قَالَ «إنَّ أَخْوَفَ» مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ كَأَشْهَرَ وَأَعْذَرَ «مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ» عَنْ أَبِي الْبَقَاءِ أَخْوَفَ اسْمُ إنَّ وَمَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ إنَّ أَخْوَفَ شَيْءٍ أَخَافُهُ. وَعَنْ الطِّيبِيِّ أَضَافَ أَفْعَلَ إلَى مَا لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ إذَا اسْتَقْصَى الْأَشْيَاءَ الْمَخُوفَةَ لَمْ يُوجَدْ أَخْوَفُ وَلِيَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ إذَا اسْتَقْصَى الْأَشْيَاءَ الْمَخُوفَةَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ لَمْ يُوجَدْ أَخْوَفُ «الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ، قَالُوا وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ» هَذَا النِّدَاءُ إمَّا إشَارَةٌ إلَى وَجْهِ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ؛ لِأَنَّ مَنْ شَأْنُهُ الرِّسَالَةُ يَسْأَلُ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ، أَوْ لِمُجَرَّدِ التَّلَذُّذِ أَوْ لِلِاسْتِشْفَاقِ أَوْ لِكَمَالِ الْعِنَايَةِ عَلَى مَضْمُونِ مَا سُئِلَ. «قَالَ الرِّيَاءُ» كَمَا فِي حَدِيثٍ آخَرَ «إنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ قِيلَ أَتُشْرِكُ أُمَّتُك مِنْ بَعْدِك؟ قَالَ نَعَمْ أَمَا إنِّي لَسْتُ أَقُولُ تَعْبُدُونَ شَمْسًا وَلَا قَمَرًا وَلَا وَثَنًا وَلَكِنْ أَعْمَالًا لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَشَهْوَةً خَفِيَّةً.» وَسُئِلَ الْحَسَنُ عَنْ الرِّيَاءِ أَهُوَ شِرْكٌ قَالَ نَعَمْ أَمَا تَقْرَأُ {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠] . وَعَنْ الْجُنَيْدِ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ فَهُوَ مَالِكٌ وَاَلَّذِي يَمْلِكُهُ هَوَاهُ مَمْلُوكٌ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ الْغَالِبُ عَلَى قَلْبِهِ رَبُّهُ فَإِنَّمَا يَعْبُدُ هَوَاهُ وَنَفْسَهُ (يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ) يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْمُرَائِينَ (إذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ) أَيْ أُعْطِيَ كُلُّ أَحَدٍ الْجَزَاءَ فِي مُقَابَلَةِ أَعْمَالِهِ «اذْهَبُوا إلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً»
لِأَعْمَالِكُمْ قِيلَ فِيهِ إعْلَامٌ بِحُبُوطِ ثَوَابِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ بِالرِّيَاءِ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ، عَلَى أَنَّهُ لَا حُبُوطَ لِطَاعَةِ الْمُؤْمِنِ بِمَعْصِيَتِهِ وَلَا لِمَعْصِيَتِهِ بِطَاعَتِهِ وَقَدْ اُدُّعِيَ فِي ذَلِكَ الْإِجْمَاعُ فَرُدَّ قَوْلُ أَبِي هَاشِمٍ بِحَبْطِ الْأَقَلِّ بِالْأَكْثَرِ مِنْهُمَا مَعَ سُقُوطِ مِثْلِهِ فِي الْأَكْثَرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ (دُنْيَا) ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا.
(عَنْ جَبَلَةَ الْيَحْصُبِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إنَّ الْمُرَائِيَ يُنَادَى» عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مِنْ قِبَلِ الرَّحْمَنِ «يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا فَاجِرُ» أَيْ فَاسِقُ «يَا غَادِرُ» مِنْ الْغَدْرِ هُوَ نَقْضُ الْعَهْدِ «يَا كَافِرُ» بِمَعْنَى سَاتِرِ النِّعَمِ «يَا خَاسِرُ» فِي عُمُرِهِ الَّذِي هُوَ رَأْسُ مَالِ بِضَاعَتِهِ «ضَلَّ عَمَلُك» أَيْ غَابَ عَنْك وَضَاعَ «وَحَبَطَ أَجْرُك» أَيْ بَطَلَ ثَوَابُ عَمَلِك «اذْهَبْ فَخُذْ أَجْرَك مِمَّنْ كُنْت تَعْمَلُ لَهُ» فِي الدُّنْيَا وَفِي الْإِسْرَائِيلِيَّات
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute