للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدِ الْعَالِمِ وَالسُّلْطَانِ الْعَادِلِ جَائِزٌ لَا بَأْسَ فِيهِ وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَإِنْ لِتَعْظِيمِ إسْلَامِهِ فَلَا بَأْسَ أَيْضًا لَكِنْ الْأَوْلَى عَدَمُهُ وَتُكْرَهُ الْمُعَانَقَةُ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ.

وَعَنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يُكْرَهُ تَقْبِيلُ فَمِ الرَّجُلِ أَوْ يَدِهِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ أَوْ تَعَانُقُهُ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا بَأْسَ بِهِ وَأَمَّا الْقِيَامُ بَيْنَ يَدَيْ غَيْرِ الظَّلَمَةِ كَالْعُلَمَاءِ وَالْمَشَايِخِ وَكَذَا تَقْبِيلُ ثِيَابِهِمْ فَلَعَلَّهُ بِدْعَةٌ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ.

(وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ التَّذَلُّلِ (مُبَاشَرَةُ أَعْمَالِ الْبَيْتِ وَحَاجَاتِهِ كَكَنْسِ الْبَيْتِ) أَيْ إزَالَةِ قُمَامَةٍ (وَطَبْخِ الطَّعَامِ) .

وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ «كَأَنْ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُفَلِّيَ ثَوْبَهُ أَيْ يُخْلِيَ عَنْ ثَوْبِهِ الْمُؤْذِيَاتِ كَقَمْلٍ وَبُرْغُوثٍ وَيَحْلُبَ شَاتَهُ وَيَخْدُمَ نَفْسَهُ» ، فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَخْدُمُ نَفْسَهُ عُمُومًا وَخُصُوصًا.

قَالَ الْمِصْرِيُّ: مَحْمُولٌ عَلَى الْأَحْيَانِ فَتَارَةً بِنَفْسِهِ وَتَارَةً بِغَيْرِهِ وَتَارَةً بِالْمُشَارَكَةِ، وَفِيهِ نَدْبُ خِدْمَةِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخِلُّ بِمَنْصِبِهِ وَإِنْ جَلَّ كَمَا فِي الْمُنَاوِيِّ وَعَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَيْضًا «أَنَّهُ كَانَ يَغْسِلُ ثَوْبَهُ وَيَرْفَعُ دَلْوَهُ وَيَعْلِفُ شَاتَهُ وَيَقُمُّ بَيْتَهُ وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ» (وَحَمْلِ الْمَتَاعِ مِنْ السُّوقِ إلَى الْبَيْتِ) «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - شَرَى سَرَاوِيلَ وَمَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَرَادَ حَمْلَهَا فَأَبَى. وَقَالَ صَاحِبُ الشَّيْءِ أَحَقُّ بِشَيْئِهِ أَنْ يَحْمِلَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا» الْحَدِيثَ.

قَالَ الْمُنَاوِيُّ: لِأَنَّهُ أَعْوَنُ عَلَى التَّوَاضُعِ وَأَنْفَى لِلْكِبْرِ وَإِنَّمَا مَنَعَهُ مَعَ أَنَّ فِي خِدْمَتِهِ غَايَةَ شَرَفٍ؛ لِأَنَّهُ مُشَرِّعٌ فَبَيَّنَ مَشْرُوعِيَّةَ الْحُكْمِ (وَلُبْسِ الْخَشِنِ وَالْخَلَقِ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ (وَالْمُرَقَّعِ وَالْمَشْيِ حَافِيًا وَلَعْقِ الْأَصَابِعِ) بَعْدَ تَمَامِ الْأَكْلِ لَا فِي أَوْسَاطِهِ (وَ) لَعْقِ (الْقَصْعَةِ) بِاللِّسَانِ أَوْ الْأَصَابِعِ قِيلَ جَاءَ فِي الْخَبَرِ إنَّهَا تَسْتَغْفِرُ لِصَانِعِ ذَلِكَ بِهَا.

وَفِي نِصَابِ الِاحْتِسَابِ رَجُلٌ قَالَ «كُلَّمَا أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ لَحِسَ أَصَابِعَهُ» فَقَالَ السَّامِعُ " أَيْنَ بِي ادب يست " يَكْفُرُ لِاسْتِخْفَافِ السُّنَّةِ (وَأَكْلُ مَا سَقَطَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الطَّعَامِ) مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ وَفِي الْحَدِيثِ «أَكْلُ الْعَنَا وَتَرْكُ الزِّنَى مِنْ أَسْبَابِ الْغِنَى» .

(وَالْتِقَاطِ) أَيْ أَخْذُ (دَقَائِقِ الْخُبْزِ وَنَحْوِهَا مِنْ السُّفْرَةِ) مَا وُضِعَ عَلَيْهِ الطَّعَامُ كَالْمَائِدَةِ (وَالْحَصِيرِ وَ) مِنْ (الْأَرْضِ وَمُجَالَسَةِ الْمَسَاكِينِ) أَيْ لِأَنَّهَا مِنْ خُلُقِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَمُخَالَطَتِهِمْ) كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ» وَذَلِكَ مِنْ سِيَرِ الْمَشَايِخِ وَالصَّالِحِينَ وَفِيهَا رَغْمَ أَنْفِ الْمُتَكَبِّرِينَ.

وَعَنْ تَخْرِيجِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَلَى رِوَايَةِ «أَبِي ذَرٍّ وَصَّانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أُحِبَّ الْمَسَاكِينَ وَأَنْ أَدْنُوَ مِنْهُمْ» .

وَعَنْ تَخْرِيجِ التِّرْمِذِيِّ عَلَى رِوَايَةِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَعَنْ أَبَوَيْهَا «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا يَا عَائِشَةُ أَحَبِّي الْمَسَاكِينَ وَقَرِّبِيهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُقَرِّبُك يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .

وَفِي الْحَدِيثِ فِي شَرْحِ الشِّفَاءِ لِعَلِيٍّ الْقَارِي «اتَّخِذُوا عِنْدَ الْفُقَرَاءِ أَيَادِيَ فَإِنَّ لَهُمْ دَوْلَةً، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا دَوْلَتُهُمْ؟ قَالَ يُنَادَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا مَعْشَرَ الْفُقَرَاءِ: قُومُوا فَلَا يَبْقَى فَقِيرٌ إلَّا قَامَ حَتَّى إذَا اجْتَمَعُوا قِيلَ اُدْخُلُوا إلَى صُفُوفِ أَهْلِ الْقِيَامَةِ فَمَنْ صَنَعَ مَعَكُمْ مَعْرُوفًا فَأَوْرِدُوهُ إلَى الْجَنَّةِ قَالَ فَجَعَلَ يَجْتَمِعُ عَلَى الرَّجُلِ كَذَا وَكَذَا مِنْ النَّاسِ فَيَقُولُ الرَّجُلُ أَلَمْ أَكْسُك

<<  <  ج: ص:  >  >>