصَارِفِ الْحَمِيدَةِ فَمَعَ الْمَهَانَةِ تَفْرِيطٌ، وَمَعَ الظُّلْمِ إفْرَاطٌ.

الْخَامِسُ: الْقَنَاعَةُ هِيَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْكَفَافِ بِمَعْنَى تَسْوِيَةِ الْمَدْخَلِ وَالْمَصْرِفِ.

السَّادِسُ: الْوَقَارُ هُوَ التَّأَنِّي فِي التَّوَجُّهِ نَحْوَ الْمَطَالِبِ.

السَّابِعُ: الرِّفْقُ هُوَ حُسْنُ الِانْقِيَادِ.

الثَّامِنُ: حُسْنُ السَّمْتِ هُوَ مَحَبَّةُ مَا يُكَمِّلُ النَّفْسَ.

التَّاسِعُ: الْوَرَعُ هُوَ مُلَازَمَةُ الْأَعْمَالِ الْحَمِيدَةِ بِمُوَافَقَةِ الشَّرْعِ وَالْعُرْفِ وَالْمُرُوءَةِ.

الْعَاشِرُ: الِانْتِظَامُ هُوَ تَقْرِيرُ الْأُمُورِ وَتَرْتِيبُهَا بِحَسَبِ الْمَصَالِحِ.

الْحَادِيَ عَشَرَ: السَّخَاءُ إعْطَاءُ مَا يَنْبَغِي لِمَنْ يَنْبَغِي.

(وَتَحْتَ هَذَا السَّخَاءِ سِتُّ فَضَائِلَ الْأَوَّلُ) الْكَرْمُ الْإِعْطَاءُ بِالسُّهُولَةِ وَطِيبِ النَّفْسِ.

الثَّانِي: الْإِيثَارُ تَرْجِيحُ الْغَيْرِ عَلَى حَاجَةِ نَفْسِهِ.

الثَّالِثُ: النَّيْلُ الْإِعْطَاءُ مَعَ السُّرُورِ.

الرَّابِعُ: الْمُوَاسَاةُ مُشَارَكَةُ الْأَصْدِقَاءِ فِي الِانْتِفَاعِ فِي الْبَذْلِ.

الْخَامِسُ: السَّمَاحَةُ الْبَذْلُ تَفَضُّلًا بِلَا وُجُوبٍ عَلَيْهِ وَلَا تَوَقُّعِ مُجَازَاةٍ

السَّادِسُ: الْمُسَامَحَةُ تَرْكُ مَا لَا يَجِبُ تَرْكُهُ تَنَزُّهًا وَزَادَ بَعْضُهُمْ الْمُرُوءَةَ هِيَ رَغْبَةٌ صَادِقَةٌ لِلنَّفْسِ فِي الْإِفَادَةِ بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُ وَالْعَفْوُ هُوَ تَرْكُ الْمُجَازَاةِ مَعَ الْقُدْرَةِ، ثُمَّ الْعَدَالَةُ كَيْفِيَّةٌ مُتَوَسِّطَةٌ حَادِثَةٌ مِنْ مَجْمُوعِ الْحِكْمَةِ وَالشَّجَاعَةِ وَالْعِفَّةِ وَقِيلَ بِمُغَايَرَتِهَا وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّ شُعَبَ الْعَدَالَةِ مُغَايِرَةٌ لِشُعَبِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّ شُعَبَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>