للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُ فَذَكَرَهُ انْتَهَى وَقِيلَ لِسَانُك أَسَدُك إنْ أَطْلَقْته يَفْتَرِسْك.

(ت. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمَ بِالْكَلِمَةِ» الْوَاحِدَةِ «لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا» يَعْنِي لَا يَظُنُّ كَوْنَهَا ذَنْبًا وَلَا مُؤَاخَذَةَ - {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: ١٥]- «يَهْوِي بِهَا» يَسْقُطُ بِسَبَبِهَا (سَبْعِينَ خَرِيفًا) أَيْ دَائِمًا أَوْ سَنَةً «فِي النَّارِ» لِمَا فِيهَا مِنْ الْأَوْزَارِ الَّتِي لَيْسَ عِنْدَ الْعَاقِلِ الْمِسْكَيْنِ مِنْهَا إشْعَارٌ فَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يُمَيِّزَ بَيْنَ أَشْكَالِ الْكَلَامِ قَبْلَ نُطْقِهِ مِنْ فَمِهِ فَمَا كَانَ مِنْ حُظُوظِ النَّفْسِ وَإِظْهَارِ صِفَاتِ الْمَدْحِ وَنَحْوِهِ تَجَنَّبَهُ وَمَنْ آمَنَ بِهَذَا الْخَبَرِ حَقَّ إيمَانِهِ اتَّقَى اللَّهَ فِي لِسَانِهِ وَقَلَّلَ كَلَامَهُ حَسَبَ إمْكَانِهِ سِيَّمَا فِيمَا يُنْهَى عَنْ الْكَلَامِ فِيهِ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ اللِّسَانُ إنَّمَا خُلِقَ لَك لِتُكْثِرَ بِهِ ذِكْرَ اللَّهِ وَتِلَاوَةَ كِتَابِهِ وَتُرْشِدَ بِهِ الْخَلْقَ إلَى طَرِيقِهِ أَوْ تُظْهِرَ بِهِ مَا فِي ضَمِيرِك مِنْ حَاجَاتِ دِينِك وَدُنْيَاك فَإِذَا اسْتَعْمَلْته لِغَيْرِ مَا خُلِقَ لَهُ فَقَدْ كَفَرْت نِعْمَةَ اللَّهِ فِيهِ وَهُوَ أَغْلَبُ أَعْضَائِك وَلَا يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ إلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ فَاسْتَظْهِرْ بِغَايَةِ قُوَّتِك حَتَّى لَا يَكُبَّك فِي قَعْرِ جَهَنَّمَ وَفِي الْحَدِيثِ «إنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمَ الْكَلِمَةَ لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا لِيُضْحِكَ بِهَا الْقَوْمَ» أَيْ: لِأَجْلِ أَنْ يُضْحِكَهُمْ «وَإِنَّهُ لَيَقَعَ بِهَا أَبْعَدَ مِنْ السَّمَاءِ» أَيْ يَقَعُ فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِنْ وُقُوعِهِ مِنْ السَّمَاءِ إلَى الْأَرْضِ فَعَلَى الْعَاقِلِ ضَبْطُ جَوَارِحِهِ فَإِنَّهَا رَعَايَاهُ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى - {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا} [الإسراء: ٣٦]- وَإِنَّ مِنْ أَكْثَرِ الْمَعَاصِي عَدَدًا وَأَيْسَرِهَا وُقُوعًا آثَامَ اللِّسَانِ إذْ آفَاتُهُ تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: ٧٠]-.

(تَنْبِيهٌ)

أَخَذَ الشَّافِعِيُّ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ أَنَّ اعْتِيَادَ حِكَايَاتٍ تُضْحِكُ أَوْ فِعْلَ خَيَالَاتٍ كَذَلِكَ رَادٌّ لِلشَّهَادَةِ وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ حَرَامٌ وَآخَرُونَ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ وَخَصَّهُ بَعْضٌ بِمَا يُؤْذِي الْغَيْرَ كُلُّهُ مِنْ الْفَيْضِ

(دُنْيَا. عَنْ أَمَةَ بِنْتِ الْحَكَمِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «إنَّ الرَّجُلَ لَيَدْنُو» يَقْرَبُ «مِنْ الْجَنَّةِ» بِالطَّاعَاتِ وَجْهُ التَّأْكِيدِ مَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِعْبَادِ الْعَادِيِّ الْعَقْلِيِّ «حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَّا قِيدُ» قَدْرَ «رُمْحٍ فَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ» الْوَاحِدَةِ الْقَبِيحَةِ شَرْعًا «فَيَتَبَاعَدُ مِنْهَا» أَيْ مِنْ الْجَنَّةِ «أَبْعَدَ مِنْ صَنْعَاءَ» بِالْمَدِّ بَلَدٌ مَعْرُوفٌ فِي الْيَمَنِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ مِنْ مَكَّةَ وَبِغَيْرِ مَدٍّ بَلْدَةٌ بِالشَّامِ مِقْدَارَ خَمْسِينَ مَرْحَلَةٍ مِنْ مَكَّةَ (نُعَيْمٌ) أَبُو نُعَيْمٍ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ سَقَطُهُ» أَيْ زَلَّتُهُ سَبَقَ قَرِيبًا تَفْصِيلٌ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ جَعَلْت عَلَى نَفْسِي بِكُلِّ كَلِمَةٍ فِيمَا لَا يَعْنِي صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ فَسَهُلَ ذَلِكَ فَجَعَلْت لِكُلِّ كَلِمَةٍ صَوْمَ يَوْمٍ فَسَهُلَ عَلَيَّ فَلَمْ أَنْتَهِ حَتَّى جَعَلْت عَلَى نَفْسِي بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَصَدُّقًا بِدِرْهَمٍ فَصَعُبَ عَلَيَّ فَانْتَهَيْت (زَ) الْبَزَّازُ (عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «طُوبَى» تَأْنِيثُ أَطْيَبَ أَيْ رَاحَةٌ وَطِيبُ عَيْشٍ لَعَلَّك سَمِعْت تَفْصِيلَ مَعْنَاهَا لَكِنْ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَحَادِيثُ تَفْسِيرٍ لِمَعْنَاهَا نَحْوَ «طُوبَى: شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ مِائَةِ عَامٍ ثِيَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَخْرُجُ

<<  <  ج: ص:  >  >>