الْقُشَيْرِيِّ عَنْ الْبِسْطَامِيِّ قِيلَ لَهُ مَا لَقِيت فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ مَا لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ فَقِيلَ لَهُ مَا أَهْوَنُ مَا لَقِيَتْ نَفْسُك مِنْك فَقَالَ أَمَّا هَذَا فَنَعَمْ دَعَوْتهَا إلَى شَيْءٍ مِنْ الطَّاعَاتِ فَلَمْ تُجِبْنِي فَمَنَعْتهَا الْمَاءَ سَنَةً وَهَذَا كَمَنْ يَطِيبُ لَهُ الْكَيُّ وَالْمُعَالَجَاتُ الصَّعْبَةُ عِنْدَ خَوْفِ الْهَلَاكِ مِنْ الْأَمْرَاضِ لِرَجَاءِ الْخَلَاصِ بِهَا (وَاسْتِمَاعُ مَا وَرَدَ فِي ذَمِّ سُوءِ الْخُلُقِ) مِنْ الْآثَارِ النَّبَوِيَّةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَعْرِفَةُ حَقَائِقِ الْأَمْرَاضِ؛ وَلِهَذَا تَرَكَ لَفْظَ ثُمَّ الدَّالَّةَ عَلَى التَّرْتِيبِ وَالتَّرَاخِي، فَلَيْسَ هَذَا سَابِعُ الْعِلَاجِ الْمُتَرَتِّبِ الْمُتَقَدِّمِ فَالْعِلَاجُ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا السِّتَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى التَّرْتِيبِ وَثَانِيهِمَا هُوَ هَذَا خِلَافًا لِجُمْهُورِ الشُّرَّاحِ هُنَا (إجْمَالًا) عَلَى وَجْهٍ كُلِّيٍّ لَيْسَ بِمُصَرَّحٍ بِأَعْيَانِ شَيْءٍ مِنْ الذَّمِيمَةِ بَلْ شَامِلٌ لِجُزْئِيَّاتٍ كَثِيرَةٍ (وَتَفْصِيلًا) أَيْ كُلُّ ذَمِيمَةٍ ذَمِيمَةٌ بِأَثَرِ أَثَرٍ (وَ) هَذَا (الثَّانِي) أَيْ التَّفْصِيلِيُّ (سَيَجِيءُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقِسْمِ الثَّانِي، وَأَمَّا الْأَوَّلُ) أَيْ الْإِجْمَالِيُّ (فَمِنْهُ مَا خَرَجَ صف) أَيْ الْأَصْفَهَانِيُّ.
(عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَعْظَمُ» جِنَايَةً وَمُؤَاخَذَةً «عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى» ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَعْظَمَ عِنْدَ النَّاسِ «مِنْ سُوءِ الْخُلُقِ» مُطْلَقًا (وَ) سَبَبُ (ذَلِكَ) أَيْ الْأَعْظَمِيَّةِ (أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ ذَنْبٍ) بِالتَّوْبَةِ (إلَّا وَقَعَ فِي ذَنْبٍ) آخَرَ لِرُسُوخِ ذَلِكَ الْخُلُقِ الَّذِي هُوَ الْمَبْدَأُ لَعَلَّ أَنَّ أَصْلَهُ رَاسِخٌ ضَرُورِيٌّ، وَإِنْ كَانَ ثَمَرَتُهُ اخْتِيَارِيَّةٌ فَمَا دَامَ الْأَصْلُ قَلَّمَا يَخْلُو عَنْ الْأَثَرِ فَتَأَمَّلْ جِدًّا.
وَالْحَدِيثُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَلَى رِوَايَةِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَعَنْ أَبَوَيْهَا هَكَذَا كَمَا يَقْرُبُ مَا سَيَذْكُرُ هُنَا «مَا مِنْ ذَنْبٍ إلَّا وَلَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَوْبَةٌ إلَّا سُوءُ الْخُلُقِ فَإِنَّهُ لَا يَتُوبُ مِنْ ذَنْبٍ إلَّا رَجَعَ إلَى مَا هُوَ شَرٌّ مِنْهُ» .
قَالَ الْمُنَاوِيُّ فَلَا يَثْبُتُ عَلَى التَّوْبَةِ أَبَدًا فَهُوَ كَالْمُصِرِّ؛ لِأَنَّهُ إنْ تَابَ مِنْ وَاحِدٍ يَفْعَلُ آخَرَ فَالتَّوَهُّمُ بِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا هُوَ الْغَضَبُ بِشَهَادَةِ الْعُرْفِ وَبِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «حُسْنُ الْخُلُقِ أَنْ لَا تَغْضَبَ» إلَى آخِرِ مَا قَالَ تَأْوِيلٌ مُخَرِّجٌ لِلْحَدِيثِ عَنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَقْصُودِ لِكَوْنِهِ رَاجِعًا إلَى التَّفْصِيلِيِّ وَالْكَلَامُ فِي الْإِجْمَالِيِّ.
(خَرَّجَ طط) الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ (عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -) وَعَنْ أَبَوَيْهَا (أَنَّهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الشُّؤْمُ» ضِدُّ الْيُمْنِ وَالتَّبَرُّكِ، وَهُوَ مَا يَكْرَهُهُ الْإِنْسَانُ وَيَخَافُ مِنْ سُوءِ عَاقِبَتِهِ «سُوءُ الْخُلُقِ» ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ بَلْ شَأْنُهُ الشَّرُّ وَالْهَوَانُ وَفِي تَعْرِيفِ الْمُسْنَدِ إشَارَةٌ إلَى الْحَصْرِ فَالْمَعْنَى الشُّؤْمُ هَذَا لَا مَا يَتَشَاءَمُ النَّاسُ مِنْهُ (طط صف) الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْأَصْفَهَانِيُّ.
(عَنْ عَائِشَةَ) وَعَنْ أَبَوَيْهَا (عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَا مِنْ شَيْءٍ» مِنْ الْمَعَاصِي وَالْمُذْنِبِينَ «إلَّا لَهُ تَوْبَةٌ» عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى «إلَّا صَاحِبُ سُوءِ الْخُلُقِ فَإِنَّهُ» لِسُوءِ طَبِيعَتِهِ وَفَسَادِ مِزَاجِهِ «لَا يَتُوبُ مِنْ ذَنْبٍ إلَّا عَادَ فِي» ذَنْبٍ «شَرٍّ مِنْهُ» إمَّا عَلَى الْإِمْكَانِ أَوْ الْأَكْثَرِ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ الشَّرُّ مِنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute