لِمَنْ لَا يَعْرِفُ مَعَانِيَهُ أَوْ يَعْرِفُهَا وَلَكِنْ لَا يَتَأَمَّلُهَا وَأُيِّدَ بِقَوْلِ الْإِمَامِ الْغَيْطِيِّ وَرُدَّ بِأَنَّ مُرَادَهُ نَفْيُ كَمَالِ الثَّوَابِ لَا أَصْلِهِ وَأَشْكَلَ عَلَيْهِ بِقَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيِّ ثَوَابُ الْقُرْآنِ حَاصِلٌ بِمُجَرَّدِ التِّلَاوَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَعْنَاهُ بِالْكُلِّيَّةِ لِلتَّعَبُّدِ بِلَفْظِهِ وَأَمَّا الْأَذْكَارُ فَلَا ثَوَابَ إلَّا بِفَهْمِ مَعْنَاهَا وَلَوْ بِوَجْهٍ مَا وَرُدَّ أَيْضًا بِمَنْعِ الْفَرْقِ بَلْ الْقِيَاسُ عَدَمُ فَرْقِهِمَا نَعَمْ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْفَهْمِ وَعَدَمِهِ وَاقِعٌ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي أَصْلِ الثَّوَابِ وَبَقِيَ أَنَّهُ فِي الْقُشَيْرِيَّةِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُعَاذٍ أَنَّهُ قَالَ زَلَّةٌ وَاحِدَةٌ بَعْدَ التَّوْبَةِ أَقْبَحُ مِنْ سَبْعِينَ قَبْلَهَا فَتَأَمَّلْ حَتَّى يَحْصُلَ التَّوْفِيقُ.
(وَضَرَرُهُ) أَيْ ضَرَرُ الْإِصْرَارِ (غَنِيٌّ عَنْ الْبَيَانِ وَيَكْفِيك) فِي الضَّرَرِ (جَعْلُهُ) أَيْ الْإِصْرَارِ (الصَّغِيرَةَ كَبِيرَةً لِوُرُودِ أَنْ «لَا صَغِيرَةَ مَعَ الْإِصْرَارِ» لِأَنَّهُ يَجْعَلُهَا كَبِيرَةً بِالْمُوَاظَبَةِ فَعَفْوُ كَبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَتْبَعُهَا مِثْلُهَا أَرْجَى مِنْ صَغِيرَةٍ يُوَاظِبُ عَلَيْهَا «وَلَا كَبِيرَةَ مَعَ الِاسْتِغْفَارِ» وَالْحَدِيثُ فِي الْجَامِعِ عَلَى رَمْزِ الدَّيْلَمِيِّ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَفِي شَرْحِهِ وَفِيهِ أَبُو شَيْبَةَ قَالَ الْبُخَارِيُّ لَا يُتَابَعُ حَدِيثُهُ وَرَوَاهُ ابْنُ شَاهِينِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَكَذَا الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ انْتَهَى لَكِنْ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ.
اعْلَمْ أَنَّ الصَّغِيرَةَ كَبِيرَةٌ بِأَسْبَابٍ مِنْهَا الْإِصْرَارُ وَمِنْهَا اسْتِصْغَارُ الذَّنْبِ كَمَا أَنَّ اسْتِعْظَامَهُ يَجْعَلُهُ صَغِيرَةً وَمِنْهَا الْفَرَحُ وَالتَّمَدُّحُ كَمَا يُقَالُ أَمَا رَأَيْتَنِي كَيْفَ هَتَكْت عِرْضَ فُلَانٍ وَذَكَرْت سَيِّئَاتِهِ حَتَّى أَخْجَلْته وَكَيْفَ رَوَّجْت عَلَيْهِ الزَّائِفَ وَخَدَعْته وَمِنْهَا أَنْ يَتَهَاوَنَ بِسِتْرِ اللَّهِ وَإِمْهَالِهِ إيَّاهُ وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ إنَّمَا أَمْهَلَهُ لِيَزْدَادَ إثْمًا فَيَظُنَّ أَنَّهُ تَمْكِينٌ وَعِنَايَةٌ مِنْهُ تَعَالَى وَهُوَ اسْتِدْرَاجٌ وَمَقْتٌ وَمِنْهَا أَنْ يَذْكُرَ ذَنْبَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهُ عَالِمًا يُقْتَدَى بِهِ فَإِذَا عُلِمَ مِنْهُ كَبُرَ ذَنْبُهُ كَلُبْسِهِ الْحَرِيرَ وَدُخُولِهِ عَلَى الظَّلَمَةِ مَعَ تَرْكِ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ وَإِطْلَاقِهِ فِي الْأَعْرَاضِ وَتَعَدِّيهِ بِاللِّسَانِ فِي الْمُنَاظَرَةِ وَقَصْدِهِ الِاسْتِخْفَافَ وَاشْتِغَالِهِ مِنْ الْعُلُومِ بِمَا لَا يَقْصِدُ مِنْهُ إلَّا الْجَاهَ كَعِلْمِ الْجَدَلِ اعْلَمْ أَنَّ لَك عَلَيْنَا أَنْ نُفَصِّلَ الْمَعْصِيَتَيْنِ بَعْضَ تَفْصِيلٍ وَقَدْ سَبَقَ فِي الِاعْتِقَادِ ذِكْرُ الْكَبِيرَةِ وَبَعْضِ تَفَاصِيلِهَا فَلْنَذْكُرْ بَقِيَّتَهَا عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى الزَّيْنِيَّةِ شُرْبُ الْخَمْرِ وَإِنْ قَلَّ وَلَمْ يُسْكِرْ وَالنَّبِيذِ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَهُ لَا حِلَّهُ إلَّا إذَا رَامَ مُنَادَمَةً عَلَيْهِ وَحُضُورًا مَعَ الْفَسَقَةِ وَلِلْمُقَلِّدِ حُكْمُ مُقَلَّدِهِ وَالْغَصْبُ بِمِقْدَارِ نِصَابِ السَّرِقَةِ وَتَرْكُ الزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ عَنْ وَقْتِهِ وَالْحَجُّ إذَا فَاتَ وَالسِّحْرُ تَعْلِيمًا أَوْ تَعَلُّمًا أَوْ عَمَلًا وَإِحْرَاقُ حَيَوَانٍ عَبَثًا وَأَكْلُ مَيْتَةٍ بِلَا اضْطِرَارٍ وَالنَّمِيمَةُ وَالْغِيبَةُ لِمَنْ لَا يَتَظَاهَرُ بِفِسْقِهِ وَالْقِمَارُ وَالسَّرَفُ وَالسَّعْيُ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ فِي الْمَالِ وَالدِّينِ وَعُدُولُ الْحَاكِمِ عَنْ الْحَقِّ وَقَطْعُ الطَّرِيقِ وَإِدْمَانُ الصَّغِيرِ وَالْإِعَانَةُ عَلَى الْمَعَاصِي وَالْحَثُّ عَلَيْهَا وَالتَّغَنِّي لِلنَّاسِ وَتَغَنِّي الْمَرْأَةِ مُطْلَقًا وَكَشْفُ الْعَوْرَةِ فِي الْحَمَّامِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَالْبُخْلُ عَنْ أَدَاءِ وَاجِبٍ وَتَفْضِيلُ عَلِيٍّ عَلَى الشَّيْخَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَقَتْلُ نَفْسِهِ أَوْ إتْلَافُ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ وَهُوَ أَعْظَمُ وِزْرًا مِنْ قَاتِلِ غَيْرِهِ وَعَدَمُ اسْتِنْزَاهِ الْبَوْلِ وَالْمَنُّ وَالْأَذَى فِي الصَّدَقَةِ وَالتَّكْذِيبُ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدْرِ وَالْغَدْرُ بِأَمِيرِهِ وَتَصْدِيقُ كَاهِنٍ أَوْ مُنَجِّمٍ وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ وَالذَّبْحُ لِمَخْلُوقٍ وَإِسْبَالُ الْإِزَارِ خُيَلَاءَ وَالدُّعَاءُ إلَى ضَلَالَةٍ وَسَنُّ سُنَّةٍ وَالْإِشَارَةُ إلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ وَالْجِدَالُ وَالْمِرَاءُ وَخَصْيُ الْعَبْدِ وَقَطْعُ شَيْءٍ مِنْ أَعْضَائِهِ وَتَعْذِيبُهُ وَكُفْرَانُ نِعْمَةِ الْمُحْسِنِ وَمَنْعُ فَضْلِ الْمَاءِ وَالْإِلْحَادُ فِي الْحَرَمِ وَالتَّجَسُّسُ وَاللَّعِبُ بِالنَّرْدِ وَالطَّابِ وَالْمِنْقَلَةِ وَكُلِّ لَهْوٍ مُجْمَعٍ عَلَى تَحْرِيمِهِ.
وَعَدَّ الْعَلَائِيُّ أَكْلَ الْحَشِيشِ مِنْ الْكَبَائِرِ وَقَوْلُ الْمُسْلِمِ لِلْمُسْلِمِ يَا كَافِرُ وَعَدَمُ الْعَدْلِ بَيْنَ النِّسَاءِ فِي الْقَسْمِ وَنَاكِحُ الْكَفِّ وَوَاطِئُ الْحَائِضِ وَالسُّرُورُ بِالْغَلَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِتْيَانُ الْبَهِيمَةِ وَعَدَمُ عَمَلِ الْعَالِمِ بِعِلْمِهِ وَعَيْبُ الطَّعَامِ وَالرَّقْصُ بِالرَّبَابِ وَمَحَبَّةُ الدُّنْيَا وَالنَّظَرُ إلَى وَجْهِ الْأَمْرَدِ الْحَسَنِ وَإِلَى دَاخِلِ بَيْتِ غَيْرِهِ.
وَأَمَّا الصَّغَائِرُ فَقَالُوا النَّظَرُ إلَى مُحَرَّمٍ وَالتَّقْبِيلُ وَاسْتِمْنَاءٌ بِقَصْدِ الشَّهْوَةِ لَا لِتَسْكِينِهَا وَاللَّمْسُ وَالْخَلْوَةُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَاللَّعْنُ وَلَوْ لِبَهِيمَةٍ وَكِذْبٌ لَا حَدَّ فِيهِ وَلَا إضْرَارَ وَهَجْوُ مُسْلِمٍ وَلَوْ تَعْرِيضًا وَصِدْقًا وَالْإِشْرَافُ عَلَى بُيُوتِ النَّاسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute