للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا إخْلَاصٌ مَحْمُودٌ (وَالْعَلَامَةُ الْفَارِقَةُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ هَذَيْنِ النَّشَاطَيْنِ الْمَحْمُودِ وَالْمَذْمُومِ (أَنْ يَعْرِضَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ لَوْ رَأَى) .

وَفِي نُسْخَةٍ أَنَّهَا أَيْ النَّفْسَ لَوْ رَأَتْ (هَؤُلَاءِ) الْقَوْمَ (يُصَلُّونَ وَيَصُومُونَ مِنْ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ) حَالَ كَوْنِهِمْ (مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ هَلْ كَانَتْ) النَّفْسُ (تَسْخُو) تَسْمَحُ (بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فَهُوَ إخْلَاصٌ) لِعَدَمِ نَظَرِهِ حِينَئِذٍ لِغَيْرِهِ تَعَالَى (يُوَافِقُهُمْ) فِي ذَلِكَ الْعَمَلُ فَإِنَّ بَاعِثَهُ هُوَ الدِّينُ (أَوْ) كَانَتْ (لَا تَسْخُو وَتَثْقُلُ) الْعِبَادَةُ عَلَيْهِ (لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِمْ عَلَيْهَا) لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ مُوجِبُ النَّشَاطِ وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ رَحْمَةٌ وَالْفُرْقَةَ عَذَابٌ (فَرِيَاءٌ لَا يَزِيدُ عَلَى الْمُعْتَادِ) أَوْ يَجْتَهِدُ فِي تَبْدِيلِ النِّيَّةِ وَتَحْصِيلِ الْإِخْلَاصِ.

(وَمِنْ ذَلِكَ) مِنْ التَّرَدُّدِ بَيْنَ الرِّيَاءِ وَالْإِخْلَاصِ (الِاسْتِغْفَارُ) كَقَوْلِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ (وَالِاسْتِعَاذَةُ) نَحْوُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (عِنْدَ النَّاسِ فَقَدْ يَكُونُ) كُلٌّ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ وَالِاسْتِعَاذَةِ (لِخَاطِرِ خَوْفٍ) مِنْ اللَّهِ (وَتَذَكُّرِ ذَنْبٍ) صَدَرَ مِنْهُ (وَتَنَدُّمٍ عَلَيْهِ) تَوْبَةٍ فَيَكُونُ إخْلَاصًا (وَقَدْ يَكُونُ لِلْمُرَآَّةِ) لِكَيْ يُثْنَى عَلَيْهِ لَعَلَّ ذَلِكَ قَدْ يَكْثُرُ عِنْدَ اسْتِمَاعِ الْمَوَاعِظِ لِخَوْفِ مَذَمَّةِ مَنْ فِي الْمَجْلِسِ (فَرَاقِبْ قَلْبَك) وَاحْفَظْهُ بِأَنْ تَنْظُرَ إلَيْهِ بِعَيْنِ الْبَصِيرَةِ عِنْدَ صُدُورِ مِثْلِ ذَلِكَ (وَمَيِّزْ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْإِخْلَاصِ وَالرِّيَاءِ (بِالْعَلَامَةِ السَّابِقَةِ) فَمَا اسْتَوَى فِيهِ الْخَلْوَةُ وَالْجَلْوَةُ فَإِخْلَاصٌ وَمَا ثَقُلَ فِي الْخَلَاءِ فَرِيَاءٌ (وَأَمْثَالُهَا) كَمَحَبَّةِ اطِّلَاعِ الْغَيْرِ وَعَدَمِهَا (فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى) بَعْدَ ذَلِكَ التَّمْيِيزِ (فَامْضِهِ) فَافْعَلْهُ وَأَبْقِهِ مُسَارِعًا إلَيْهِ قِيلَ الْهَاءُ لِلسَّكْتِ تُكْتَبُ وَلَا يُنْطَقُ بِهَا إلَّا وَقْفًا لَا يَخْفَى أَنَّهُ ضَمِيرُ غَائِبٍ رَاجِعٌ إلَى الْعَمَلِ الْمَذْكُورِ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ وَالِاسْتِعَاذَةِ (وَإِلَّا) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَعَالَى (فَاحْذَرْ) مِنْهُ كَسَائِرِ الرِّيَاءِ؛ لِأَنَّهُ سُمٌّ فِي صُورَةِ تِرْيَاقٍ كَالصَّلَاةِ مَعَ النَّجَاسَةِ.

(وَمِنْ ذَلِكَ) التَّرَدُّدِ (إظْهَارُ الطَّاعَةِ) لِلنَّاسِ (فَإِنَّ الْبَاعِثَ عَلَيْهِ قَدْ يَكُونُ قَصْدُ الِاقْتِدَاءِ) لِيُقْتَدَى بِهِ فِيهَا وَيَكُونَ مِصْدَاقًا لِنَحْوِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً» . الْحَدِيثَ. (فَيَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ الْإِخْفَاءِ) لِحُسْنِ قَصْدِهِ وَجَوْدَةِ ثَمَرَتِهِ (هق عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «عَمَلُ السِّرِّ أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِ الْعَلَانِيَةِ» لِخُلُوِّهِ عَنْ الرِّيَاءِ الظَّاهِرِ عِنْدَ عَدَمِ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ «وَ» عَمَلُ «الْعَلَانِيَةِ أَفْضَلُ» مِنْ عَمَلِ السِّرِّ «لِمَنْ أَرَادَ الِاقْتِدَاءَ» لِحَثِّ الْغَيْرِ عَلَى الْخَيْرِ وَيَكُونُ عِبَادَةً مُتَعَدِّيَةً وَيَكُونُ عَوْنًا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَضَرْبًا مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَرُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِحْيَاءِ أَنَّ «عَمَلَ السِّرِّ يُضَاعَفُ عَلَى عَمَلِ الْعَلَانِيَةِ سَبْعِينَ ضِعْفًا، وَيُضَاعَفُ عَمَلُ الْعَلَانِيَةِ إذَا اُسْتُنَّ بِعَامِلِهِ عَلَى عَمَلِ السِّرِّ سَبْعِينَ ضِعْفًا» وَنُقِلَ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>