للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِعِيسَى عَلَيْهِ، وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ قَصْعَةٌ لِلشُّرْبِ وَمُشْطٌ لِلِحْيَتِهِ، وَإِبْرَةٌ لِخَيْطِ خِرْقَتِهِ فَلَمَّا رَأَى وَاحِدًا يَشْرَبُ بِكَفِّهِ رَمَى الْقَصْعَةَ وَرَأَى آخَرَ يُخَلِّلُ لِحْيَتِهِ بِأَصَابِعِهِ فَرَمَى الْمُشْطَ وَبَقَّى الْإِبْرَةَ فَلَمَّا عَرَجَ إلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ اجْتَمَعَتْ الْمَلَائِكَةُ حَوْلَهُ يَتَبَرَّكُونَ وَيَمْسَحُونَ بِمُرَقَّعَتِهِ فَعَدُّوا رِقَاعَ خِرْقَتِهِ قَرِيبًا إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَبَكَوْا، وَقَالُوا إلَهَنَا أَمَا كَانَ عِيسَى عِنْدَك يُسَاوِي قَمِيصًا جَدِيدًا مِنْ دُنْيَاك فَنُودِيَ بِهِمْ أَنَّ جَمِيعَ الدُّنْيَا لَا يُسَاوَى بِعُضْوِ حَبِيبِي عِيسَى لَكِنْ فَتِّشُوا هَلْ تَجِدُونَ مَعَهُ شَيْئًا مِنْ الدُّنْيَا فَوَجَدُوا إبْرَةً فَقَالَ تَعَالَى، وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَوْ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ هَذِهِ الْإِبْرَةُ لَرَفَعْته إلَى حَضْرَةِ الْقُدْسِ، وَعَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَلْبَسُ الشَّعْرَ وَيَأْكُلُ مِنْ الشَّجَرِ وَيَبِيتُ حَيْثُ أَمْسَى. وَفِي الْبُسْتَانِ كَانَ عُمَرُ يَخْطُبُ، وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ لَهُ سَبْعُ رِقَاعٍ نَعَمْ يَجُوزُ تَرْكُ الرِّقَاعِ فِيمَا يُخَافُ عَيْبَةُ النَّاسِ وَتَحْقِيرُهُمْ كَمَا فِي مُطْلَقِ الثِّيَابِ الْخَشِنَةِ قَالَ فِي الْبُسْتَانِ عَنْ الشَّعْبِيِّ الْبَسْ مِنْ الثِّيَابِ مَا لَا يُزْرِيك السُّفَهَاءُ، وَلَا يَعِيبُك الْفُقَهَاءُ (وَ) تَرْكُ (الْمَشْيِ حَافِيًا) بِلَا نَعْلَيْنِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ (وَرُكُوبُ الْحِمَارِ) عَارِيًّا أَوْ عَلَى الْإِكَافِ (وَالْإِكَافُ، وَلَعْقُ الْأَصَابِعِ) بَعْدَ الطَّعَامِ لَا فِي أَثْنَائِهِ؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْأَدَبِ (وَ) لَعْقُ (الْقَصْعَةِ) ، وَفِي الْبُسْتَانِ وَمِنْ السُّنَّةِ لَعْقُ أَصَابِعِهِ قَبْلَ الْمَسْحِ بِالْمِنْدِيلِ وَتَرْكُهُ مِنْ أَمْرِ الْعَجَمِ، وَأَمْرِ الْجَبَابِرَةِ وَيُقَالُ الْقَصْعَةُ تَسْتَغْفِرُ لِمَنْ يَلْعَقُهَا، وَعَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ، وَعَلَى الَّذِينَ يَلْعَقُونَ أَصَابِعَهُمْ» ، وَكَانَ «يَأْمُرُ بِلَعْقِ الْقَصْعَةِ» ، «وَكَانَ لَا يَمْسَحُ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَمُصَّهَا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ طَعَامٍ يُبَارَكُ لَهُ» (وَأَكْلُ مَا سَقَطَ عَلَى السُّفْرَةِ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الطَّعَامِ) فِي الْبُسْتَانِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ أَكَلَ مَا سَقَطَ مِنْ الْمَائِدَةِ لَمْ يَزَلْ فِي سَعَةٍ مِنْ الرِّزْقِ وَوُقِيَ الْحُمْقَ عَنْهُ، وَعَنْ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ» ، وَعَنْهُ أَيْضًا «إذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَأْخُذْهَا، وَلْيُمِطْ عَنْهَا الْأَذَى، وَلَا يَتْرُكُهَا لِلشَّيْطَانِ» (وَالْجَهْرُ بِالسَّلَامِ وَرَدُّهُ) قَالَ فِي الْبُسْتَانِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَتَيْتُمْ الْمَجْلِسَ فَسَلِّمُوا عَلَى الْقَوْمِ، وَإِذَا رَجَعْتُمْ فَسَلِّمُوا عَلَيْهِمْ فَإِنَّ التَّسْلِيمَ عِنْدَ الرُّجُوعِ أَفْضَلُ مِنْ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى» ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْمَوْتِ فَقِيلَ الرَّدُّ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ فَرْضٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى - {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: ٨٦]- وَالْأَمْرُ لِلْفَرِيضَةِ، وَقِيلَ التَّسْلِيمُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ سَابِقٌ

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ إنْ لَمْ يَرُدُّوا السَّلَامَ رَدَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ، وَلَعَنَتْهُمْ، وَإِذَا سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ يَكْفِي رَدُّ وَاحِدٍ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى الْكُلِّ ثُمَّ قَالَ الْإِسْمَاعُ فِي الرَّدِّ وَالسَّلَامِ لَازِمٌ، وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ الْفَرْضُ، وَلَمْ تَحْصُلْ السُّنَّةُ، وَإِذَا سَلَّمَ عَلَى وَاحِدٍ يَقُولُ وَعَلَيْكُمْ بِخِطَابِ الْجَمْعِ؛ لِأَنَّ مَعَهُ الْمَلَائِكَةَ. انْتَهَى إيجَازًا.

(وَالْأَذَانُ وَالْإِمَامَةُ) عَنْ الْمُصَنِّفِ فِي الْحَاشِيَةِ جَمَعَ اثْنَانِ فِي وَقْتٍ فَتَرَكَا الْإِمَامَةَ فَصَلَّيَا فُرَادَى أَثِمَا بِإِثْمَيْنِ إثْمٌ بِتَرْكِ الْإِمَامَةِ، وَإِثْمٌ بِتَرْكِ الْجَمَاعَةِ، وَإِذَا أَمَّ أَحَدُهُمَا لَمْ يَأْثَمَا. انْتَهَى. (وَ) تَرْكُ (نَحْوِ ذَلِكَ) مِنْ السُّنَنِ كَالِاعْتِكَافِ وَتَعْدِيلِ الْأَرْكَانِ (فَمَذْمُومٌ جِدًّا؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الِامْتِنَاعَ (فِي الْحَقِيقَةِ جُبْنٌ) أَيْ ضَعْفُ قَلْبٍ، وَقِلَّةُ شَجَاعَةٍ (وَضَعْفٌ فِي الدِّينِ) إذْ لَوْ كَانَ قَوِيًّا لَمَا يَخَافُ لَوْمَةَ لَائِمٍ (أَوْ رِيَاءٌ أَوْ كِبْرٌ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ حَيَاءٌ فَحَيَاءٌ مِنْ النَّاسِ وَوَقَاحَةٌ) أَيْ عَدَمُ حَيَاءٍ (لِلَّهِ تَعَالَى؛ وَلِرَسُولِهِ وَجُرْأَةٌ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَوْ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مَعَ الْمَدِّ (عَلَيْهِمَا) عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ (وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ بِالْحَيَاءِ مِنْ النَّاسِ) أَمَّا اللَّهُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الرَّسُولُ فَإِنَّ الْأَعْمَالَ تُعْرَضُ عَلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلتَّخْفِيفِ، وَإِلَّا فَكُفْرٌ قَالُوا مَنْ خَفَّفَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَحُكْمُهُ السَّيْفُ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِكُفْرِهِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْمُصَنِّفِ (فَمَا حَالُ مَنْ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ خَالِقِهِ) الَّذِي هُوَ الْمُبْدِئُ وَالْمُعِيدُ، وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، وَهُوَ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>