حَقِيقِيَّةٌ وَشُعَبُ الْعَدَالَةِ إضَافِيَّةٌ وَرُدَّ بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ حَقِيقِيَّةُ الْكُلِّ فَمَمْنُوعٌ، وَإِنْ الْبَعْضَ فَلَا يُفِيدُ وَلَوْ سُلِّمَ فَيَجُوزُ كَوْنُ شُعَبِ الْمَجْمُوعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعُ مُخَالَفَةٍ لِشُعَبِ كُلِّ وَاحِدَةٍ وَلَهَا أَيْ الْعَدَالَةِ أَرْبَعَ عَشَرَةَ شُعْبَةً
الْأُولَى الصَّدَاقَةُ مَحَبَّةٌ صَادِقَةٌ بِحَيْثُ لَا يَشُوبُهَا غَرَضٌ مَعَ إيثَارٍ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْخَيْرَاتِ.
الثَّانِيَةُ: الْأُلْفَةُ اتِّفَاقُ الْآرَاءِ فِي تَعَاوُنِ الْمَعَاشِ.
الثَّالِثَةُ: الْوَفَاءُ مُلَازَمَةُ طَرِيقِ الْمُوَاسَاةِ وَمَحَافِظُ عُهُودِ الْخُلْطَةِ.
الرَّابِعَةُ: التَّوَدُّدُ طَلَبُ مَوَدَّةِ الْأَكْفَاءِ بِمَا يُوجِبُ ذَلِكَ.
الْخَامِسَةُ: الْمُكَافَأَةُ مُقَابَلَةُ الْإِحْسَانِ بِالْإِحْسَانِ مَثَلًا أَوْ بِزِيَادَةٍ.
السَّادِسَةُ: حُسْنُ الشَّرِكَةِ رِعَايَةُ الْعَدَالَةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ.
السَّابِعَةُ: حُسْنُ الْقَضَاءِ تَرْكُ اللُّوَّمِ وَالْمَنِّ فِي الْمُجَازَاةِ.
الثَّامِنَةُ: صِلَةُ الرَّحِمِ مُشَارَكَةُ ذَوِي الْقَرَابَةِ فِي الْخَيْرَاتِ.
التَّاسِعُ: الشَّفَقَةُ صَرْفُ الْهِمَّةِ إلَى إزَالَةِ الْمَكْرُوهِ عَنْ النَّاسِ.
الْعَاشِرَةُ: الْإِصْلَاحُ التَّوَسُّطُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْخُصُومَاتِ بِمَا يَدْفَعُهَا.
الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ: التَّوَكُّلُ تَرْكُ الْمُسَمَّى فِيمَا لَا يَسَعُهُ قُدْرَةُ الْبَشَرِ.
الثَّانِيَةَ عَشَرَةَ: التَّسْلِيمُ انْقِيَادُ أَمْرِ اللَّهِ وَتَرْكِ الِاعْتِرَاضِ فِيمَا لَا يُلَائِمُ الطَّبِيعَةَ.
الثَّالِثَةَ عَشَرَةَ: الرِّضَا طِيبُ النَّفْسِ فِيمَا يُصِيبُهُ مِنْ الْمَصَائِبِ، وَفِيمَا يَفُوتُهُ مِنْ الْفَرَائِدِ.
الرَّابِعَةَ عَشَرَةَ: الْعِبَادَةُ تَعْظِيمُ اللَّهِ تَعَالَى بِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَالتَّفْصِيلُ سَيُعْرَفُ مِنْ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ إذَا عَرَفْت ذَلِكَ.
(فَكُلُّ خُلُقٍ مَذْمُومٍ) أَيْ جَمِيعُ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ (نَاشِئٌ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْأَوْسَاطِ الْمَشُوبَةِ وَالْأَطْرَافِ مُطْلَقًا (مُنْفَرِدَةً أَوْ مُجْتَمِعَةً بَعْضُهَا أَوْ كُلُّهَا) وَلَمَّا فَسَّرَ الْخُلُقَ وَبَيَّنَ مَنْشَأَهُ أَخَذَ فِي الْكَلَامِ عَلَى عِلَاجِهِ حَسْبَمَا وَعَدَ قَبْلُ فَقَالَ: (وَعِلَاجُهُ الْكُلِّيُّ) الشَّامِلُ لِجَمِيعِ جُزْئِيَّاتِهِ (الْإِجْمَالِيُّ) بِلَا تَفْصِيلٍ (مَعْرِفَةُ حَقَائِقِ الْأَمْرَاضِ كَالْكِبْرِ وَالْبُخْلِ) لِيَمْتَازَ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ (وَغَوَائِلُهَا) جَمْعُ غَائِلَةٍ بِمَعْنَى الْمَضَرَّةِ.
(وَأَسْبَابُهَا وَأَضْدَادُهَا وَفَوَائِدُهَا) أَيْ الْأَضْدَادُ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ الْمَنَافِعِ وَالْكِمَالَاتِ (وَأَسْبَابُهَا) أَيْ الْأَضْدَادِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ تَحْصِيلِهَا (ثُمَّ مَعْرِفَةُ وُجُودِ الْأَمْرَاضِ فِي نَفْسِهِ بِالتَّفْتِيشِ وَالتَّأَمُّلِ وَاخْتِيَارِ مَنْ يُنَبِّهُهُ) مِنْ عَالِمٍ أَوْ شَيْخٍ مُرْشِدٍ (عَلَى عَيْبِهِ) وَالْمُؤْمِنُ مِرْآةُ أَخِيهِ وَالرَّجُلُ لَا يَعْرِفُ كُلَّ عَيْبِهِ (مِنْ أَصْدِقَاءِ الصِّدْقِ) إذْ مَنْ لَا يَصْدُقُ فِي دَعْوَى صَدَاقَتِهِ لَا يَخْلُو عَنْ مُدَاهَنَةٍ أَوْ تَكُونُ صَدَاقَتُهُ صُورِيَّةٌ دُنْيَوِيَّةٌ لَا حَقِيقِيَّةٌ أُخْرَوِيَّةٌ إذْ الْمُحِبُّ الصَّادِقُ يَحْفَظُ حَبِيبَهُ مِنْ الْمَهَالِكِ وَالْمَخَاوِفِ لَكِنَّ مِثْلَهُ فِي غَايَةِ عِزَّةٍ وَنِهَايَةِ نُدْرَةٍ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
صَادُ الصَّدِيقِ وَكَافُ الْكِيمْيَاءِ مَعًا ... لَا يُوجَدَانِ فَدَعْ عَنْ نَفْسِك الطَّمَعَا
رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً أَهْدَى إلَيَّ عَيْبِي وَلِهَذَا سُنَّ عَقْدُ الْأُخُوَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ (وَالتَّفَحُّصُ لِقَوْلُ أَعْدَائِهِ) فِي حَقِّهِ (فَإِنَّهُمْ يَنْظُرُونَ إلَى عُيُوبِهِ) لِإِجْرَاءِ عَدَاوَتِهِمْ لَهُ (وَيَذْكُرُونَهُ بِهَا) أَيْ بِتِلْكَ الْعُيُوبِ طَلَبًا لِحَقَارَتِهِ فَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرُوا فِيهِ مَوْجُودًا فَلْيَسْعَ إلَى إزَالَتِهِ، وَأَنَّ الْأَحِبَّاءَ قَلَّمَا يَرَوْنَ نَقَائِصَ أَحِبَّائِهِمْ كَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الصَّدَاقَةُ الصَّادِقَةُ تُرِي نَقَائِصَ الصِّدِّيقِ مَحَاسِنَ.
وَقِيلَ عَنْ الْإِحْيَاءِ إنَّ رَجُلًا قَالَ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ نَبِّهْنِي عَلَى عَيْبِي فَقَالَ لَاحَظْتُك بِعَيْنِ