للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوَاعِدِ الشَّرْعِ، فَإِمَّا مُؤَوَّلٌ أَوْ لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.

فَالتَّقَابُلُ عَدَمٌ وَمَلَكَةٌ وَقِيلَ تَضَادٌّ لِكَوْنِ الْكُفْرِ مِنْ الْأُمُورِ الْمَوْجُودَةِ لَكِنْ يَشْكُلُ أَنَّ الْأَخْلَاقَ مِنْ قَبِيلِ الْكَيْفِيَّاتِ وَالْكَيْفُ مِنْ الْأُمُورِ الْمَوْجُودَةِ، فَكَيْفَ يَكُونُ مَعْدُومًا نَعَمْ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: إنَّ الْأَحْكَامَ الْوُجُودِيَّةَ جَارِيَةٌ فِي الْعَدَمِ فِي تَقَابُلِ الْعَدَمِ وَالْمَلَكَةِ تَأَمَّلْ ثُمَّ قِيلَ هَذَا شَامِلٌ لِلْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْمَلَكِ فَإِنَّهُمْ هُمْ الْمُكَلَّفُونَ وَغَيْرُهُمْ لَا يُوصَفُونَ بِإِيمَانٍ وَكُفْرٍ لِعَدَمِ الشَّأْنِ فِيهِمْ أَقُولُ يَشْكُلُ بِالشَّيْطَانِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ دُخُولَهُ فِي الْجِنِّ أَوْ الْمَلَكِ فَافْهَمْ وَأَيْضًا بِالْمَلَكِ لِامْتِنَاعِ تَصَوُّرِ عَدَمِ الْإِيمَانِ فِيهِمْ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ إمْكَانَ الْكُفْرِ مِنْهُمْ كَمَا قِيلَ فِي إبْلِيسَ أَوْ بِنَاءً عَلَى الْإِمْكَانِ الْأَصْلِيِّ وَالِامْتِنَاعُ إنَّمَا هُوَ فِي الْوُقُوعِ فَتَأَمَّلْ أَيْضًا.

(وَالْإِيمَانُ) إنَّمَا ذُكِرَ هُنَا لِكَوْنِهِ مَأْخُوذًا فِي مَاهِيَّةِ الْكُفْرِ وَمَعْرِفَةُ الْكُلِّ مَوْقُوفٌ عَلَى مَعْرِفَةِ أَجْزَائِهِ (هُوَ التَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ) عَلَى وَجْهِ الْقَطْعِ وَالْإِذْعَانِ وَلَوْ تَقْلِيدًا (بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى) فَلَوْ صَدَّقَ الْجَمِيعَ وَلَمْ يُصَدِّقْ وَاحِدًا فَلَا يُوجَدُ لَهُ إيمَانٌ (وَالْإِقْرَارُ بِهِ) بِذَلِكَ الْجَمِيعِ، وَلَوْ إجْمَالًا لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا عَلِمَ مِنْ دِينِهِ بِالضَّرُورَةِ، وَلَوْ صَبِيًّا وَعَامِّيًّا بَلْ قَدْ يَعْلَمُ الْمُخَالِفُ كَأَهْلِ الذِّمَّةِ لِبَدَاهَتِهِ فِي الدِّينِ، وَإِنْ نَظَرِيًّا فِي نَفْسِهِ كَالتَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَالْبَعْثِ وَالْإِقْرَارِ بِهِ (عِنْدَ عَدَمِ الْمَانِعِ) كَالْإِكْرَاهِ وَالْخُرْسِ وَالْمَرَضِ وَغَيْرِهَا كَعَدَمِ وِجْدَانِ وَقْتِ الْإِقْرَارِ فَمَنْ حَصَلَ لَهُ التَّصْدِيقُ فَمَاتَ فَوْرًا بِلَا إقْرَارٍ فَمُسْلِمٌ (حَقِيقَةً وَحُكْمًا) أَيْ حُكْمُ الشَّرْعِ قَيْدَانِ لِمَجْمُوعِ التَّصْدِيقِ وَالْإِقْرَارِ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِمَا مَعًا إذْ لَوْ وُجِدَ التَّصْدِيقُ وَالْإِقْرَارُ حَقِيقَةً وَلَمْ يُوجَدَا حُكْمًا كَأَنْ يُقَارِنَا بِمَا جَعَلَهُ الشَّارِعُ عَلَامَةً لِلتَّكْذِيبِ كَاسْتِخْفَافِ الشَّرِيعَةِ وَالْقُرْآنِ وَالْمَلَكِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا (أَوْ حُكْمًا فَقَطْ) يَعْنِي يُوجَدُ التَّصْدِيقُ وَالْإِقْرَارُ فِي حُكْمٍ وَلَا يُوجَدَانِ حَقِيقَةً كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَكِنْ يَشْكُلُ بِنَحْوِ الْأَخْرَسِ وَالْمُكْرَهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ ادَّعَى دُخُولَهُ فِي الْأَوَّلِ فَلَمْ تُوجَدْ حَقِيقَةُ الْإِقْرَارِ، وَإِنْ وُجِدَتْ حَقِيقَةُ التَّصْدِيقِ وَأَنَّ فِي الثَّانِي كَمَا تَوَهَّمَ فَقَدْ وُجِدَ فِيهِمَا حَقِيقَةُ التَّصْدِيقِ (وَتَفْسِيرُ الْكُفْرِ بِالْإِنْكَارِ لَيْسَ بِجَامِعٍ لِخُرُوجِ الشَّكِّ وَخُلُوِّ الذِّهْنِ عَنْهُ) إذْ الْمُعَرَّفُ أَيْ الْكُفْرُ صَادِقٌ وَالتَّعْرِيفُ لَيْسَ بِصَادِقٍ عَلَيْهِمَا لِعَدَمِ الْإِنْكَارِ فِيهِمَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ مِنْ الْإِنْكَارِ عَدَمُ التَّصْدِيقِ أَوْ الْجَهْلُ وَعَدَمُ الْعِلْمِ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ عَدَمِ الْإِيمَانِ عَمَّنْ مِنْ شَأْنِهِ إلَى آخِرِهِ (بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ (تَقَابُلُ الْعَدَمِ وَالْمَلَكَةِ وَعَلَى الثَّانِي تَقَابُلُ التَّضَادِّ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُتَقَابِلَيْنِ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّهُمَا إنْ كَانَا وُجُودِيَّيْنِ وَأَمْكَنَ تَعَقُّلُ أَحَدِهِمَا مَعَ الذُّهُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>