للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّفِيعَةَ هِيَ نَفْعُ الدُّنْيَا وَالْجَاهُ (أَوْ مَالٌ) كَمَنْ يَقْرَأُ بَعْضَ الْقُرْآنِ وَالْأَذْكَارِ لِيَكْثُرَ مَالُهُ (أَوْ قَضَاءَ شَهْوَةٍ) كَالتَّزَوُّجِ (أَوْ دَفْعَ ضَرَرٍ يَسِيرٍ) قَالَ الْمَوْلَى الْمُحَشِّي وَتَبِعَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ احْتِرَازًا عَنْ الْكَثِيرِ مِثْلَ الْقَتْلِ وَتَلَفِ الْعُضْوِ لَعَلَّ مُرَادَهُ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مِنْ الرِّيَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ إكْرَاهًا مُلْجِئًا فَيَظْهَرُ ضَعْفُ مَا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْكَثِيرُ هُوَ الْأَوْلَى، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ إذَا ضُرِبَتْ فِي الثَّمَانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ فَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ وَعِنْدَ ضَمِّ الْإِعْلَامِ الْمَذْكُورِ فَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ (وَكُلٌّ مِنْهَا) الظَّاهِرُ رَاجِعٌ إلَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ الْمَضْرُوبَةِ فِي تِلْكَ الثَّمَانِيَةِ الْبَالِغَةِ إلَى اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ (إمَّا لِلتَّوَسُّلِ إلَى عَمَلِ الْآخِرَةِ أَوَّلًا) فَالْأَقْسَامُ بَالِغَةٌ إلَى أَرْبَعَةٍ وَسِتِّينَ.

(وَالْأَوَّلُ) أَيْ إرَادَةُ نَفْعِ الدُّنْيَا لِلتَّوَسُّلِ إلَى الْآخِرَةِ بِجَمِيعِ أَقْسَامِهِ وَقُيُودِهِ فِي ذَلِكَ الْمَبْلَغِ إنْ كَانَ (مِنْ الْخَالِقِ تَعَالَى لَيْسَ بِرِيَاءٍ) لَعَلَّ الْأَخْصَرَ وَالْأَظْهَرَ وَالْأَضْبَطَ فِي هَذَا الْمَقَامِ عَلَى رَأْيِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَرَامِ أَنْ يُقَالَ الرِّيَاءُ إمَّا إرَادَةُ نَفْعِ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ أَوْ دَلِيلِهِ وَإِمَّا إعْلَامُهُ أَحَدًا وَإِمَّا حُبُّ الْمَنْزِلَةِ الْأَوَّلَانِ رِيَاءُ أَهْلِ الدِّينِ وَالثَّالِثُ رِيَاءُ أَهْلِ الدُّنْيَا وَالْأَوَّلُ إمَّا أَنْ لَا يُقَارِنَ إرَادَةَ نَفْعِ الْآخِرَةِ فَرِيَاءٌ مَحْضٌ أَوْ يُقَارِنَ غَالِبًا أَوْ مَغْلُوبًا أَوْ مُسَاوِيًا فَتَخْلِيطٌ ثُمَّ نَفْعُ الدُّنْيَا الْمُتَصَوَّرُ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ إمَّا جَاهٌ أَوْ مَالٌ أَوْ قَضَاءُ شَهْوَةٍ أَوْ دَفْعُ ضَرَرٍ يَسِيرٍ وَكُلُّ ذَلِكَ إمَّا لِلطَّلَبِ مِنْ الْخَالِقِ أَوْ الْمَخْلُوقِ وَكُلُّ ذَلِكَ إمَّا لِلتَّوَسُّلِ إلَى عَمَلِ الْآخِرَةِ أَوْ لَا وَالْأَوَّلُ إنْ مِنْ الْخَالِقِ لَيْسَ بِرِيَاءٍ لَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ زِيَادَةَ بَسْطٍ وَتَفْصِيلٍ فِي الْمَقَامِ لِزِيَادَةِ اهْتِمَامٍ فِي الْمَرَامِ وَإِلَّا فَأَوْضَحَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ هُوَ إرَادَةُ نَفْعِ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ إلَخْ وَالْمُضَافُ إلَيْهِ أَعْنِي نَفْعَ الدُّنْيَا إمَّا جَاهٌ أَوْ مَالٌ إلَخْ وَالْمُضَافُ يَعْنِي الْإِرَادَةَ الْمَذْكُورَةَ إمَّا مُجَرَّدَةٌ فَرِيَاءٌ مَحْضٌ أَوْ مُقَارِنُ غَالِبٍ أَوْ مَغْلُوبٍ أَوْ مُسَاوٍ وَأَيْضًا الْإِرَادَةُ إمَّا مِنْ الْخَالِقِ أَوْ الْمَخْلُوقِ وَأَيْضًا إمَّا لِلتَّوَسُّلِ إلَى عَمَلِ الْآخِرَةِ أَوْ لَا

ثُمَّ أَقُولُ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ كَوْنُ الْإِعْلَامِ خَارِجًا عَنْ هَذِهِ التَّقْسِيمَاتِ وَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْسَامَ تَجْرِي فِي إرَادَةِ نَفْعِ الدُّنْيَا بِإِعْلَامِ عَمَلِ الْآخِرَةِ فَتَخْصِيصُهُ فِيمَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنْ كَانَ إعْلَامُ الْغَيْرِ إلَخْ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي وَأَيْضًا قَوْلُهُ وَكُلٌّ مِنْهَا إمَّا لِلتَّوَسُّلِ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى جَمِيعِ الْأَقْسَامِ السَّابِقَةِ كَمَا لَزِمَ عَلَى تَوْضِيحِ الْمَوْلَى الْمُحَشِّي كَمَا أُشِيرَ آنِفًا وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ الرِّيَاءُ الْمَحْضُ فَيَئُولُ الْمَعْنَى أَنَّ مَا لَا يُقَارِنُ إرَادَةَ نَفْعِ الْآخِرَةِ إمَّا لِلتَّوَسُّلِ إلَى عَمَلِ الْآخِرَةِ إلَى آخِرِهِ فَقِسْمُ الشَّيْءِ قَسِيمٌ لَهُ أَوْ قَسِيمُ الشَّيْءِ قِسْمٌ مِنْهُ أَوْ قُبْحُ التَّرْدِيدِ وَالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُقَارَنَةِ وَالتَّوَسُّلِ بَعِيدٌ فَتَأَمَّلْ.

(لِوُرُودِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ) فَإِنَّ طَلَبَ الْمَطَرِ لِأَجَلِ الزُّرُوعِ وَالنَّبَاتَاتِ إرَادَةُ نَفْعِ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُوَ الْخَالِقُ تَعَالَى لَكِنْ يَشْكُلُ أَنَّ قَصْدَ التَّوَسُّلِ إلَى عَمَلِ الْآخِرَةِ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ، وَإِنْ لَزِمَ نَفْسُ التَّوَسُّلِ بِلَا قَصْدٍ وَالْكَلَامُ فِي الْقَصْدِ لَا فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ الْمِثَالَ عَلَى مَنْ يَطْلُبُ الْمَطَرَ لِأَجْلِ نَحْوِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ أَوْ الزُّرُوعِ لَكِنْ بِشَرْطِ نِيَّةِ التَّقَوِّي بِذَلِكَ عَلَى طَاعَةِ الْآخِرَةِ فَلَا يَخْفَى غَايَةُ بُعْدِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ بِكِفَايَةِ لُزُومِ التَّوَسُّلِ وَأَيْضًا إنَّ نَحْوَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ لَا يُقَارِنُهَا إرَادَةُ نَفْعِ الْآخِرَةِ فِي الْأَكْثَرِ سِيَّمَا عَامَّةُ الْعَوَامّ فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ رِيَاءً مَحْضًا يَجِبُ الْمَنْعُ مِنْهُ إلَّا بِتِلْكَ النِّيَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَدَعْوَى الْكِفَايَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يُمْكِنُ هُنَا لِتَصْرِيحِ الْإِرَادَةِ (وَالِاسْتِخَارَةُ) فَإِنَّهَا أَيْضًا كَذَلِكَ عِنْدَ كَوْنِ الِاسْتِخَارَةِ لِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ لَا دِينِيٍّ (وَالْحَاجَةُ) فَإِنَّهَا كَذَلِكَ فِي ذَلِكَ التَّفْصِيلِ (وَنَحْوُهَا) قِيلَ كَالْإِمَامَةِ وَالْخَطَابَةِ وَتَعْلِيمِ الصِّبْيَانِ بِالْأُجْرَةِ، فَإِنَّهَا نَفْعٌ دُنْيَوِيٌّ بِعَمَلِ الْآخِرَةِ لِلتَّوَسُّلِ إلَى إنْفَاقِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَتَفَرُّغِ عِبَادَتِهِ تَعَالَى وَقِيلَ مِثْلُ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْوَاقِعَةِ فِي أَيَّامِ الْعُسْرَةِ وَدَفْعِ الْفَقْرِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَالْإِخْلَاصِ وَالْأَنْعَامِ لِشِفَاءِ الْأَمْرَاضِ وَقِرَاءَةِ يس لِمَا أَرَادَ.

(وَغَيْرُهَا) بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ أَيْ غَيْرُ مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إلَى عَمَلِ الْآخِرَةِ مِنْ الْخَالِقِ (كُلُّهُ) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ سَابِقًا مِنْ الْأَقْسَامِ مِمَّا هُوَ مِنْ الْمَخْلُوقِ مُطْلَقًا وَمِنْ الْخَالِقِ أَنَّ عَدَمَ التَّوَسُّلِ الْأُخْرَوِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>