للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْلَاهُ وَعَنْ الْفُضَيْلِ الرِّيَاءُ تَرْكُ الْعَمَلِ خَوْفًا مِنْ الرِّيَاءِ وَأَمَّا الْعَمَلُ لِأَجْلِ النَّاسِ فَشِرْكٌ (نَعَمْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَزِيدَ) عِنْدَ هَؤُلَاءِ (عَلَى الْمُعْتَادِ) الْأَصْلِيِّ (إنْ لَمْ يَجِدْ بَاعِثًا) دَاعِيًا (دِينِيًّا) فَإِنْ وَجَدَهُ يَزِيدُ مَا يَشَاءُ.

(وَقَدْ يَتْرُكُهُمَا) أَيْ الضُّحَى وَالتَّهَجُّدَ (لَا خَوْفًا مِنْ الرِّيَاءِ بَلْ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُنْسَبَ إلَى الرِّيَاءِ) أَيْ لِئَلَّا يَنْسُبَهُ أَحَدٌ إلَى الرِّيَاءِ (وَيُقَالُ إنَّهُ مُرَاءٍ) فَيَتْرُكُ مَا اعْتَادَهُ مِنْ الْعَمَلِ الصَّالِحِ (وَهَذَا عَيْنُ الرِّيَاءِ) لِأَجْلِ النَّاسِ وَأَنَّهُ إذَا صَحَّ مُعَامَلَتُهُ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يُغَيِّرْ فِي الْوَحْدَةِ وَالْخُلْطَةِ (لِأَنَّهُ تَرَكَ) إيَّاهُمَا (خَوْفًا مِنْ سُقُوطِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَهُمْ وَفِيهِ) أَيْ فِي التَّرْكِ لِلْخَوْفِ الْمَذْكُورِ (أَيْضًا سُوءُ الظَّنِّ بِالْمُسْلِمِينَ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: ١٢] (وَقَدْ يُوقِعُ الشَّيْطَانُ فِي قَلْبِهِ أَنْ يَتْرُكَ) أَيْ الْوِرْدَ (لِأَجْلِ صِيَانَتِهِمْ عَنْ مَعْصِيَةِ الْغِيبَةِ لَا لِلْفِرَارِ مِنْ ذَمِّهِمْ) لَهُ (وَسُقُوطِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَهُمْ وَهَذَا) التَّرْكُ لِأَجْلِ الصِّيَانَةِ (أَيْضًا سُوءُ الظَّنِّ بِهِمْ) وَلِمَا وَرَدَ هَلْ يَحْسُنُ تَرْكُ الْعَمَلِ لِأَجْلِ صِيَانَتِهِمْ مِنْ مَعْصِيَةِ الْغِيبَةِ أَجَابَ (وَصِيَانَةُ الْغَيْرِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ إنَّمَا يَحْسُنُ فِي تَرْكِ الْمُبَاحَاتِ لَا الْمُسْتَحَبَّاتِ وَالسُّنَنِ) لِأَنَّ الْعَاقِلَ لَا يُقَدِّمُ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ عَلَى مَضَرَّةِ الْغَيْرِ وَقَدْ كَانَ صُدُورُهَا مِنْهُ بِاخْتِيَارِهِ كَمَا يُنَاسِبُ قَوْلَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ وَإِنْ أَضَرَّ غَيْرَهُ وَإِنْ خَالَفَ آخَرَ عَلَى أَنَّ الْمَنْفَعَةَ قَطْعِيَّةٌ وَالْمَضَرَّةَ احْتِمَالِيَّةٌ وَقَدْ أَمْكَنَ تَضَمُّنُهُ مَنْفَعَةً لَهُمْ بِنَحْوِ الِاقْتِدَاءِ وَتَنْشِيطِ الطَّاعَةِ حَالًا أَوْ مَآلًا.

(وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ) أَيْ مِنْ عَدَمِ حُسْنِ التَّرْكِ لِأَجْلِ صِيَانَةِ الْغَيْرِ (تَرْكُ السِّوَاكِ) بِكُلِّ خَشِنٍ وَأَصْلُهُ مِنْ الزَّيْتُونِ فَإِنَّهُ سِوَاكُ الْأَنْبِيَاءِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْيَنَابِيعِ أَوْ مِنْ خَشَبِ الْخَوْخِ

<<  <  ج: ص:  >  >>