للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْأَرْضِ وَإِضْرَارٌ بِالْمُسْلِمِينَ وَزَيْغٌ وَإِلْحَادٌ فِي الدِّينِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [البروج: ١٠] الْآيَةَ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْفِتْنَةُ نَائِمَةٌ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ أَيْقَظَهَا» قَالَ الْمُنَاوِيُّ الْفِتْنَةُ كُلُّ مَا يَشُقُّ عَلَى الْإِنْسَانِ وَكُلُّ مَا يَبْتَلِي اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ وَعَنْ ابْنِ الْقَيِّمِ الْفِتْنَةُ قِسْمَانِ فِتْنَةُ الشُّبُهَاتِ وَفِتْنَةُ الشَّهَوَاتِ وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ فِي الْعَبْدِ وَقَدْ يَنْفَرِدَانِ (كَأَنْ يُغْرِيَ) مِنْ الْإِغْرَاءِ (النَّاسَ عَلَى الْبَغْيِ) مِنْ الْبَاغِي فَقَوْلُهُ (وَالْخُرُوجِ عَلَى السُّلْطَانِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِأَنَّ الْخُرُوجَ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا اعْزِلُوهُ وَلَوْ ظَالِمًا لِكَوْنِهِ فِتْنَةً أَشَدَّ مِنْ الْقَتْلِ وَكَذَا الْمُعَاوَنَةُ لِقَوْمٍ مَظْلُومِينَ مِنْ جِهَتِهِ إذَا أَرَادُوا الْخُرُوجَ عَلَيْهِ وَكَذَا الْمُعَاوَنَةُ لَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِكَوْنِهِ إعَانَةً عَلَى الظُّلْمِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ لَعَلَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْأَخْذِ بِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا إذْ الْخُرُوجُ عَلَى السُّلْطَانِ الظَّالِمِ لِظُلْمِهِ يُفْضِي إلَى سَفْكِ دِمَاءٍ كَثِيرَةٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَمُحَارَبَاتٍ وَمُقَاتَلَاتٍ أَكْثَرَ ضَرَرًا مِنْ ظُلْمِ السُّلْطَانِ (وَكَتَطْوِيلِ الْإِمَامِ الصَّلَاةَ) زِيَادَةً عَلَى السُّنَّةِ وَهِيَ الْفَجْرُ أَرْبَعُونَ آيَةً غَيْرُ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَكَذَا فِي الظُّهْرِ فِي رِوَايَةٍ وَفِي أُخْرَى ثَلَاثُونَ آيَةً وَفِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ عِشْرُونَ آيَةً غَيْرُهَا فَالزِّيَادَةُ عَلَى هَذَا لَا تَجُوزُ بِلَا رِضَا الْقَوْمِ وَمَعَهُ تَجُوزُ وَكَذَا النَّقْصُ مِنْهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْقَوْمُ لِأَنَّهُ تَرَكَ السُّنَّةَ وَذَا لَا يَجُوزُ لِكُلِّ الْقَوْمِ، وَالْمُتَأَخِّرُونَ اسْتَحْسَنُوا لِتَيَسُّرِ الْأَمْرِ طِوَالَ الْمُفَصَّلِ وَهِيَ مِنْ الْحُجُرَاتِ إلَى عَبَسَ فِي رِوَايَةٍ وَإِلَى الْبُرُوجِ فِي أُخْرَى فِي الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ وَأَوْسَاطَهُ فِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ وَهِيَ مِنْ إحْدَاهُمَا إلَى سُورَةِ وَالضُّحَى فِي رِوَايَةٍ وَإِلَى لَمْ يَكُنْ فِي أُخْرَى وَقِصَارَهُ فِي الْمَغْرِبِ وَهِيَ مِنْ إحْدَاهُمَا إلَى الْآخِرِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ لَمَّا أَطَالَ الصَّلَاةَ فَشَكَا مِنْهُ «أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ» وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ» .

قَالَ الْمُنَاوِيُّ أَيْ صَلَاتَهُ نَدْبًا وَقِيلَ وُجُوبًا بِشَرْطِ عَدَمِ إخْلَالِ السُّنَّةِ وَقِيلَ بِأَنْ يَنْظُرَ مَا يَحْتَمِلُهُ أَضْعَفُ الْقَوْمِ فَيُصَلِّيَ بِحَسَبِهِ وَهُوَ مِنْ الْأُمُورِ الِاعْتِبَارِيَّةِ فَرُبَّ تَطْوِيلٍ بِقَوْمٍ تَخْفِيفٌ لِلْآخَرِينَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الِاخْتِصَارَ وَالنُّقْصَانَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ «نَهَى - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ» .

«وَرَأَى رَجُلًا لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ وَقَالَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» وَقَالَ «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ لِمَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ» .

«فَإِنَّ فِيهِمْ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَالْمَرِيضَ وَذَا الْحَاجَةِ» وَحَذْفُ الْمَفْعُولِ لِلتَّعْلِيمِ فَيَشْمَلُ أَيَّةَ صَلَاةٍ كَانَتْ فَإِذَا عَلِمَ عَدَمَ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا يُطَالُ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْغَالِبِ لَا النَّادِرِ فَيُسَنُّ التَّخْفِيفُ مُطْلَقًا وَقَدْ قَالُوا لَا يَنْتَفِي الْحُكْمُ الْكُلِّيُّ بِانْتِفَاءِ دَلِيلِهِ الْجُزْئِيِّ وَلَا يَلْزَمُ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ الْعَامِ بِانْتِفَاءِ دَلِيلِهِ الْخَاصِّ وَإِنَّ الْعِلَّةَ كَثِيرًا مَا تُؤَثِّرُ جِنْسَ الْحُكْمِ لَا فِي جَمِيعِ أَفْرَادِهِ كَمَشَقَّةِ السَّفَرِ حَيْثُ قَدْ تَنْتَفِي الرُّخْصَةُ نَعَمْ إذَا أَمَّ بِقَوْمِ مَخْصُوصِينَ رَاضِينَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِهِمْ حَقٌّ لَهُ التَّطْوِيلُ وَإِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ وَيُكْرَهُ لِلْمُنْفَرِدِ إفْرَادُ التَّطْوِيلِ الْمُؤَدِّي إلَى نَحْوِ سَهْوٍ أَوْ فَوْتِ خُشُوعٍ وَفِيهِ الِاهْتِمَامُ بِتَعْلِيمِ الْأَحْكَامِ وَالرِّفْقُ بِالْخَاصِّ وَالْعَامِّ وَفِيهِ جَوَازُ تَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ وَالْقُعُودِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لَكِنْ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ تَطْوِيلَهُمَا مُبْطِلٌ وَنَزَّلُوا الْخَبَرَ عَلَى الْأَرْكَانِ الطَّوِيلَةِ انْتَهَى مَعَ زِيَادَةٍ قَلِيلَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>