للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْلَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُدْلِعُ» بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ يُخْرِجُ «لِسَانَهُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ» حِينَ صَبَاوَتِهِ وَهَذَا مِزَاحٌ فِعْلِيٌّ «وَيَرَى الصَّبِيُّ لِسَانَهُ فَيَهَشُّ» أَيْ يَتَحَرَّك وَيَرْتَاحُ «إلَيْهِ» وَهَذَا مِزَاحٌ فِعْلِيٌّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَشَرْطُ جَوَازِهِ) قَوْلًا أَوْ فِعْلًا (أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ كَذِبٌ وَلَا رَوْعُ مُسْلِمٍ) وَإِلَّا فَيَحْرُمُ (دت عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَا يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ عَصَا أَخِيهِ لَعِبًا وَلَا جِدًّا» لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْوِيعٍ وَتَخْوِيفٍ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ أَتَى لِبَيَانِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بَيَانًا إذَا كَانَ فِي أَخْذِ الْعَصَا كَذِبٌ كَأَنْ يَرَى غَصْبَ عَصَاهُ وَهُوَ لَا يُرِيدُهُ أَوْ تَرْوِيعٌ كَأَنْ يُخِيفَهُ بِغَصْبِ عَصَاهُ وَلَا يُرِيدُهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ كِلْتَا الصُّورَتَيْنِ مِنْ قَبِيلِ الْمِزَاحِ الْفِعْلِيِّ هَذَا لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ دَلَالَةَ إطْلَاقِ الْحَدِيثِ عَلَى هَذَا التَّقْيِيدِ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ فَافْهَمْ (د عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قِيلَ لَا يَضُرُّ إبْهَامُهُمْ لِأَنَّهُمْ عُدُولٌ فَتَدَبَّرْ

أَقُولُ وَذَلِكَ بِشَهَادَةِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِأَنَّ «خَيْرَ الْقُرُونِ قَرْنِي» .

«وَأَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ» لَكِنْ يَشْكُلُ بِالْكَلَامِ فِي تَفْصِيلِ مُرْسَلِ التَّابِعِيِّ لَعَلَّ وَجْهَ عَدَمِ التَّصْرِيحِ الْإِغْنَاءُ عَنْ التَّفْصِيلِ الْمُتَعَذِّرِ أَوْ الْمُتَعَسِّرِ كَمَا فِي قَوْلِهِ حَضَرَ الْيَوْمَ عُلَمَاءُ الْبَلَدِ «أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْرُونَ» أَيْ يَسِيرُونَ لَيْلًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى} [الإسراء: ١]- «مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ» عَلَى نَاقَتِهِ «فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إلَى حَبْلٍ مَعَهُ» أَيْ مَعَ ذَلِكَ النَّائِمِ «فَأَخَذَهُ» أَيْ الْبَعْضُ ذَلِكَ الْحَبْلَ عَلَى وَجْهِ الْمِزَاحِ «فَفَزِعَ» أَيْ النَّائِمُ بَعْدَ الِاسْتِيقَاظِ لَمَّا لَمْ يَجِدْ حَبْلَهُ (فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا» إذْ «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ يَدِهِ وَلِسَانِهِ» الْحَدِيثَ فَطَبِيعَةُ الْإِسْلَامِ أَوْجَبَتْ السَّلَامَةَ مِنْ التَّرْوِيعِ وَالتَّخْوِيفِ فَفِي التَّعْبِيرِ بِلَفْظِ " الْمُسْلِمُ " تَنْبِيهٌ عَلَى عِلَّةِ الْحُكْمِ كَأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمَذْهَبِ الْكَلَامِيِّ فِي صَنْعَةِ الْبَدِيعِ وَمِنْ الْقَضَايَا الَّتِي قِيَاسَاتُهَا مَعَهَا فَافْهَمْ وَأَيْضًا سَبَقَ حَدِيثُ «مَنْ أَخَافَ مُؤْمِنًا كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُؤَمِّنَهُ مِنْ إفْزَاعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ لَا يَحِلُّ ذَلِكَ وَإِنْ هَازِلًا كَإِشَارَتِهِ بِسَيْفٍ أَوْ حَدِيدَةٍ أَوْ أَفَاعِي أَوْ أَخْذِ مَتَاعِهِ فَيَفْزَعُ لِفَقْدِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إدْخَالِ الْأَذَى وَالضَّرَرِ عَلَيْهِ انْتَهَى

أَقُولُ فَيَلْزَمُ التَّعْزِيرُ عَلَيْهِ لِمَا قَالُوا مَنْ آذَى غَيْرَهُ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يُعَزَّرُ وَلَوْ بِغَمْزِ الْعَيْنِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة (وَإِكْثَارُهُ) أَيْ الْمِزَاحِ مَعَ وُجُودِ شَرْطِ الْجَوَازِ (مَذْمُومٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>