مَعَ الْغَيْرِ كَالْبُيُوعِ وَالْمُدَايَنَاتِ وَأَحْوَالِ سَائِرِ الْعُقُودِ (أَوْ لِمُفَارَقَةِ النَّوْمِ) الْمَانِعِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ (لِاسْتِنْكَارِهِ الْمَوْضِعَ) الَّذِي يَبِيتُ فِيهِ إذْ الْإِنْسَانُ قَدْ يُزِيلُ نَوْمَهُ بِتَبَدُّلِ فِرَاشِهِ وَمَكَانِهِ (أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ فَيَغْتَنِمُ زَوَالَ النَّوْمِ) بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ الْمَانِعَةِ فَيَفْعَلُ مَا يَفْعَلُونَهُ مِنْ الطَّاعَاتِ تَحْصِيلًا لِمَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا لِغَرَضٍ آخَرَ (وَفِي مَنْزِلِهِ رُبَّمَا يَغْلِبُهُ النَّوْمُ وَقَدْ يَعْسَرُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فِي مَنْزِلِهِ وَ) الْحَالُ (مَعَهُ أَطَايِبُ الْأَطْعِمَةِ) الْأَطْعِمَةِ الطَّيِّبَةِ وَيَشُقُّ الصَّبْرُ عَلَيْهَا (فَإِذَا أَعْوَزَتْهُ) أَفْقَرَتْهُ (تِلْكَ الْأَطْعِمَةُ) لِفِقْدَانِهَا (لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ) الصَّوْمُ فَتَنْبَعِثُ دَاعِيَةُ الدِّينِ لِلصَّوْمِ فَإِنَّ الشَّهَوَاتِ الْحَاضِرَةَ عَوَائِقُ وَدَوَافِعُ تَغْلِبُ بَاعِثَ الدِّينِ فَإِذَا سَلِمَ مِنْهَا قَوِيَ الْبَاعِثُ.
(فَهَذِهِ وَأَمْثَالُهَا) مِنْ الْعِبَادَاتِ (لَيْسَتْ بِرِيَاءٍ) لِعَدَمِ صِدْقِ مَاهِيَّةِ الرِّيَاءِ عَلَيْهَا لِعَدَمِ قَصْدِ غَيْرِ اللَّهِ بِهَا وَإِنْ كَانَ الدَّاعِي وَالْمُنَشِّطُ غَيْرَهُ تَعَالَى (فَعَلَيْهِ الْمُوَافَقَةُ) أَيْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ مُوَافَقَتُهُمْ أَوْ يَجُوزُ (وَالْعَمَلُ وَ) الْحَالُ (الشَّيْطَانُ عِنْدَ ذَلِكَ) الْعَمَلِ مَعَ مَنْ ذُكِرَ (رُبَّمَا يَصُدُّ) أَيْ يَمْنَعُ (عَنْ الْعَمَلِ) لِأَنَّهُ بِرٌّ، وَالشَّيْطَانُ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْءِ لِعَدَاوَتِهِ لَهُ (وَيَقُولُ لَا تَعْمَلْ مَا لَا تَعْمَلُ فِي بَيْتِك) وَوَحْدَتِك إنْ فَعَلْت ذَلِكَ (فَتَكُونُ مُرَائِيًا) فَلِلسَّالِكِ أَنْ يَدْفَعَهُ بِجِنْسِ مَا مَرَّ (وَإِنْ كَانَ نَشَاطُهُ) مَعَهُمْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ نَشَاطُهُ لِزَوَالِ الْغَفْلَةِ مِنْ تَتِمَّةِ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ (طَلَبًا لِمَحْمَدَتِهِمْ) مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ مِنْ الْحَمْدِ بِمَعْنَى الْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ (أَوْ خَوْفًا مِنْ ذَمِّهِمْ) لَهُ (وَ) خَوْفَ (نِسْبَتِهِمْ إيَّاهُ إلَى الْكَسَلِ) تَرَكَ الْعَمَلَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (لَا سِيَّمَا) كَلِمَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَوْلَوِيَّةِ مَا بَعْدَهَا بِالْحُكْمِ مِمَّا قَبْلَهَا (إذَا كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّهُ يَقُومُ بِاللَّيْلِ أَوْ) أَنَّهُ (يَصُومُ تَطَوُّعًا فَلَا تَسْمَحُ) لَا تَرْضَى (نَفْسُهُ بِأَنْ تَسْقُطَ عَنْ أَعْيُنِهِمْ فَيُرِيدُ أَنْ يَحْفَظَ مَنْزِلَتَهُ فِي قُلُوبِهِمْ) بِتَبْدِيلِ اعْتِقَادِهِمْ فِي حَقِّهِ فَيُرِيدُ أَنْ يَحْفَظَ مَنْزِلَتَهُ فِي قُلُوبِهِمْ عَلَى مَا اعْتَقَدُوا فِي حَقِّهِ.
(وَعِنْدَ ذَلِكَ) الرِّيَاءِ (قَدْ يَقُولُ الشَّيْطَانُ) لِذَلِكَ الْعَابِدِ الْمُرَائِي (صَلِّ فَإِنَّك مُخْلِصٌ وَإِنَّمَا كُنْت لَا تُصَلِّي فِي بَيْتِك لِكَثْرَةِ الْعَوَائِقِ) وَإِنَّمَا دَاعِيَتُك لِزَوَالِ الْعَوَائِقِ لَا لِاطِّلَاعِهِمْ، لَا يَخْفَى أَنَّ السَّوْقَ أَنَّ قَوْلَهُ يَكُونُ مِنْ جِنْسِ طَلَبِ ثَنَائِهِمْ وَخَوْفِ مَذَمَّتِهِمْ وَإِلَّا فَنَحْوُ هَذَا يُنَاسِبُ أَنْ يُبْدَلَ رِيَاؤُهُ نَحْوَ الْخُلُوصِ (فَلَا يَجُوزُ لَهُ) حِينَئِذٍ (أَنْ يَزِيدَ عَلَى مُعْتَادِهِ؛ لِأَنَّهُ يَعْصِي اللَّهَ تَعَالَى بِطَلَبِ مَحْمَدَةِ النَّاسِ) بِطَاعَةِ اللَّهِ (أَوْ دَفْعِ) بِدَفْعِ (ذَمِّهِمْ أَوْ سُقُوطِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى) لِأَنَّهُ أَخْرَجَ الطَّاعَةَ عَنْ مَوْضُوعِهَا مِنْ التَّقَرُّبِ بِهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَجَعَلَهَا عُرْضَةً لِهَذَا الْأَمْرِ الْمُخْدِعِ الَّذِي لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ نَفْعٌ وَلَا ضُرٌّ (لِأَنَّهُ رِيَاءٌ مَحْظُورٌ مَحْضٌ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute