أَوْ الدُّعَاءِ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ أَيْ بَوَّأَهُ اللَّهُ ذَلِكَ وَاحْتِمَالُ كَوْنِهِ أَمْرًا حَقِيقَةً وَالْمُرَادُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَأْمُرْ نَفْسَهُ بِالتَّبْوِئَةِ بَعِيدٌ وَهَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ يُفِيدُ أَنَّ الْكَذِبَ عَلَيْهِ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ بَلْ عَدَّهُ بَعْضُهُمْ مِنْ الْكُفْرِ.
قَالَ الذَّهَبِيُّ وَتَعَمُّدُ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي تَحْرِيمِ حَلَالٍ أَوْ عَكْسِهِ كُفْرٌ مَحْضٌ وَلَاحَ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ أَنَّ رِوَايَةَ الْمَوْضُوعِ لَا تَحِلُّ كَذَا فِي الْفَيْضِ.
وَعَنْ النَّوَوِيِّ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وَضْعُهُ وَقِيلَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مِائَتَانِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْحَدِيثِ مَا يَرْوِيه الْعَشَرَةُ الْمُبَشَّرَةِ غَيْرُ هَذَا وَلِهَذَا قِيلَ لَوْ كَانَ فِي الْحَدِيثِ تَوَاتُرٌ لَفْظِيٌّ لَكَانَ هَذَا فَقَطْ وَعَنْ مَوْضُوعَاتِ عَلِيٍّ الْقَارِي وَلِلتَّحَرُّزِ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ كَانَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَالصَّحَابَةُ يَتَّقُونَ كَثْرَةَ الْحَدِيثِ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَطْلُبَانِ مَنْ رَوَى لَهُمَا حَدِيثًا لَمْ يَسْمَعَاهُ بَيِّنَةً وَيَتَوَعَّدَانِ فِي ذَلِكَ وَكَانَ بَعْضُ الْمُحْتَاطِينَ خَوْفًا مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ يَقُولُ قَرِيبًا مِنْ هَذَا أَوْ نَحْوَ هَذَا أَوْ شِبْهَ هَذَا وَمِنْ جُمْلَةِ الْمُحْتَاطِينَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا فَرْقَ فِي الْحُرْمَةِ بَيْنَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ وَالْفَضَائِلِ وَالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَالْمَوَاعِظِ فَإِنَّ كُلَّهُ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ كَذَا نُقِلَ عَنْ النَّوَوِيِّ وَأَمَّا الضَّعِيفُ فَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الِاعْتِقَادِيَّاتِ وَالْأَحْكَامِ وَقَدْ سَبَقَ زِيَادَةُ تَفْصِيلِهِ قَبْلُ
(فَمِنْ الِافْتِرَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى الْإِفْتَاءُ بِغَيْرِ عِلْمٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ} [النحل: ١١٦] مَفْعُولُ لَا تَقُولُوا وَهَذَا حَلَالٌ بَدَلٌ مِنْهُ أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِتَصِفُ عَلَى إرَادَةِ الْقَوْلِ أَيْ وَلَا تَقُولُوا الْكَذِبَ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ فَتَقُولُوا {هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [النحل: ١١٦] بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ " لِمَا تَصِفُ " وَاللَّامُ لِلْعَاقِبَةِ قَالَ الْمَوْلَى الْمُحَشِّي وَمِنْ الِافْتِرَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى التَّوَاجُدُ وَهُوَ ادِّعَاءُ الْوِلَايَةِ وَالْكَرَامَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى (د. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا) هُوَ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلًا أَوْ فِعْلًا أَوْ صِفَةً «مَنْ أُفْتِيَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إثْمُهُ عَلَى مَنْ أَفْتَاهُ»
إنْ كَانَ الْمُفْتِي مَعْرُوفًا بِالْفِقْهِ وَالثِّقَةِ وَلَمْ يَكُنْ خَطَأً فِي الِاجْتِهَادِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا فَالْإِثْم عَلَيْهِمَا أَوْ كَانَ مَعْرُوفًا وَكَانَ خَطَأً فِي الِاجْتِهَادِ فَلَا إثْمَ بَلْ الْأَجْرُ لَازِمٌ وَيُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ قَالَ فِي التتارخانية وَلَا يَجُوزُ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute